الاعتدال والاستقامة قال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَة لأسقَينَاهُم مَاءً غَدَقاً}. التوجه بالدعاء إلى الله عز وجل في خلال الخطبة: لحديث أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل يغيثنا، فرفع يديه، ثم قال: (اللهم أغثنا اللهم أغثنا). المطر في القران. التقوى: من أسباب نزول الغيث تقوى الله عز وجل كما ورد في القرآن الكريم قال الله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاء والأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. صلاة الاستسقاء: لحديث عبد الله بن زيد الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه. المعجزات الإلهية: وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولولا البهائم لم يمطروا).
المعنى اللُغويّ يشير معنى المطر إلى الماء الذي ينزل من السحاب ويأتي أحيانًا بالنفع وأحيانا بالضرر، والمطر في القرآن الكريم له أنواع عديدة ومنها ما يلي: الصيب: هو ماء المطر الذي يقع ويصوب من السحاب كما يُقال للسحاب صيب، وقد ورد ت كلمة الصيب في القرآن الكريم في قول الله عز وجل: (و كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق …) (البقرة الآية 19)، تشير القرائن إلى أنّ معنى الصيب هو المطر الشديد، وقد جاء عن الزمخشري قال: "وقرئ كصائب، والصيب أبلغ، والسماء: هذه المظلة" ، وليس معنى ذلك أنّ الصيب يدل على العذاب ولكن أحيانًا يشير إلى الخير وذلك لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم –: "اللهم صيبا نافعا". الوابل: وهو ماء المطر الغزير الذي يروي الأرض. الطلّ: وهو المطر الخفيف ويطلق على الندا طلاً، وقد ذٌكر كلاً من الوابل والطلّ في قول الله سبحانه وتعالى:: (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من عند أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين، فإن لم يصبها وابل فطلّ، والله بما تعملون بصير) (البقرة الآية 265)، وتدل الآية أنّ لشدة خصوبة التربة وجودتها فإنها تخرج ثمارها حتّى لو لم ينزل عليها إلا مطر خفيف.
كما جاءت كلمة (الغيث) في القرآن الكريم للدلالة على ﺍﻟﻤاء ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻣﻦﺍﻟﺴماء ﻟﺴﻘﻲ اﻷﺭﺽ واﻷﻧﻌﺎﻡ، فان كلمة الغيث أصرح في الرحمة لما فيها من معنى الإغاثة كما في قوله تعالى: 1- {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}(34) سورة لقمان. 2- {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}(20) سورة الحديد. كما وجاءت أشارة للدلالة على الماء في قوله تعالى: {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (5) سورة الجاثية.
قَالَ أَنَسٌ: " وَلَا وَاللهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ. قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ!! رواه البخاري (1014) ، ومسلم (897). ايه عن المطر غزيرا. قال النووي رحمه الله: " قَوْلُهُ: ( ثُمَّ أَمْطَرَتْ): هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ، وَكَذَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ: ( أَمْطَرَتْ) ، بِالْأَلِفِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ ، أَنَّهُ يُقَالُ: مَطَرَتْ ، وَأَمْطَرَتْ ؛ لُغَتَانِ فِي الْمَطَرِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: لَا يُقَالُ أَمْطَرَتْ بِالْأَلِفِ إِلَّا فِي الْعَذَابِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وأمطرنا عليهم حجارة). وَالْمَشْهُورُ: الْأَوَّلُ. وَلَفْظَةُ أَمْطَرَتْ تُطْلَقُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَتُعْرَفُ بِالْقَرِينَةِ " انتهى ، "شرح مسلم" للنووي (6/192). فخلاصة الأمر: أن لفظ (المطر) استخدم في القرآن غالبًا للعذاب، إلا أنه يستخدم أيضا في سياق الرحمة والغيث في مواضع قليلة، وثبت السنة بذلك الاستخدام ، دون تفرقة.
ألم تتفكر يا عبد الله لحظةً في كيفية إنشاء الله لهذا السحاب؟! ألم تعلم أن اللهَ –سبحانه- يُنشئ الماءَ في السحاب إنشاءً: تارة يقلبُ الهواء ماءً، وتارةً يحمله الهواءُ من البحر، فيلقِّح به السحاب، ثم يُنزِل منه على الأرض، للحِكَم التي ذكرناها، ولو أنه ساقه من البحر إلى الأرض جارياً على ظهرها لم يحصل عمومُ السَّقْي إلا بتخريب كثيرٍ من الأرض، ولم يحصل عمومُ السقي لأجزائها، فصاعدَهُ سبحانه إلى الجو بلطفه وقدرته، ثم أنزله على الأرض، بغايةٍ من اللطف والحكمة التي لا اقتراح لجميع عقول الحكماء فوقها، فأنزله ومعه رحمتُه على الأرض. ايه قرانيه عن المطر. ثم تأمل -وأنت ترى هذه النعمة- الحكمةَ البالغةَ في إنزاله بقدر الحاجة، حتى إذا أخذت الأرضُ حاجتَها منه، وكان تتابُعه عليها بعد ذلك يضرّها أقلَعَ عنها وأعقبَه بالصحو! ثم تفكّر في تَعاقُب الصحوّ والغيم على العالم، وما في ذلك مِن صلاحِه، وتخيّل حالَ الأرض لو دام أحدُهما؟! فلو توالت الأمطارُ لأهلكت ما على الأرض، ولو زادت على الحاجة لأفسدتِ الحبوبَ والثمار، وعفنت الزروع والخضروات، وأرخت الأبدان، وحشرت الهواء؛ فحدثت ضروبٌ من الأمراض، وفسد أكثرُ المآكل، وتقطّعت المسالكُ والسبل! ولو دام الصحوُ لجفّت الأبدان، وغِيض الماء، وانقطع مَعينُ العيونِ والآبار والأنهار والأودية، وعَظُم الضرر، واحتدم الهواءُ فيَبِس ما على الأرض، وجفّت الأبدان، وغلب اليبس، وأحدث ذلك ضروباً من الأمراض عَسِرة الزوال!