والله أعلم [المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان]. صلة الأرحام سبب لدخول الجنة والنجاة من النار عن أبي أيوب أن أعرابياً عرض لرسول الله وهو في سفر، فأخذ بحطام ناقته أو بزمامها ثم قال: يا رسول الله - أو يا محمد - أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ قال: فكف النبي ثم نظر في أصحابه، ثم قال: { لقد وفق أو لقد هدي} قال: كيف قلت؟ قال: فأعادها، فقال النبي: { تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، دع الناقة} وفي رواية: { وتصل ذا رحمك} فلما أدبر قال رسول الله: { إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة} [رواه البخاري]. صلة الرحم واجبة وإن قطعوك عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقال النبي: { إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك} [رواه مسلم]. ثمرات صلة الأرحام صلة الرحم سبب لمغفرة الذنوب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتى النبي رجل فقال: إني أذنبت ذنباً عظيماً، فهل لي توبة؟ فقال النبي: { هل لك من أم؟} قال: لا. قال: { فهل لك من خالة؟} قال: نعم. قال: { فبرّها} [رواه الترمذي والحاكم].
تتحدث هذه الآية عن الذين آمنوا بعد المهاجرين والأنصار، والذين هم يجاهدوا معكم في سبيل الله. فأولئك منهم أيها المؤمنون، فلهم ما لهم وعليكم ما عليكم. وأولوا القربى بعضهم أولى ببعض في التوارث في حكم الله وهم من عامة المسلمين، فإن الله بكل شيء عليم. كما يعلم ما قد يصلح عباده من توريث بعضهم من بعض في القرابة والنسب دون التوارث بالحلف. قطيعة الرحم علامة على الفساد قال الله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم: فإن عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، صدق الله العظيم. فقد جعل الله تعالى قطع الأرحام فسادا في الأرض، وقد أمر الله تعالى الإصلاح في الأرض وصلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب. قد قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة. قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين الحالقة، صدق رسول الله صل الله عليه وسلم. فأولوا الارحام التي تم ذكرهم في السابق هم يتم اعتبارهم أولوا القربات بالتوارث. سوء الأقارب لا يبرر القيام بقطع صلتهم. صلة الرحم لا تبرر ارتكاب المعاصي والجرائم. أيضًا القريب له على قريبه حق في النصح والتوجيه. يجب على المسلم أن يصل رحمه، وإن كانوا مختلفين في الدين.
صلة الرحم (2) صور من الصلة الحمد لله الغني الوهاب، الكريم الرزاق؛ خالق الخلق، وباسط الرزق، ومتمم النعم، ودافع النقم، نحمده على ما هدانا، ونشكره على ما أعطانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ خلقنا من ذكر وأنثى، وجعلنا شعوبا وقبائل، وحكمة ذلك التعارف والتواصل، والتعاون والتعاضد والتناصر؛ لتعمر الأرض بدينه، وتقام في البشر شريعته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أمر بالصلة وحذر من القطيعة، وأخبرنا أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ {النساء:1} أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها؛ فإنه سبحانه رقيب على من قطعها، عليم بمن وصلها. أيها الناس: في زمن ثورة الاتصال والمواصلات التي قربت البعيد، وألغت المسافات بين الناس، وهدمت الحدود بين الدول، وتغلبت على البحار التي تفصل القارات.. صار الإنسان يخاطب من يشاء، في أي وقت يشاء، في أي بقعة من الأرض.. يخاطبه وجها لوجه صوتا وصورة، وكأنه يجلس بجواره.. بل يجتمع عدد من الناس من قارات شتى، وفي دول متنائية، ويتحدثون في شأنهم وكأنهم في غرفة واحدة، تحويهم طاولة واحدة، فسبحان من علم الإنسان ما لم يعلم، وسبحان من سخر له ما في الأرض، وفتح له الآفاق؛ ليقيم دينه في الأرض ﴿ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ {الصَّفات:96}.
وبهذا يتبين أن صلة الرحم ليست أمراً اختيارياً إذا وافق الهوى امتثل وإلا ترك، كما أنها أيضا ليست من باب المكافأة ولا المعاملة بالمثل، بل هي أمر مطلوب شرعاً من كل الأفراد الذين بينهم رحم، ومن قطع منهم فعليه إثمه، ولا يسقط بذلك حقه في أن يوصل، وقد ذكرنا موضوع صلة رحم القريب القاطع في الجواب رقم: ٤٤١٧، فليرجع إليه ففيه الكفاية. والله أعلم. [تَارِيخُ الْفَتْوَى] ١٧ جمادي الثانية ١٤٢٢
أيها المسلمون: خطر قطيعة الرحم كبير، والقاطع ملعون بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ {الرعد:25} وفي آية أخرى ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ {محمد:22-24}. وهذه الآية تدل على أن تدبر القرآن سبب يؤدي إلى الصلة، كما أن ترك تدبره يؤدي إلى القطيعة؛ فإن ما في القرآن من الوعد على الصلة بالجنة يرغب المؤمنين فيها، وتحمل المشقة من أجلها، والصبر على الأذى في تحقيقها، وما فيه من الوعيد لقاطع الرحم، وما يستحقه من لعنة الله تعالى وغضبه وسوء منقلبه منفر من القطيعة، ويحمل قارئه على الصلة خوفا من عذاب الله تعالى. فكيف سيكون حال المؤمن مع الصلة والقطيعة إذا علم أن ثواب الصلة معجل بسعة الرزق وطول العمر، وأن عقوبة القطيعة هي أسرع العقوبات وقوعا على العبد؛ كما في حديث أَبِي بَكَرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللهُ الْعُقُوبَةَ لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ"رواه أحمد.
إن المسلم المخلص لله في دينه، المتبع لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنده أعمال التي أنيطت به يوم العيد، فطرا كان أو أضحى، فهو يعمل بما يعلم من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم، مبتدئا بالاغتسال والتطيب، والتصبح على تمرات إن كان عيد فطر، قبل الخروج إلى المصلى، والاستعداد للخطبة وصلاة العيد، واستقبال التهاني من المصلين، والرجوع إلى بيته، سالكًا غير الطريق التي جاء منها، مهنئا أهله وأولاده، ويأكل من أضحيته بعد الصلاة إن كان في عيد الأضحى، ويخرج زائرا لأرحامه، وأقاربه وجيرانه، وأصحابه ورفاقه، يبتغي بذلك وجه الله تعالى، لينال رضاه ويفوز بالجنة، وليكون قدوة يقتدى به. فالأعياد جعلها الله سبحانه لهذه الأمة للتنفيس عنها، ومنحها شيئا من اللهو المباح في يومين من كل عام، في الفطر والأضحى، وذلك لما ثبت عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، قال: «كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى» سنن النسائي (1556). وعن عائشة - رضي الله عنها -، أن أبا بكر - رضي الله عنه - دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى «أي أيام عيد الأضحى» تضربان بدفين، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجى عليه بثوبه، فانتهرهما، فكشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجهه، فقال: «دعهن يا أبا بكر، فإنها أيام عيد».