نظام مكافحة جريمة التحرش الذي صدر في 16 رمضان 1439، يبدأ من عنوانه «بتجريم» التحرش، ثم يعرّف المقصود به كالتالي: بأنه «كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة». وهذا تعريف وافٍ يغطي كافة الأبعاد التي تتصل بمعنى التحرش، ولعل من معاني التحرش أيضاً كل ما يجعل المرأة تشعر بعدم الراحة من قول أو فعل أو إشارة، قد لا تكون مباشِرة. وقد غلّظ النظام العقوبة على من يتحرش في عدد من الأفراد ممن يُعتبرون في خانة الضعفاء أو القصّر أو ممن يخضعون لولاية المتحرش أو تحت حمايته ورعايته من ذوي الاحتياجات الخاصة وسواهم. والجيد في مخالب النظام أن عقوبته مالية وجسدية، فبالإضافة للغرامة التي تصل إلى مئة ألف ريال، فإن المتحرش سوف يناله السجن أيضاً لمدة تصل إلى سنتين، وتتضاعف هذه العقوبات عند العود، أي تكرار التحرش. فما معنى كل ذلك مما احتفى به الشارع السعودي وتناولته الصحافة بشكل مفصل تحليلاً ونقداً؟ إن ما يعنيه بشكل مبسط هو أن هذا القانون سوف ينقل بيئتنا وفضاءنا العام إلى بيئة وفضاء آمن، والأمن وإن كانت كلمة من ثلاثة أحرف فحسب لكنها ثقيلة في مضمونها ودلالاتها، فالأمن هو ما يساعد على أن تزدهر أي حضارة ومجتمع، والأمن لا يقتصر على أمن البيوت ولكنه شرط في الشارع لتمارس كل أطياف المجتمع نشاطاتها الثقافية والاجتماعية والإنسانية دون وجل أو تحسّب.
الشعلان لـ«عكاظ»: النظام أغفل آلية التبليغ عن التحرش عدت عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان لـ«عكاظ» نظام مكافحة التحرش إضافة كبيرة ومهمة لتاريخ الأنظمة في المملكة، كونه يسد فراغا تشريعيا كبيرا، مضيفة «أن النظام بمقارنته مع بعض القوانين المماثلة في الدول الأخرى يعتبر نظاما رادعا لأنه يسن عقوبات للتحرش قد تصل إلى السجن 5 سنوات، وغرامة قد تصل إلى 300 ألف ريال». وكان عدد من أعضاء المجلس منهم لطيفة الشعلان وناصر الموسى ومحمد العلي ومحمد النقادي وعطا السبيتي قدموا خلال جلسة الشورى أمس اقتراحات بتحسين النظام بإدخال بعض المواد والفقرات التي أغفلها النظام، وأغفلتها لجنة الشؤون الاجتماعية كذلك، التي أحيل إليها النظام لدراسته، ولكن اللجنة كما لاحظ عدد من الأعضاء في مداخلاتهم لم تضف أي تحسينات سوى فقرة يتيمة تتعلق بتعريف موظفي الجهات المختلفة بتدابير مكافحة التحرش. وذكرت الشعلان لـ«عكاظ» أنها من جهتها تقدمت في جلسة أمس «بعدد من الاقتراحات لتجويد النظام كاقتراح مواد لحماية الشهود وحماية هوية المُبلغ عن واقعة تحرش وإعفاء المُبلّغ حسن النية من عقوبة البلاغ الكيدي وتوفير الدعم الاجتماعي والنفسي لمن يطلبه من ضحايا التحرش، وضرورة التوعية بأحكام النظام من قبل هيئة حقوق الإنسان ووزارات العدل والإعلام والتعليم والعمل وأن يكون الإبلاغ عن واقعة تحرش لمن اطلع عليها إلزاميا وليس اختياريا.
كل من شرع في ارتكاب جريمة التحرش يُعاقب بما لا يزيد عن نصف الحد الأعلى للعقوبة الأولى. من يقدم بلاغًا كيديًا بتعرضه للتحرش يوقع عليه العقوبة التي تم إقرارها لتلك الجريمة. لا يجوز للمجني عليه أن يتنازل أو لا يتقدم بشكوى دون حق الجهات المختصة نظاما في اتخاذ الإجراءات المناسبة والتي تحقق المصلحة العامة، وذلك لما يضعه نظام الإجراءات الجزائية من أحكام. على كل من كان شاهدًا على حالة تحرش أن يبلغ الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة. يجب على الموظفين المطلعين على معلومات خاصة بحالات تحرش أن يحافظوا على سرية تلك المعلومات وعدم الإفصاح عن هوية المجني عليه، إلا إذا استدعى ذلك وجود محاكمة أو تحقيق. على الجهات المختصة في القطاع الحكومي والأهلي اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمكافحة التحرش، وأن يتم نقل الشكوى داخل كل جهة بشكل آلي واتخاذ ما يلزم من أجل التحقق من جدية تلك الشكوى وصحتها وإعلام منسوبي تلك الجهات بتلك الشكوى، وذلك حتى تقوم الجهات المختصة في القطاع الحكومي والأهلي بمساءلة المخالفين تأديبيًا، تلك المساءلة التي لا تغني المجني عليه عن التقدم بشكوى للجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال الجريمة ومرتكبها.
الحماية من الإيذاء وبعد أن تزايدت حالات التحرش الجنسي في الآونة الأخيرة سواء للأطفال أو المرأة العاملة، أو الفتاة في الأماكن المختلفة، وبأشكال متلونة تظهرة تارة بشكل شفهي من خلال تعليقات ساخرة أو نكات خادشة، وفي تارة أخرى يصل إلى تلميحات جسدية تسيء وتهين من يقع عليه التحرش، دعا أحد أعضاء مجلس الشورى إلى تقديم مقترح يقضي بالسجن عام والتغريم (100 ألف ريال) للمتحرش جنسياً وفق المادة الأولى من مادة مشروع مكافحة التحرش الجنسي -الذي يدرس حالياً-، والذي يعتبر أي قول أو عمل أو إشارة أو إهانة أو استفزاز أو خدش حياء الأذن والعين، جناية تستدعي العقوبة.