لا تياس من رحمة الله قال الله تعالى: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) يوسف87.
ثانيًا: من كان متمسكًا بمعصيةٍ ما، مصرًّا عليها، ولا يريد التوبة منها، لشدة تعلقه بها، فهذا مسلم عاصٍ، لم يخرج عن دائرة الإسلام باتفاق أهل السنة والجماعة، وإن كان المصرُّ على المعصية مستحقًّا لعقاب أشد من غيره. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وها هنا أمر ينبغي التفطن له؛ وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يُلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف والاستهانة بها ما يُلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها"؛ ا. هـ [1].
والتحسس هو استعمال الحواس والبحث الدقيق بكل ما يقتضيه البحث مع اللجوء إلى الله والثقة به، وما الحياة إلا عقبات ومشاكل تقف في طريق الناس فرادى ومجتمعين، فإذا استسلموا لليأس والقنوط خسروا جولة الحياة التي هم بصددها وساروا في طريق الخطأ الذي لا يؤدي إلى شيء، ولهذا حذر القرآن الكريم من الاستسلام لليأس قال تعالى: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون) الحجر 56، قال تعالى: (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقطنون) الروم 36. إن الواحد الذي ينغلق على نفسه ولا يواجه مشكلته بعزيمة وأمل وثقة بالله فليس جديراً بالحياة أو الاستمرار (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤس قنوط) فصلت 49. لا تياسوا من رحمه الله بعباده. وقال سبحانه: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا، إنه هو الغفور الرحيم) الزمر53 إن الأمل أنوار كاشفة في طريق الحياة وأنسام ناعمة تريح القلب والفكر والجسم، وقد جاء في الحديث الشريف القدسي: (قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني) متفق عليه. وعن جابر بن عبدالله أنه سمع النبي صلى الله قبل موته بثلاثة أيام يقول: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله).