(فرعون)، اسم أعجميّ معرفة، لقب لمن ملك مصر. قيل: ولا يعرف لفرعون تفسير بالعربيّة. وقد اشتقّ من هذا اللقب- لعتوّ صاحبه وجبروته- فعل تفرعن أي أصبح ذا دهاء ومكر. (سوء)، اسم لما يزعج الإنسان من أمر دنيوي أو أخروي، وهو في الأصل مصدر ويؤنّث بالألف السوءى، وزنه فعل بضمّ فسكون. (العذاب)، اسم مصدر لفعل عذّب لأن حروفه نقصت عن حروف المصدر وهو تعذيب. وزنه فعال بفتح الفاء.. وانظر الآية (7) من هذه السورة. (أبناء)، جمع ابن- انظر الآية 40- (يستحيون)، فيه إعلال بالحذف، أصله يستحييون بكسر الياء الأولى، وقد جرى فيه الحذف مجرى تشتروا (الآية 41). وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين. (نساء)، الهمزة فيه منقلبة عن واو لظهورها في مرادفه نسوة أو نسوان، أصله نساو، فلمّا جاءت الواو متطرّفة بعد الألف قلبت همزة وهذا القلب مطّرد. وهو جمع لا مفرد له من لفظه، مفرده امرأة. (بلاء) مصدر سماعيّ لفعل بلا يبلو باب نصر، والهمزة فيه منقلبة عن واو- كما ظهر في الفعل- وزنه فعال بفتح الفاء. البلاغة: 1- المجاز المرسل: في قوله تعالى: (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) فقد ذبحوا بعض الأبناء فقط، لأنهم لم يذبحوا الأصاغر والأكابر فعلاقة هذا المجاز العموم.. إعراب الآية رقم (50): {وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله كما هو اهل الحمد، وأفضل صلواته على النبي المصطفى محمد، وعلى آله اولي العلى والمجد.
– إن فقهاءنا الأبرار -رحمهم الله تعالى جميعاً- وظيفتهم بيان الجانب الفقهي، فتصدوا لبيان جهة الإجزاء.. ولكن الإجزاء في عالم، والقبول في عالم آخر.. ولهذا فإنه كما أن الفقهاء أتعبوا نفوسهم الشريفة من أجل الوصول إلى ظاهر الصلاة، لا بد أن يأتي قوم بمستوى الفقهاء أيضاً لبيان أسرار الصلاة. – إن الذين يبحرون في بحر الصلاة، يكتشفون من الأسرار والأمور ما لم يخطر على قلب بشر، فهناك أمور خفية نحن لا ندركها.. عن الإمام علي (عليه السلام): (لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره أن يرفع رأسه من السجود).. فجلال الله أمر مهم لم يُحدد، وليس خاصا بمراجع التقليد، بل هذا الجلال قد يغشى إنسانا بسيطا. – ومن هنا يجب تهيئة النفس قبل الدخول في الصلاة، كأن يلهج بالآيات المُسخنة قبل التكبير مثل: (وجهت وجهي وسلمت أمري إلى فاطر السموات الأرض).. أو محاولة مخاطبة النفس: بأن كل الأوقات كانت للدنيا، والآن جاء وقت الصلاة، وبالتالي، يجب أن لا أفكر في الدنيا.. إذا وصل أحدنا إلى هذه المرحلة فهنيئاً له!.. فعندما يقف العبد ليصلي، ولا أحد أمامه، في غرفة مقفلة، وفي محراب لا أحد فيه.. فإذا كان لا يعتقد بما وراء الطبيعة لماذا يصلي؟.. وإذا كان يعتقد بعالم الغيب عليه أن يقف وقفة تتناسب مع من يقف أمامه، فهو يخاطب فاطر السماوات والأرض.. إن الأولياء الصالحين يجعلون ثوبا خاصا لصلاتهم، وسجادة خاصة للصلاة، وطيبا خاص بالصلاة، وغرفة خاصة للصلاة.. لأنه مشروع لقاء، فكما أن اللقاء مع الوزير أو الوكيل، يحتاج إلى كل هذه المقدمات فكذلك اللقاء مع رب العالمين يكون هكذا!
