[ ص: 479] سورة الطلاق قوله تعالى: وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وأما حدود الله التي نهى عن اعتدائها، فالمراد بها جملة ما أذن في فعله. سواء كان على طريق الوجوب، أو الندب، أو الإباحة، واعتداؤها: هو تجاوز ذلك إلى ارتكاب ما نهى عنه، كما قال تعالى: وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه والمراد: من طلق على غير ما أمر الله به وأذن فيه، وقال تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون والمراد: من أمسك بعد أن طلق بغير معروف، أو سرح بغير إحسان، أو أخذ مما أعطى المرأة شيئا على غير وجه الفدية التي أذن الله فيها. وقال تعالى: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات إلى قوله: ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين والمراد: من تجاوز ما فرضه الله للورثة، ففضل وارثا، وزاد على حقه، أو نقصه منه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته في حجة الوداع: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ". [ ص: 480] وروى النواس بن سمعان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تعرجوا.
[ ص: 482] وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله " فهذا قد اختلف الناس في معناه، فمنهم من فسر الحدود هاهنا بهذه الحدود المقدرة، وقال: إن التعزير لا يزاد على عشر جلدات، ولا يزاد عليها إلا في هذه الحدود المقدرة، ومنهم من فسر الحدود هاهنا بجنس محارم الله، وقال: المراد أن مجاوزة العشر جلدات لا يجوز إلا في ارتكاب محرم من محارم الله، فأما ضرب التأديب على غير محرم، فلا يتجاوز به عشر جلدات. وقد حمل بعضهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وحد حدودا فلا تعتدوها" على هذه العقوبات الزاجرة عن المحرمات، وقال: المراد النهي عن تجاوز هذه الحدود وتعديها عند إقامتها على أهل الجرائم. ورجح ذلك بأنه لو كان المراد بالحدود الوقوف عند الأوامر والنواهي، لكان تكريرا لقوله: "فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء، فلا تنتهكوها" وليس الأمر على ما قاله، فإن الوقوف عند الحدود يقتضي أنه لا يخرج عما أذن فيه إلى ما نهى عنه، وذلك أعم من كون المأذون فيه فرضا أو ندبا أو مباحا كما تقدم، وحينئذ فلا تكرير في الحديث، والله أعلم.
وأما السياج الثالث فهو نظام الرقابة الاجتماعية، والحسبة التي تضطلع بها الدولة في الإسلام. أقرأ ايضاً: حوار أصحاب الجنة والنار التقوى السياج العازل على حدود الله المصادر والمراجع [1] ـ البقرة: 229. [2] ـ الطلاق: 1. [3] ـ النساء: 14. [4] ـ البقرة: 187. [5] ـ بحار الأنوار 44: 139. [6] ـ النور: 30 ـ 31.
و "الفلح": و "الفلاح": الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير.