وان نظرية الغرس الثقافي بشكل بسي تقول ان التعرض الى التليفزيون بشكل كبير، فانه يقوم بكل مهارة في زراعة كل المفاهيم عن الواقع للمتلقي، كما يمكن ان يؤدي ذلك التأثير الثقافي حتى على الذين يشاهدون التليفزيون المهني، وأيضا التليفزيون بشكل عام يمكن ان يؤثر على ثقافتنا بشكل عام. كما قال جابنر وغروس في عام 1976م، ان التليفزيون يعتبر أحد اهم الوسائل للتنشئة الاجتماعية، وينتج عنها أدوار محددة وسلوكيات واحدة، وكل ذلك يأتي تحت اسم التثقيف. وقال ان هناك فرضية مركزية قد تم اكتشافها في مجال بحوث الغرس الثقافي، وتلك النظرية تقول ان الذين يقضون معظم الوقت امام التليفزيون هم أكثر الناس عرضة لأدراك حقيقة العالم بطرق مختلفة عن الوسائل المتكررة، بالمقارنة مع الأشخاص الذين يشاهدون التليفزيون بشكل اقل. حتى في عام 1968م، قد أجري جاربنز استطلاع الراي لأثبات تلك النظرية الهامة، حتى انه بعد اخذ النتائج من تلك الدراسة قام جاربنز بوضع مشاهدي التليفزيون وقام بتقسيمهم الى ثلاث اقسام. 1_ عدد المشاهدين بنسبة بسيطة تشاهد التليفزيون اقل من ساعتين في اليوم. 2_عدد المشاهدين بنسبة متوسطة يشاهدون التليفزيون من ساعتين الى أربع ساعات في اليوم الواحد.
في عام 1968 أجرى جاربنر عملية استطلاع لإثبات هذه النظرية. ومن نتائج هذه الدراسة وضع مشاهدي التلفزيون في ثلاث فئات: المشاهدين بمعدل بسيط (أقل من 2 ساعة في اليوم). المشاهدين بمعدل متوسط (2-4 ساعات في اليوم). المشاهدين (أكثر من 4 ساعات يوميا). و قد وجد أن المشاهدين بمعدل غزير تكون معتقداتهم وآرائهم مماثلة لتلك التي صورت على التلفزيون بدلاً من العالم الحقيقي؛ مما يدل على تأثير مركب من تأثير وسائل الإعلام. ميزة هذه الدراسة: هو أن عمليات الاستطلاع قادرة على طرح أسئلة تفصيلية محددة ويمكن تطبيقها على مجموعات سكانية مختلفة. وعيب هذه الدراسة: هو أنه يمكن تفسير أسئلة الاستطلاع بشكل غير صحيح مما سيؤدي إلى إجابات غير دقيقة، وأن المُشارك في الاستطلاع قد يكون أو لايكون يفعل هذا الاستطلاع طواعية؛ مما قد يؤثر على الطريقة التي يستجيب بها الناس للمسح وكذلك نوع الناس الذين يجري معهم الاستطلاع! انشأ جاربنر نظرية الغرس الثقافي كجزء واحد من بحث إستراتيجي ثُلاثي الأجزاء، يُدعى المؤشرات الثقافية. وقد طور جاربنر مفهوم "مؤشر" الثقافة من أجل أن تكون فكرة أكثر شيوعا من المؤشرات الاجتماعية. ويطلق على الجزء الأول من هذه الاستراتيجية 'تحليل العملية المؤسسية'.
وتشير دراسة جروس، الذي قام بالمساهمة في تطوير نظرية الغرس الثقافي مع جيربنر إلى أنه من أجل النظر في الكيفية التي يسكن بها الإنترنت عالمنا، لا بد من التدقيق في دور الشبكات الاجتماعية في عملية إنشاء رؤية عالمية موازية لواقع الشخص، لأن دور وسائل التواصل الاجتماعي يتجاوز تحميل الصور والمعلومات الخاصة بكل فرد على الإنترنت. وتركز هذه الدراسة على كيفية حدوث البناء الاجتماعي للواقع على مواقع شبكات التواصل، أي أنها تعيد تفسير نظرية الغرس الثقافي في ظل هذا النظام المتطور. وتلفت الدراسة إلى أن إعادة تقييم طرق الاتصال يجب أن تشكل أولوية في الدراسات الإعلامية المعاصرة بسبب الطبيعة المتغيرة لتقنيات الاتصال. الاتصال الجماهيري بين الصحافة الصفراء في القرن الـ19 ومواقع التواصل الاجتماعي وقام كل من ستانلي باران ودينيس ديفيز في كتابهما "نظرية الاتصال الجماهيري" بعمل مراجعة لنظريات الاتصال، حيث أكدا أن الأنظمة الاجتماعية والثقافات حول العالم تتغير بسبب تأثير الإنترنت على الاتصال. وأشارا إلى أن تكنولوجيا الاتصالات تقدِّم أشكالًا مختلفة من أنظمة الوسائط وهي مقبولة بحماس من قبل العديد من الأشخاص، كما أن تأثير وسائل الإعلام وتكنولوجيا الوسائط الجديدة يؤدي إلى التغيير الاجتماعي، مما يستلزم البحث في كيفية حدوث هذا التغيير الاجتماعي في أوقات وأنظمة اجتماعية مختلفة.
ويقول جاربنر وغروس (1976):" التلفزيون هو وسيلة للتنشئة الاجتماعية لمعظم الناس في أدوار موحدة وسلوكيات، وتتمثل مهمته في كلمة، التثقيف " (ص 175). لقد صرح ببساطة أن الفرضية المركزية التي تم اكتشافها في مجال بحوث الغرس الثقافي هو أن أولئك الذين يقضون وقتا أطول في مشاهدة التلفزيون أكثر عرضة لإدراك العالم الحقيقي بطرق تعكس الرسائل الأكثر شيوعا والمتكررة لعالم التلفزيون، مقارنة مع الأشخاص الذين يشاهدون التلفزيون أقل. ولكن يمكن مقارنتها على خلاف ذلك من حيث الخصائص الديموغرافية الهامة (جاربنر، غروس، مورغان ،سيجنوريلي، وشاناهان، 2002). مضى جاربنر وآخرون (1986) يجادلون حول أن أثر التلفزيون على مشاهديه ليس في اتجاه واحد! وإن استخدام مصطلح الغرس الثقافي لمساهمة التلفزيون في تصور الواقع الاجتماعي، لايعني بالضرورة عملية أُحادية الاتجاه ومتجانسة. إن آثار هذا الوسط المتفشي على تكوين وهيكلة البيئة الرمزية تكون ماكرة ومعقدة وتتداخل مع غيرها من المؤثرات وهذا المنظور بالتالي يفترض وجود تفاعل بين هذا الوسط وجماهيره "(ص 23). نظرية الغرس الثقافي ( جورج جربنر ، عام 1960) هي من الأعلى إلى الأسفل خطية ونموذج للتواصل المغلق.
هذا فيما يتعلق بالدراما التركية الاجتماعية، ولكن التوجيه السياسي والأيديولوجي في الدراما التاريخية كان أكثر تركيزا وأكثر خطورة، فالأثر السياسي كان حاضرا في أحداث المسلسلات التاريخية عن طريق استرجاع الرموز الدينية والأحداث المصيرية في تاريخ الدولة العثمانية في سبيل التأثير على وجدان الشعوب المستهدفة واستثارة عواطفهم الدينية، فقد شاهدنا على الأحداث وكيف صورت البطل التركي وهو يخدم الأمة الإسلامية، من خلال سعيه إلى إنقاذ العالم الإسلامي من المؤامرات الصليبية، وكأن العالم الإسلامي ومستقبله صار في حالة انتظار لهذا المخلص التركي لينتشله من الضعف والهوان وتكالب الأعداء عليه. إن هذه المسلسلات التاريخية لاقت دعما من الحكومة التركية وإشرافا مباشرا من الرئيس التركي نفسه، ولا يوجد لدينا ذرة شك بأن هذه المسلسلات متورطة في الشأن السياسي، وهذا يحتم علينا تحليلها واستخراج الاتجاهات والمضامين ونظريات التأثير فيها، مع السعي نحو فرض وقاية فكرية ثقافية تجاه هذه الأعمال، والتأسيس لإستراتيجيات تحفظ لنا أمننا الثقافي، فالأمن الثقافي لا يقل أهمية عن الأمن الاقتصادي والأمن الغذائي، لأن فقدن الأمن الثقافي سيؤدي إلى التبعية، والتبعية لا تعني الانفتاح على الآخر بقدر ما تعني الارتهان للآخر والعيش على منتوجه.
و بالتالي فإن الاتجاه السائد يشير إلى سيطرة التلفزيون في غرس الصور و الأفكار بشكل يجعل الفوارق أو الاختلافاتتقل أو تخفي بين الجماعات ذات الخصائصالمتباينة. و يشير أيضا إلى الاتساقبين الاتجاهات و السلوك الذي يمكن أنيقوم بتأثير التلفزيون أكثر من وسائل أو عوامل مؤثرة أخرى. مفهوم الصدى أو الرنين يقصد بالصدى أو الرنينتلك التأثيرات المضافة للمشاهدة بجانب الخبراتالأصلية الموجودة فعلا لدى المشاهدين. وبذلك فإن المشاهدة يمكن أن تؤكد هذه الخبرات من خلال استدعائها بواسطة الأعمال التلفزيونيةالتي يتعرض لها الأفراد أصحابهذه الخبرات بكثافة أعلى. و ركز جيربنر في هذا المجال على زيادة إدراك العنف في الأعمال التلفزيونية و وصف العالم الخارجي به لدىالمشاهدين الذين يعيشون في ظروفعنف غير عادية و يتعرضون للتلفزيون بكثافة أعلى. و هذه النتيجة أكدتها أيضا الدراسات النفسية حيث انتهت إلى أن التلفزيون يؤثرفي مجال العدوانية على من لهمالميل المبكر للعدوانية و لكن بطرق مختلفة المراجع: 1. محمد محمد الهادي: أساليب إعداد و توثيق البحوث العلمية، المكتبة الأكاديمية،القاهرة ،الطبعة الأولى، 1990. 2. عقيل حسين عقيل: فلسفة مناهج البحث العلمي، مكتبة مديولي،طرابلس، 1990.