وهكذا تستمر الآيات في بيان انفراد الله -عز وجل- ونفي الشريك عنه بالأدلة العقلية والكونية والنفسية، ثم يتحداهم الله -عز وجل- بقوله: {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (النمل:64). وجاء في تفسير هذه الآيات: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن يتلو هذه الآيات الناطقة بالبراهين على وحدانيته وقدرته على كل شيء وحكمته. وقيل: اللفظ لفظ الاستفهام {أإله مع الله} ومعناه الخبر. أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ!!! - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} أي ما كان للبشر، ولا يتهيأ لهم تحت قدرتهم، أن ينبتوا شجرها؛ إذ هم عجزة عن مثلها؛ لأن ذلك إخراج الشيء من العدم إلى الوجود. {أمن يجيب المضطر إذا دعاه}، المضطر: اسم مفعول من الاضطرار: وهو المكروب المجهود الذي لا حول له ولا قوة؛ فالمظلوم مضطر، ويقرب منه المسافر، وكذلك دعوة الوالد على ولده،لا تصدر منه مع ما يعلم من رحمته به وشفقته عليه، إلا عند تكامل عجزه عنه، وصدق ضرورته، وإياسه عن بر ولده، مع وجود أذيته، فيسرع الحق إلى إجابته.
{ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} البحر المالح والبحر العذب { حَاجِزًا} يمنع من اختلاطهما فتفوت المنفعة المقصودة من كل منهما بل جعل بينهما حاجزا من الأرض، جعل مجرى الأنهار في الأرض مبعدة عن البحار فيحصل منها مقاصدها ومصالحها، { أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل ذلك حتى يعدل به الله ويشرك به معه. { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فيشركون بالله تقليدا لرؤسائهم وإلا فلو علموا حق العلم لم يشركوا به شيئا. #أبو_الهيثم #مع_القرآن 0 27, 668
التساؤل الثاني حول تكوين الارض و تسخيرها للحياة و العيش على ظهرها, و عن وجود الانهار التي تتخللها و ما لذلك من اهميه للحياة, و عن وجود الجبال و اهميتها في استقرار الارض, و عن تشكيل البحار و كيفية الحواجز التي تفصلها بفعل اختلاف الكثافة فيها, لاهمية الحياة فيها, قال تعالى ( أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) 61 النمل, و لكن اغلب المشركين لا يعلمون شيء عن أهمية وجود تلك الامور و سببها في استقرار الحياة على الارض. التساؤل الثالث حول لجوء المشرك و دعوته للخالق الحق حين يضطر به الامر خوفا على حياته من الموت, فيدعو الله ان ينجيه من ذلك الكرب, فحينها يعرف خالقه بفطرته التي يحاول جاهدا طمسها, و حول كشف ذاك السوء عنه و تمكينه من جديد خلفا لمن هلك من قبله, قال تعالى ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ) 62 النمل, ولكن المشركين سرعان ما يتناسوا ذلك اللجوء و اجابة تلك الدعوة و ذاك التمكين, و كأن شيء لم يكن, فمعظم المشركين لا يتذكرون ذلك.