قوله تعالى: لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون قوله تعالى: لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر رفعت الشمس بالابتداء ، ولا يجوز أن تعمل لا في معرفة. وقد تكلم العلماء في معنى هذه الآية ، فقال بعضهم: معناها أن الشمس لا تدرك القمر فتبطل معناه. أي: لكل واحد منهما سلطان على حياله ، فلا يدخل أحدهما على الآخر فيذهب سلطانه ، إلى أن يبطل الله ما دبر من ذلك ، فتطلع الشمس من مغربها على ما تقدم في آخر سورة [ الأنعام] بيانه. وقيل: إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء ، وإذا طلع القمر لم يكن للشمس ضوء. روي معناه عن ابن عباس والضحاك. وقال مجاهد: أي: لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر. وقال قتادة: لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه ، إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا. وقال الحسن: إنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة. أي: لا تبقى الشمس حتى يطلع القمر ، ولكن إذا غربت الشمس طلع القمر. معنى قوله تعالى لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر.. - إسلام ويب - مركز الفتوى. يحيى بن سلام: لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة; لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها. وقيل: معناه إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منازل لا يشتركان فيها ، قاله ابن عباس أيضا. وقيل: القمر في السماء الدنيا والشمس في السماء الرابعة ، فهي لا تدركه ، ذكره النحاس والمهدوي.
( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) ثم قال تعالى: ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) إشارة إلى أن كل شيء من الأشياء المذكورة خلق على وفق الحكمة ، فالشمس لم تكن تصلح لها سرعة الحركة بحيث تدرك القمر ، وإلا لكان في شهر واحد صيف وشتاء ، فلا تدرك الثمار. وقوله: ( ولا الليل سابق النهار) قيل في تفسيره: إن سلطان الليل وهو القمر ليس يسبق الشمس وهي سلطان النهار. وقيل: معناه ولا الليل سابق النهار أي الليل لا يدخل وقت النهار.
والمعنى: نفي أن تصطَدم الشمس بالقمر ، خلافاً لما يبدو من قرب منازلهما فإن ذلك من المسامتة لا من الاقتراب. وصوغ هذا بصيغة الإِخبار عن المسند إليه بالمسند الفعلي لإِفادة تقوّي حكم النفي فذلك أبلغ في الانتفاء مما لو قيل: لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر. وافتتاح الجملة بحرف النفي قبل ذكر الفعل المنفي ليكون النفي متقرراً في ذهن السامع أقوى مما لو قيل: الشمسُ لا ينبغي لها أن تدرك القمر ، فكان في قوله: { لا الشَّمْسُ ينبغي لها أن تُدْرِكَ القَمَر} خُصوصيتان. ولمَّا ذكر الشمس والقمر وكانت الشمس مقارنة للنهار في مخيلات البشر ، وكان القمر مقارناً لليل ، وكان في نظام الليل والنهار منافع للناس اعترض بذكر نظام الشمس والقمر أثناء الاعتبار بنظام الليل والنهار. ومعنى: { ولاَ الليْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} أن الليل ليس بمفلتتٍ للنهار ، فالسبق بمعنى التخلص والنجاة ، كقول مُرة بن عَدَّاء الفقعسي:... لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر | موقع البطاقة الدعوي. كأنَّكَ لم تَسبَقْ من الدهر مَرَّةً إذا أنتَ أدركت الذي كنتَ تطلب... { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا} في سورة العنكبوت} ( 4) ، والمعنى: أن انسلاخ النهار على الليل أمر مسخّر لا قبل لليل أن يتخلف عنه. ولا يستقيم تفسير السبق هنا بمعناه المشهور وهو الأوَّلية بالسير لأن ذلك لا يُتصور في تداول الليل والنهار ، ولا أن يكون المراد بالسبق ابتداءَ التكوين إذ لا يتعلق بذلك غرض مهم في الآية ، على أن الشأن أن تكون الظلمة أسبق في التكوين.
قال تعالى في سورة يس { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، هذه الآية تتحدث بشكل علمي بحت بأن للشمس فلك (مدار) وللقمر فلك (مدار) وأن هذان المداران لا يتقاطعان، وبالتالي، فإنه لا ينبغي للشمس ان تدرك القمر، وهذا كلام منطقي ومقنع ويتطابق مع ما يقوله العلم الحديث، فالقمر يدور حول الارض دورة كل 27 يوم وبسرعة 3،700 كيلومتر/ساعة وبالنسبة لناظره من الارض، فإنه يدور مرة كل 29. 5 يوم. وتدور الارض حول الشمس كل 365. 25 يوم بسرعة 107،000 كيلومتر/ساعة وتدور الشمس حول مركز المجرة كل 250 مليون سنة تقريبا بسرعة 758،000 كيلومتر/ساعة. ولكن، في سورة القيامة، حدث العكس، فقال تعالى { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ} فكيف لهذا التناقض الواضح أن يحدث في كتاب الله. الشكل يوضح مدار الشمس والقمر والشمس التي لا تتعداها ما يزيد الموضوع تعقيدا وحيرة أنه ورد في سورة الانفطار أن من احداث الساعة ان الكواكب ستنتثر وتخرج من مداراته ا { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ}، والنثر كما ينثر المزارع القمح عند الزراعة وهو وصف غاية في الدقة كون الكواكب تسير بمدار دائري حول الشمس وهو يشبه الحركة القوسية التي يقوم بها المزارع.
يقول صاحب الظلال -رحمه الله تعالى:.... ولكل نجم أو كوكب فلك أو مدار، لا يتجاوزه في جريانه أو دورانه، والمسافات بين الكواكب مسافات هائلة... وقد قدر الله عز وجل خالق هذا الكون الهائل أن تقوم هذه المسافات الهائلة بين مدارات النجوم والكواكب، ووضع تصميم الكون على هذا النحو ليحفظه بمعرفته من التصادم والتصدع حتى يأتي الأجل المعلوم، فالشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر، والليل لا يسبق النهار ولا يزحمه في طريقه، لأن الدورة التي تجيء بالليل والنهار لا تختل أبداً، ولا يسبق أحدهما الآخر أو يزحمه في الجريان "وكل في فلك يسبحون". وحركة الأجرام في الفضاء الهائل أشبه بحركة السفين في الخضم الفسيح، فهي في ضخامتها لا تزيد على أن تكون نقطا سابحة في ذلك الفضاء المرهوب... والحاصل أن الله عز وجل نظم سير الشمس والقمر على نظام يستحيل معه اتصال أحدهما بالآخر لشدة البعد بين مداريهما... ولأن كل الكواكب تسبح في فلك فسيح هائل. والله أعلم.
إنَّ الشمس والقمر من آيات الله العظيمة التي إنْ تفكر بهما العبد وقف حائرًا أمام عظمة وإتقان الخالق، حيث إنْ لكل منهما فلك خاص وسلطان محدد لا يدرك أي منهما الآخر. إنَّ الليل والنهار المتعاقبان ما هما إلا من مخلوقات الله -عز وجل- التي تقوم عليها حياة العبد فالنهار الذي يأتي بنوره يحمل معه العمل والرزق، والليل الذي يأتي بظلامه يحمل معه النوم والسكينة، حيث قال تعالى: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ}. [١٩] إنَّ الشكر واجب على العبد المسلم عند تفكره بهذه المخلوقات التي تدل على دقة خلق الله لها والتي تشمل هذا النظام البديع في الكون العظيم. إنَّ الكون قائم على إتقان الخالق -عزّ وجلّ- فالكواكب والنجوم بينهما مسافات هائلة، لذلك يستحيل أنْ يكون هنالك تصادم وإخلال في مدارك ومدارت هذه الكواكب والنجوم. المراجع [+] ↑ سورة يس، آية:1 2 ↑ سورة يس، آية:52 ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جندب، الصفحة أو الرقم:2574، أخرجه في صحيحه. ↑ "سورة يس 36/114" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-18. بتصرّف. ↑ سورة يس، آية:40 ↑ "تفسير سورة يس" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-19.