وقال آخرون: بل ذلك لأزواج رسول الله ﷺ خاصة، دون سائر النساء غيرهنّ. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾... الآية، أزواج النبيّ ﷺ خاصة. وقال آخرون: نزلت هذه الآية في شأن عائشة، وعني بها كلّ من كان بالصفة التي وصف الله في هذه الآية، قالوا: فذلك حكم كلّ من رمى محصنة، لم تقارف سُوءًا. ⁕ حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد، عن جعفر بن برقان، قال: سألت ميمونا، قلت: الذي ذكر الله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾... إلى قوله: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فجعل في هذه توبة، وقال في الأخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ﴾... إلى قوله: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ قال ميمون: أما الأولى فعسى أن تكون قد قارفت، وأما هذه، فهي التي لم تقارف شيئا من ذلك. ان الذين يرمون المحصنات الغافلات. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام بن حوشب، عن شيخ من بني أسد، عن ابن عباس، قال: فسَّر سورة النور، فلما أتى على هذه الآية ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾... الآية، قال: هذا في شأن عائشة وأزواج النبيّ ﷺ، وهي مبهمة، وليست لهم توبة، ثم قرأ ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾... إلى قوله: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا﴾... الآية، قال: فجعل لهؤلاء توبة، ولم يجعل لمن قذف أولئك توبة، قال: فهمّ بعض القوم أن يقوم إليه فيقبل رأسه من حسن ما فسَّر سورة النور.
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة ، وهي الحرة البالغة العفيفة ، فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا ، ليس في هذا نزاع بين العلماء. تفسير آية: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء... }. فأما إن أقام القاذف بينة على صحة ما قاله ، رد عنه الحد; ولهذا قال تعالى: ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) ، فأوجب على القاذف إذا لم يقم بينة على صحة ما قاله ثلاثة أحكام: أحدها: أن يجلد ثمانين جلدة. الثاني: أنه ترد شهادته دائما. الثالث: أن يكون فاسقا ليس بعدل ، لا عند الله ولا عند الناس.
إن الله عز وجل لم يضيق عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية التي تلازمها في البيت -وهي بريرة - تصدقك). ثم استشار النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد حب النبي عليه الصلاة والسلام، فقال أسامة: (أهلك -يا رسول الله- وما علمت عليهم إلا خيراً) فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم: بريرة ، فقال: ( يا بريرة! هل رأيت من عائشة شيئاً يريبك؟ قالت: ما رأيت منها إلا خيراً يا رسول الله، إلا أنها جارية حديثة تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله) أي: أن عائشة تغفل عن العجين فتأتي الشاة فتأكل هذا العجين. ان الذين يرمون المحصنات الغافلات اسلام ويب. فاشتد الوضع على النبي صلى الله عليه وسلم فقام يخطب على المنبر ويقول: ( من يعذرني من رجل بلغني آذاه في أهلي؟ والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه-سيد الأوس-: أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان منا قتلناه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة -وكان رجلاً صالحاً كما وصفته أم المؤمنين عائشة ، ولكن احتملته حمية الجاهلية- وقال: والله لا تقتله ولا تقدر على قتله.
وقد قال ابن قتيبة في كتابه "الشعر والشعراء" (ص 187 - 190، طبع ليدن، 1902م): بأنه كان فاسقًا رقيق الإسلام؛ اهـ. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النور - الآية 23. واختلفوا فيمن رمى محصنًا بعمل قوم لوط، فقيل: يُحد، وقيل: يُعزَّر ولا يُحد. وقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾؛ أي: ثم لم يجيئوا على هذا الرمي بأربعةٍ يشهدون بثبوت الزنا على المقذوف، فاضربوهم ثمانين سوطًا، واطرحوا شهادتهم، فلا تقبلوا لهم شهادة، وسموهم الفسقة. والتعبير بـ(ثم) للإشعار بجواز تأخير الإتيان بالشهود، وإنما شرط الأربعة رحمةً بعباده وسترًا لهم، فلو نقص الشهود عن أربعة اعتبروا قاذفين، وأقيم عليهم الحد، وإنما يعتبرون فاسقين في هذه الحالة مع أنهم قد يكونون شاهدوا زنا المقذوف حقًّا؛ لأن الإسلام يُوجِب عليهم إذا لم يستطيعوا الإثبات أن يستروا؛ صيانةً للمجتمع أن تشيع فيه الفاحشة دون زاجر عنها، فإذا لم يستروا كانوا فاسقين عن أمر الله المقتضي للستر. والمخاطب بالأمر في قوله: ﴿ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾ الحكام ونوابهم، والأمر للوجوب، فيجب على الإمام أو نائبه جلد القاذف وإن لم يطالب المقذوف.
تفسير آية: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ... ﴾ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 4، 5]. الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآيتان: بيان حد القذف وما يتعلق به. سبب نزول الآية " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " | المرسال. ومناسبتهما لما قبلهما: لما ذكر حد الزنا وحكم نكاح الزناة، بيَّن هنا حد القذف بالزناة وما يتعلَّق به. ومعنى ﴿ يَرْمُونَ ﴾ يقذفون، والمراد هنا: القذف بالزنا لدلالة السياق عليه؛ إذ الكلام قبله وبعده في شأن الزنا؛ كما أنَّ قوله: ﴿ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ يدل على ذلك؛ إذ إن هذا العدد إنما يُشترط لإثبات الزنا خاصة. ولا يُشترط في الرامي أن يكون رجلًا: للإجماع على عدم اشتراط الذكورة في القاذف. كما أنَّ قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ﴾ يشمل بعمومه مَن قذف زوجته، لكن الزوج مخصوص بقوله فيما بعد: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾. و(المحصنات) جمع مُحصَنة، وأصل الإحصان المنع، والمحصَن - بفتح الصاد - يطلق على معنى اسم الفاعل، وعلى معنى اسم المفعول، فقد سُمع في كلام العرب: أحصن فهو محصَن، وأسهب فهو مسهَب، وأفلج - إذا افتقر - فهو مفلَج، وعلى وزن اسم المفعول في الجميع.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣) ﴾ يقول تعالى ذكره: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ﴾ بالفاحشة ﴿الْمُحْصَنَاتِ﴾ يعني العفيفات ﴿الْغَافِلاتِ﴾ عن الفواحش ﴿الْمُؤْمِنَاتِ﴾ بالله ورسوله، وما جاء به من عند الله، ﴿لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ يقول: أبْعدوا من رحمة الله في الدنيا والآخرة، ﴿وَلَهُمْ﴾ في الآخرة ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ وذلك عذاب جهنم. واختلف أهل التأويل في المحصنات اللاتي هذا حكمهنّ، فقال بعضهم: إنما ذلك لعائشة خاصة، وحكم من الله فيها وفيمن رماها، دون سائر نساء أمة نبينا ﷺ * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا خَصِيف، قال: قلت لسعيد بن جُبير: الزنا أشدّ أم قذف المحصَنة؟ فقال: الزنا، فقلت: أليس الله يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾... الآية؟ قال سعيد: إنما كان هذا لعائشة خاصة. ⁕ حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سَلَمة، عن أبيه، قال: قالت عائشة: رُميت بما رُميت به وأنا غافلة، فبلغني بعد ذلك، قالت: فبينما رسول الله ﷺ عندي جالس، إذ أوحي إليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السبات، وأنه أُوحي إليه وهو جالس عندي، ثم استوى جالسا يمسح عن وجهه، وقال: يا عائشة أبشري، قالت: فقلت: بحمد الله لا بحمدك، فقرأ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾... حتى بلغ: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾.