فليتَّق المسلم ربه، وليحافظ على سلامة دينه، وليغضّ بصره عما حرَّم الله عليه، وليكن حريصاً على صيانة عورات المسلمين، بعيدا عن كل ما يثير الفتنة. وعلى النساء المسلمات تقوى الله في أنفسهن، والبعد عما يثير غرائز الرجال. إن البعض من المسلمات هدانا الله وإياهن كثير منهن حصل عليهن نقص في اللباس، فتخرج المرأة إلى السوق أو إلى أي ملتقى سافرةً وجهَها، متعطرةً، متجمِّلةً، في أعلى زينتها، ذلك من أسباب إثارة غرائز الرجال، وتعلٌّق الفسّاق والأراذل بها. قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم. فلتتق المرأة ربها، ولتصن عرضَها، ولتبتعد عما يثير الفتنة، ولتكن المرأة المسلمة بعيدة عما عسى أن يكون سبباً للإثارة، فتحفظ دينها، ولا تحمل الرجال على النظر إليها. وعلى الجميع تقوى الله في أحوالهم كلها، ففي الوقوف عند تعاليم الشريعة سببٌ للاستقامة والثبات على الحق. أسأل الله أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله حمداً كثيرًا طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
إن الصداقة بين الجنسين في غير المجالات المشروعة تكون أخطر ما تكون في سن الشباب، حيث العاطفة القوية التي تغطي على العقل، إذا ضعف العقل أمام العاطفة القوية كانت الأخطار الجسيمة، وبخاصة ما يمس منها الشرف الذي هو أغلى ما يحرص عليه كل عاقل من أجل عدم الالتزام بآداب الصداقة بين الجنسين في سن الشباب كانت ممنوعة، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، ومن تعاليمه البعد عن مواطن الشبه التي تكثر فيها الظنون السيئة، والقيل والقال، ورحم الله امرأ ذب الغيبة عن نفسه. ولا يجوز أن ننسى أبدا شهادة الواقع لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرحال من النساء" رواه البخاري ومسلم. انتهى.
فوائد ومنافع غض البصر وقد تكلم العلماء في فضيلة غض البصر وما يعود على صاحبه من فوائد جمة، ومنافع لا تحصى.. وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم - ملتقى الخطباء. فقالوا: إن من فوائد غض البصر: أولا: أنه طاعة لله تعالى الكبير المتعال الذي أمر بغض البصر فقال: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30-31]. ثانيا: أنه طاعة لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه القائل: « لا تتبع النظر النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة » (رواه أبو داود والترمذي). ثالثا: يورث الحكمة والنور والبصيرة في القلب ، فمن ترك النظر إلى ما حرم الله بنور عينه عوضه الله تعالى نورا في القلب، فيطلق له نور بصيرته يبصر به الحق من الباطل، { إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} ، والجزاء من جنس العمل، ولعل هذا هو السر في ذكر آية غض البصر في سورة النور ؛ كما أشار إليه شيخ الإسلام. رابعا: غض البصر أعظم سبيل لحفظ الفرج، فإن الله تعالى أمر بغض البصر قبل أن يأمر بحفظ الفرج، وتأمل الآية الكريمة { يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}.
كما قال تعالى: { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} غافر / 19. " فعلى المسلم أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن ، وأن يبتعد عما حرَّمه الله عليه من الخلوة والنظر والمصافحة والتقبيل وغيرها من المحرَّمات والتي هي مقدمات لفاحشة الزنا. ولا يغتر العاصي بأنه لن يقع في الفاحشة وأنه سيكتفي بهذه المحرمات عن الزنا ، فإن الشيطان لن يتركه. وليس في هذه المعاصي كالقبلة ونحوها حد لأن الحد لا يجب إلا بالجماع ( الزنى) ، ولكن يعزره الحاكم ويعاقبه بما يردعه وأمثاله عن هذه المعاصي.