لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. استئناف أو حال من ضمير أحصوا العدة ، أي حالة كون العدة في بيوتهن ، ويجوز أن تكون بدل اشتمال من مضمون جملة أحصوا العدة لأن مكثهن في بيوتهن في مدة العدة يحقق معنى إحصاء العدة. ولكلا الوجهين جردت الجملة عن الاقتران بالواو وجوازا أو وجوبا. وفي إضافة البيوت إلى ضمير النساء إيماء إلى أنهن مستحقات المكث في البيوت مدة العدة بمنزلة مالك الشيء وهذا ما يسمى في الفقه ملك الانتفاع دون العين ولأن بقاء المطلقات في البيوت اللاتي كن فيها أزواجا استصحاب لحال الزوجية إذ الزوجة هي المتصرفة في بيت زوجها ولذلك يدعوها العرب ( ربة البيت) وللمطلقة حكم الزوجة ما دامت في العدة إلا في استمتاع المطلق. لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن. وهذا الحكم سببه مركب من قصد المكارمة بين المطلق والمطلقة. وقصد الانضباط في علة الاعتداد تكميلا لتحقق لحاق ما يظهر من حمل بأبيه المطلق حتى يبرأ النسب من كل شك وجملة ولا يخرجن عطف على جملة لا تخرجوهن وهو نهي لهن عن الخروج فإن المطلق قد يخرجها فترغب المطلقة في الخروج لأنها تستثقل البقاء في بيت زالت عنه سيادتها فنهاهن الله عن الخروج. فإذا كان البيت مكترى سكنته المطلقة وكراؤه على المطلق وإذا انتهى أمد كرائه فعلى المطلق تجديده إلى انتهاء عدة المطلقة.
قالت: هذا لمن كانت له رجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث اهـ. ويرد على ذلك أن إحداث الأمر ليس قاصرا على المراجعة فإن من الأمر الذي يحدثه الله أن يرقق قلوبهما فيرغبا معا في إعادة المعاشرة بعقد جديد. وعلى تسليم اقتصار ذلك على إحداث أمر المراجعة فذكر هذه الحكمة لا يقتضي تخصيص عموم اللفظ الذي قبلها إذ يكفي أن تكون حكمة لبعض أحوال العام. سورة الطلاق. فالصواب أن حق السكنى للمطلقات كلهن ، وهو قول جمهور العلماء. وقوله ( من حيث سكنتم) ، أي في البيوت التي تسكنونها ، أي لا يكلف المطلق بمكان للمطلقة غير بيته ولا يمنعها السكنى ببيته. وهذا تأكيد لقوله ( لا تخرجوهن من بيوتهن). [ ص: 327] فإذا كان المسكن لا يسع مبيتين متفرقين خرج المطلق منه وبقيت المطلقة ، كما تقدم فيما رواه أشهب عن مالك. و ( من) الواقعة في قوله ( من حيث سكنتم) للتبعيض ، أي في بعض ما سكنتم ويؤخذ منه أن المسكن صالح للتبعيض بحسب عرف السكنى مع تجنب التقارب في المبيت إن كانت غير رجعية ، فيؤخذ منه أنه إن لم يسعهما خرج الزوج المطلق. و ( من) في قوله ( من وجدكم) بدل مطابق ، وهو بيان لقوله ( من حيث سكنتم) فإن مسكن المرء هو وجده الذي وجده غالبا لمن لم يكن مقترا على نفسه.
((أم عبد الرحمن، أنتِ طالق)) هذه العبارة وما شابهها لم تسمعها أم عبد الرحمن فقط؛ بل سمعتها هند وأم صالح وسارة وغيرهن. وفي مجتمعنا فور سماعها لهذه العبارة كل ما تفعله المرأة هو حزم أمتعتها والذهاب لبيت أهلها أو أخيها أو أختها. ولنا في شرعنا في هذه الحالة حكمٌ وفيه حكمة ومصلحة، وهو متجسدٌ في قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)) [1]. ص302 - كتاب توفيق الرحمن في دروس القرآن - سورة الطلاق - المكتبة الشاملة. قال السعدي _رحمه الله_ في تفسير قوله تعالى: ((لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)): "لاتدري _أيها المطلق_: لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق أمرا لا تتوقعه فتراجعها ". [2] فلربما يسر الله رجوعهما، والحفاظ على بيتهما من أضرار الطلاق، خاصة ولو كان الطلاق بسبب مشادة في كلامٍ أثار الزوج فطلق، أو موقف لم يتأنى بردة فعله فيه فطلق. وأيضا من الحكم: أنها تكون مستفيدة من وجودها هناك فتعطى النفقة، لأن خروجها من البيت _غالباً_ يصعّب ذلك، فقد قيل في بعض الأمثلة: "البعيد عن العين بعيد عن القلب"، فلو يسر الله لها الرجعة فبها ونعمة، وإن لم ييسرها تكون قد أنهت مدة العدة ضامنة نفقتها، وبعدها تقدر على رفع أوراقها للضمان الاجتماعي بعد استخراج إثبات أنها مطلقة من الأحوال المدنية، فلا تشق على أحد ولا تعلِ هماً في شأن نفقتها.
