إذاً: الحديث جاء عن عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي الكوفي وهو ضعيف أو متروك، ومع ذلك اضطرب: فمرة يرويه عن زياد بن زيد عن أبي جحيفة عن علي. ومرة أخرى يرويه عن النعمان بن سعد عن علي. الخَصرُ في الصَّلاةِ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. ومرة ثالثة يرويه عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل عن أبي هريرة ، وهذا يدل على أن الحديث مضطرب. على كل حال يتبين من ذلك: أن هذه أدلة القائلين بأن السنة وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت السرة، وأن هذه الأدلة لا يثبت منها شيء بل هي ضعيفة. ولذلك أقول: أولاً: الأمر في هذا واسع، وضع اليمين على الشمال فوق السرة، أو تحت السرة، على الصدر أو على البطن، الأمر فيه واسع، فغاية ما في الأمر أنه سنة، فكون بعض الناس أوصلوا القضية إلى حد أنه أصبحت -والعياذ بالله- مجالاً للتضليل أو التبديع والتفسيق، بل والتكفير نسأل الله السلامة والعافية، هذا يدل على انهيار في أخلاقيات من يتعاطون هذه الألفاظ، أقصد ألفاظ التبديع والتكفير والتفسيق، دون أن يكون عندهم رادع من خوف الله عز وجل، ولا حياء أو خجل من الناس، فالأمر في ذلك واسع. والأقرب للسنة أن يضع الإنسان يده اليمنى على اليسرى، على صدره في الصلاة، والصدر من أين إلى أين؟ يبدأ من ثغرة النحر هنا وينتهي بالبطن، فلو وضع الإنسان يده هكذا مثلاً على أسفل الصدر لكان واضعاً يده على صدره، ولو رفعها هنا، هل نقول: إن هذا مخالف للسنة؟ لا، نقول: هذا أيضاً وضعها على صدره، فكل ما صح أن يسمى صدراً في اللغة، فإنه يستحب للإنسان أن يضع يده اليمنى على اليسرى عليه في الصلاة، ولو وضعها تحت الصدر فوق السرة لكان بذلك أيضاً موافقاً لما عليه جمهور أهل العلم، والأمر في ذلك واسع.
رواه أحمد برقم 12671 عن وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر وصف همام حيال أذنيه ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه. رواه مسلم ( 401). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة ". رواه ابن حبان ( 3 / 13). والحديث: صححه الشيخ الألباني في " صفة الصلاة " ( ص 87). وقال ابن حجر: قال ابن عبد البر: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيرُه عن مالك غيرَه ، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه ، وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة ، ومنهم من كره الإمساك ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث يمسك معتمدا لقصد الراحة. " فتح الباري " ( 2 / 224). أقوال العلماء في وضع اليدين في الصلاة. والله أعلم.
[٣] [٤] حالات رفع اليدين عند التَّكبير يُسنُّ رفعُ اليدين في الصَّلاة في عدّةِ مواضع، وهي: [٥] [٦] مع تكبيرةِ الإحرام. وضع اليدين في الصلاة عند المذاهب الأربعة. عندَ الرُّكوع، والرّفع منه. عند القيام من التَّشهُد لأداء الرَّكعة الثَّالثة في الصَّلاة الرُّباعيّة أو الثُّلاثيّة. وأمّا رفعُ اليدين عند الرُّكوع أو الرَّفعِ منه، أو عند القيام للرَّكعة الثَّالثة، فقد ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى مشروعيّة ذلك، وهو من سُنن الصّلاة، لِفعلِ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَامَ في الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى يَكونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وكانَ يَفْعَلُ ذلكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ، ويَفْعَلُ ذلكَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ) ، [٧] وقال الشّافعيّة بالنَّدب في رفع اليدين عند القيامِ للرَّكعة الثّالثة، ويرى الحنفيّة والمالكيّة عدم مشروعيَّة رفع اليدين إلا عند تكبيرةِ الإحرام. [٨] ويرفع المسلم يديه في الصّلاة ولو صلّى جالساً أو مُضَطجِعاً، والأفضل رفعهما عند النُّطق بالهمزة في تكبيرةِ الإحرام، مع كشف الكفَّين للرِِّجال، وسترهما للنّساء، وتوجيه باطن الكفَّين باتِّجاهِ القبلة، وتفريج الأصابع تفريجاً بسيطاً، وأن يكونَ رأس إصبع الإبهام مُحاذياً لِشَحمةِ أُذُن المُصلّي، وبقيَّة رؤوس أصابعه فوق أُذنه ومنكبه، وبقيه مواضع رفع اليدين تكونُ بهذه الهيئة أيضاً.