كما كان يكرر نظرته إلى العالم من أجل حبكة الرواية بكل دقة بليغة وتظهر له شخصية جديدة، تربط كل من الشخصيات والوقائع ببعضهم البعض؛ وذلك من أجل تمول الحرب، وتظهر الثورة على أنها مجرد اعتراض على برنامج معين، وعلى الرغم من ذلك يكون هذا الاعتراض كافي من أجل السعي لقتل شخص، كما أشار الكاتب من خلال الرواية أن الحب لا يمكن أن يتغير على الرغم من الظروف التي تحيط بالمحبين. رواية الدكتور جيفاغو في البداية تدور أحداث ووقائع الرواية حول الشخصية البارزة في الرواية والتي تدعى يوري أندرييفيتش جيفاغو، إذ أنه في أحد الأيام كان جيفاغو قد وقع في عشق فتاة تدعى تونيا، وبالفعل تزوج منها ورزقان بطفل، وفي فترة من الفترات وأثناء قيام الحرب اضطر يوري للانخراط في العمل بمهنته كطبيب، وهناك كانت قد قدمت إحدى الفتيات التي تدعى لارا من أجل البحث عن حبيبها الذي شاع عنه أنه مات، ولكن عند وصولها علمت أنه سجين، وفي تلك الأثناء دخلت لارا في علاقة مع يوري وخسرت حبيبها القديم، وقد كان شعور لارا ويوري الواحد تجاه الآخر هو الانجذاب من دون التعبير عن هذا الشعور. وبعد مرور فترة من الوقت وانتهاء الحرب، رجع يوري إلى موطنه مدينة موسكو وإلى أصحابه القدامى، إلا أنّ الأشخاص الذين يعملون معه في تلك المدينة أصبحوا على الدوام يشككون به، وذلك لأنه كان أثناء الحرب تحت وطأة تأثير البولشيفية، ومن ذلك الوقت توجه يوري إلى الاعتماد على حدسه بدلاً من الاعتماد على المنطق، وفي تلك الأثناء انقسم الثوار الماركسيون، وهذا ما جعل أسرة يوري تضطر إلى الانتقال على متن إحدى القطارات الذي يستخدم من أجل نقل البضائع.
وكان قد مكث عندهم عدة سنوات إلى أن جاء اليوم الذي تمكن فيه من الهروب وعاد إلى لارا، وفي تلك الأثناء تكتشف زوجته بأنه لم يعد في مخيم السجن وأنه قد فرّ من المكان وأنه قام بتغيير اسمه إلى اسم آخر هو ستريلنك، كما أنه أصبح عضو مهم في الحكومة الجديدة المحصنة، وبالرغم من أنه كان مستقر هناك لفترة قصيرة، إلا أنه لم يسأل عنها وعلى عن ابنته ولا حتى قام بزيارة لها، حيث أنه قرر إنهاء المهمة الموكلة له في البداية. ثم بعد ذلك انتقل كل من لارا ويوري للعيش معاً في ذات المنزل، لكنهم اكتشفوا بأنها تتم ملاحقتهم من قِبل أشخاص غير معروفين، وهنا عزما على السفر إلى إحدى المزارع التي كان يوري قد عاش مع أسرته فيها في السابق، وفي تلك الأثناء عاد من جديد إلى كتابة الشعر، إذ أخذ يعبر من خلاله عن المخاوف التي تعتريه والشجاعة التي يتحلى بها، بالإضافة إلى حبه الشديد إلى لارا، فقد كانت المخاوف التي تعتريه جراء ظهور حبيب لارا القديم والذي يدعى كوماروفسكي. والذي بدوره أخبره أنّ الثوار يعلمون المكان الذي يختبؤون به وبأنهم عازمون على قتلهم، وقد لهم نصيحة بأن يقوم باصطحابهما إلى الخارج، وفي ذلك الوقت كان بإمكان يوري الرجوع إلى أسرته نظراً لاشتياقه لهم، لكنه يرفض ذلك من أجل حماية حياة لارا، وبالرغم من ذلك وافقت لارا على مرافقة كوماروفسكي للوصول إلى بر الأمان، وهنا وعد يوري لارا بأنه سوف يلحق بها ولن يتركها على الاطلاق.
والمعروف أن في الرواية جانبين أساسيين، تمثل حكاية الحب الرائع أحدهما، أما الجانب الآخر، الذي يشكل الخلفية كلها وأساس حكايتنا هنا، فإنما هو صورة الثورة الروسية كما قدمها باسترناك في الرواية. ونعرف أنها صورة بالغة السلبية، ولكن قوية الإقناع أيضاً، إلى درجة أن كُثراً يرون أن هذه الرواية قدمت المساهمة الأساسية في "تشويه" صورة الثورة البلشفية التي أدت إلى قيام الدولة الاشتراكية الكبرى، لا سيما بعد زهو الحرب العالمية الثانية. ثم بعد موت ستالين وسعي الحزب الشيوعي السوفياتي وسلطات موسكو إلى تحميله الآثام والمساوئ كلها. لقد أتت الرواية لتقول: لا، المسألة لم تبدأ مع ستالين، بل مع الثورة البلشفية نفسها. ومن هنا تبدأ الحكاية. هل هي الحكاية كلها؟ حكايتنا هذه نظمها ووثقها، إذاً، كتاب صدر في موسكو ولكن بعد سقوط المنظومة الاشتراكية برمّتها، من تأليف إيفان تولستوي (لا علاقة له حسب علمنا بالكاتب الروسي الكبير ليو تولستوي)، عنوانه "دكتور جيفاغو بين الـ(سي آي إي) والـ(كا جي بي)". والكتاب يروي الحكاية بادئاً بالتعريف ببوريس باسترناك بكونه ناقداً وشاعراً وروائياً كان معروفاً في الاتحاد السوفياتي منذ عشرينيات القرن الفائت.
لذلك، يجب على كل الروسية قراءة هذه الرواية الرائعة، ويشعر روح الشعب الروسي.
ولكن النظام كان يمارس ضغطه على الكتاب والشعراء وصار منذ 1930 يطالب بأدب شيوعي، ويفرض على الكتاب تلبية رغبات المجتمع واتّباع "فكر الحزب" في المواضيع المطروقة، واحترام قواعد الواقعية الاشتراكية، ويرهن حصولهم على حقوق التأليف وبعض الامتيازات المادية الأخرى بالانضواء تحت راية المؤسسات الرسمية، مما اضطرّ باسترناك إلى الانضمام إلى اتحاد الكتاب والمساهمة ضمن "فرق" الأدباء الذين يجوبون الأرياف لنشر ثقافة البناء الاشتراكي. ولكن أمام مشاهد البؤس التي عاينها في منطقة الأورال، رفض أن ينشر تقارير رحلاته تلك، وأبدى تبرّمه من شروط النظام السياسية والاجتماعية، مفضلا الوفاء لقناعاته الأخلاقية والجمالية. وآلت به مواقفه تلك إلى قطيعة كان من نتائجها فسخ عقوده وفرض الرقابة على نصوصه. في تلك الفترة ألف روايته وعرضها على "نوفي مير" فرفضت نشرها كما هي دون حذف وتشذيب. حينئذ قام بتسريب المخطوط الذي يقع في 433 صفحة مرقونة إلى ناشر إيطالي يدعى فيلترينيلّي، مغتنما وصول خروتشيف إلى الحكم وتنديده بجرائم ستالين في الدورة العشرين لمؤتمر الحزب الشيوعي عام 1956. الكرملين اعتبر تشريف بوريس باسترناك بجائزة نوبل خيانة للشعب السوفييتي وخيانة للسلام والتقدم وسيلة لبث البلبلة نُشرت الرواية أول مرة في روما في 15 نوفمبر 1957، ثم في باريس بعد سبعة أشهر، قبل أن تروّج في أوروبا.