غير جماع، ثم تستقبل ثلاث حيضات. وعن قتادة: قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} والعدّة أن يطلّقها طاهرًا من غير جماع. وقال طاووس: إذا أردت الطلاق فطلّقها حين تطهر قبل أن تمسّها تطليقة واحدة، لا ينبغي لك أن تزيد عليها، حتى تخلو ثلاثة قروء فإن واحدة تبينها. وقال ابن زيد في قوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، قال: إذا طلّقها للعدّة كان ملكها بيدك، من طلّق للعدّة جعل الله له في ذلك فسحة، وجعل له ملكًا إن أراد أن يرجع قبل أن تنقضي العدّة ارتجع. وعن السدي في قوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، قال: طاهرًا في غير جماع، فإن كانت لا تحيض، فعند غرّة كلّ هلال. وعن ابن عمر قال: طلَّقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره بذلك فقال: «مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلّقها قبل أن يجامعها، وإن شاء أمسكها، فإنها العّدة التي قال الله عز وجل». رواه ابن جرير وغيره. وعن ابن عباس في قوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} يقول: لا يطلّقها وهي حائض، ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلّقها تطليقة، فإن كانت تحيض فعدّتها ثلاث حيضات، وإن كانت لا تحيض فعدّتها ثلاث أشهر، وإن كانت حاملاً فعدّتها أن تضع حملها.
أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم. هذه الجملة وما ألحق بها من الجمل إلى قوله ( وكأين من قرية عتت) إلخ. تشريع مستأنف فيه بيان لما أجمل في الآيات السابقة من قوله ( لا تخرجوهن من بيوتهن) وقوله ( أو فارقوهن بمعروف) ، وقوله ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) فتتنزل هذه الجمل من اللاتي قبلها منزلة البيان لبعض ، ويدل الاشتمال لبعض وكل ذلك مقتضى للفصل. وابتدئ ببيان ما في ( لا تخرجوهن من بيوتهن) من إجمال. والضمير المنصوب في ( أسكنوهن) عائد إلى النساء المطلقات في قوله ( إذا طلقتم). وليس فيما تقدم من الكلام ما يصلح لأن يعود عليه هذا الضمير إلا لفظ النساء وإلا لفظ ( أولات الأحمال) ، ولكن لم يقل أحد بأن الإسكان خاص بالمعتدات الحوامل فإنه ينافي قوله تعالى ( لا تخرجوهن) فتعين عود الضمير إلى النساء المطلقات كلهن ، وبذلك يشمل المطلقة الرجعية والبائنة والحامل ، لما علمته في أول السورة من إرادة الرجعية والبائنة من لفظ ( إذا طلقتم النساء). وجمهور أهل العلم قائلون بوجوب السكنى لهن جميعا. قال أشهب: قال مالك يخرج عنها إذا طلقها وتبقى هي في المنزل. وروى ابن نافع قال مالك: فأما التي لم تبن فإنها زوجة يتوارثان والسكنى لهن لازمة لأزواجهن اهـ.
الرقية الشرعية،علاج السحر و الحسد - YouTube
وفي سورة طه يقول سبحانه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى[3]. هذه الآيات الكريمات العظيمات ينفث بها في الماء ، ثم بعد ذلك يصب هذا الماء الذي قرأت فيه على ماء أكثر، ثم يغتسل به المسحور ، ويشرب منه بعض الشيء، كثلاث حسوات يشربها منه، ويزول السحر بإذن الله ويبطل، ويعافى من أصيب بذلك، وهذا مجرب مع المسحورين، جربناه نحن وغيرنا ونفع الله به من أصابه شيء من ذلك. وقد يوضع في الماء سبع ورقات خضر من السدر تدق وتلقى في الماء الذي يقرأ فيه، ولا بأس بذلك، وقد ينفع الله بذلك أيضاً، والسدر معروف وهو شجر النبق. الرقية الشرعية للسحر والعين والحسد. وهناك أدوية لمن يتعاطى هذا الشيء، ويعالج بهذا الشيء، أدوية مباحة قد يستفاد منها في علاج السحر وإزالته كما أشار إلى هذا العلامة ابن القيم رحمه الله في بيان النشرة المشروعة، وقد ذكر ذلك أيضاً الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في كتابه [فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد] في باب ما جاء في النشرة.
أما ما يتعلق بإتيان الكهان أو السحرة والمشعوذين فهذا لا يجوز، وإنما الطريق الشرعي هو ما ذكرناه من القراءة على المسحور ، أو القراءة في ماء ويشربه ويغتسل منه، وإن وضع فيه سبع ورقات من السدر الأخضر الرطبة ودقت فهذا أيضاً قد ينفع بإذن الله مع القراءة، وهذا شيء مجرب كما تقدم. والغالب على من استعمل هذا مع إخلاصه لله وتوجهه إلى الله بطلب الشفاء أنه يعافى بإذن الله، وعلى المسحور أن يضرع إلى الله وأن يسأله كثيراً أن يشفيه ويعافيه، وأن يصدق في طلبه، وأن يعلم أن ربه هو الذي يشفيه، وهو الذي بيده الضر والنفع، والعطاء والمنع، وليس بيد غيره سبحانه وتعالى. المصدر: فتاوى نور على الدرب الجزء الأول الوســوم: رقية, ساحر, سحر, علاج سحر, مشعوذين