المسلمة الثانية: إذا كان فكر الغلو خطراً على المجتمع, فإن الفكر العلماني لا يقل خطورة بل هو أشد, إذ هو أطول مدة ولا يظهر بخلاف صاحب الفكر الغالي, بل إن من أسباب نشوء الغلو الذي لا يقرّ وجود مثل هذه الطروحات التي تريد أن تقصي الدين وتجعله في أضيق الحدود, ولئن كانت البلاد وولاة أمرنا سعوا للقضاء على فكر الغلو والإفراط فإن المؤمل من ولاة أمرنا -حفظهم الله- أن يتصدوا لأصحاب فكر التفريط والفساد, الذين يريدون لأمة الإسلام أن تكون تابعة للغرب, الذين يريدون أن تكون بلاد الحرمين كضاحية من ضواحي أوربا كما نطقوا بذلك, الذين يريدون أن يقضوا على مظاهر التمسك بالدين والتي هي مصدر عز البلاد ورفعتها. المسلمة الثالثة: إن من سمات أصحاب الفكر العلماني إن صحت التسمية أنه ينتهز الفرص لهز الثوابت, وما قضية الهجمة على الهيئات لأجل حدث واحد وعلى تعليم البنات لأجل حدث عابر إلا نموذج, إننا نعتقد أن فتوى شيخ أو عضو من هيئة كبار العلماء ليست هي السبب في كل هذه المعركة ضده، بل هي الوسيلة لحرب أكبر لا علاقة له فيها البتة غير انتمائه لتيار يكرهه أولئك بصورة لا مثيل لها. فكل علماء المملكة يقولون بحرمة الاختلاط، وكل من تولى الإفتاء في هذه البلاد يقول بحرمة الاختلاط، وهم يعرفون أن مثل هذه الآراء ليست بجديدة ولا شاذة، وإنما هذه الحملة التي رفعت لوائها الصحف هي لأجل!
ويشرح "دونو" ذلك من خلال توضيح كيف جرى هزّ معايير الكفاءة، إذ يشير إلى أن تحصيل التافهين للمواقع لأي سبب من الأسباب يجعلهم يبحثون عن أشخاص تافهين مثلهم لتحصين موقعهم، وعلى أساس هذا التخوّف على الموقع تُبنى بالتدريج شبكة من التافهين تُحصّن فيها كل نقطة بقية النقاط في الخريطة الاجتماعية، ومن ثمّ إسباغ التفاهة على كل شيء. ويضرب المؤلف هنا أمثلة شتّى من التربية إلى الاقتصاد. لهذا فلا تستغرب وأنت تفتح حاسوبك فيغمرك "تسونامي" من المحللين والمفكرين والخبراء وغيرهم من الرويبضاء التافهين، مصداقا لقول الشاعر: خنافسُ الأرض تجـري في أعِنَّتِها * * * وسـابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتـدِ وأكرمُ الأُسْدِ محبـوسٌ ومُضطهدٌ * * * وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ وأتفهُ الناس يقضي في مصالحهمْ * * * حكمَ الرويبضـةِ المذكورِ في السنَدِ التافهون التفاهة تابعوا آخر الأخبار من هسبريس على Google News النشرة الإخبارية اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
ونطق الرويبضة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أمَّا بعدُ: أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي وصية الله للأولين والآخرين: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} سورة النساء(131). { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران(102). { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء(1). { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} سورة الحشر(18).
و أخيرًا هو نداءٌ بأن ننصح لهؤلاء الكاتبين ، و القارئين: بالحجة و اللسان ، و التعليم و البيان ، حتى يتبين لهم أنه الحق ؛ فإن (الدين النصيحة) [10] ، و إن (من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا) [11]. و صل اللهم و بارك على نبينا محمد ، و آله و صحبه و سلِّم. و كتبه أبو أحمد ، خالد بن إبراهيم بن عبد الرازق الشرقاوي ، في صبيحة يوم الجمعة ، الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام لعام ثلاثين و أربعمائة و ألف من هجرة النبي محمد r. [1] سورة الأعراف 33. [2] صحيح البخاري 6478. [3] صحيح سنن ابن ماجه 3261. [4] مسند الإمام أحمد 17145. [5] سورة ق 18. [6] صحيح مسلم 2674. [7] سورة النساء 122. [8] سورة الزمر 23. [9] مسند الإمام أحمد 17145. [10] صحيح مسلم 55. [11] صحيح مسلم 2674.