ثمة أناس لا يأخذون بأسباب الشفاء، فلا يستخدمون الوسائل العلاجية، مدعين التوكل على الله؛ لأنه الشافي المعافي، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخدم الرقية والكي للعلاج. هؤلاء ربما أخذوا بالحديث النبوي (سبعون ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب: هم الذين لا يكتوون ولا يكوون، ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)، في حين أنه عليه الصلاة والسلام رقى واسترقى، وكوى أحد أصحابه. في هذا التحقيق يلفت بعض أهل العلم والرأي أن صفات الذين يدخلون الجنة بلا حساب، هم الذين لا يلجأون إلى الرقية غير الشرعية، بل إلى الرقية التي لجأ إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعضهم رأى أن معنى «لا يسترقون» الواردة في الحديث هي عدم طلب الرقية من أحد، فيتولى الإنسان ذلك بنفسه.
وكان البعض منهم يربط مصير تحركاته بالطير وحركته فإذا أراد الإقدام على أمر ورأى طير يتجه لليمين فهذا معناه بالنسبة له أن هناك خير قادم من هذا العمل، أما لو اتجه الطائر للشمال فإنه يتشائم، وقد كان رجل مع ابن عباس ورأى غراب فحاول أن يبث التفاؤل وقال خير خير، على اعتبار دفع التشاؤم عن النفس، فأخبره ابن عباس أنه لا شر ولا خير، ولا علاقة للطير أي كان نوعه بومة أو غراب أو غيرهما، بالخير والشر وما شابههم. وخطورة ذلك الأمر هي تعليق القلب والعقل بشيء غير الله، واعتقاد الخير والشر فيها، وكونها تبعث اشارات، أو أن لها دلالات، وكأنها تعلم غيب الله، وما يعلم الغيب إلا الله سبحانه، وتعالى وإن أراد أن يطلع على غيبه أحد فلا يكون طير بل هم من يستحقوا حمل تلك الأمانة من الملائكة، كما قال سبحانه وتعالى في أواخر سورة الجن أنه الله لا يطلع على غيبه أحد إلا بشروط، وليست طيور أو نجوم، أو غيرها مما يتفائل ويتشائم به الجاهل. إذا فلا معنى لتشاؤم أو تفاؤل بشيء في الإسلام، ولا ربط رؤية كير أو نجم أو قمر، أو كما يفعل البعض من رؤية أعمى أو أعرج، أو إنسان خلقه الله على هيئة معينة أرادها فيه، ما أرادها سبحانه من باب التفاؤل والتشاؤم وإنما هي قدر كتبه عليه، مثل باقي الأمراض ولا علاقة له بكل ذلك، ولا يجلب خير ولا يدفع شر، ومن لا يجعل في قلبه وعقله ما يتفائل أو يتشائم فيه مع اعتبار باقي الحديث يكن من السبعون ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
[١٨] المراجع [+] ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4779، صحيح. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية-الدرر السنية ، صفحة 60، جزء 5. بتصرّف. ↑ سورة آل عمران، آية: 185. ↑ رواه صحيح مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 93، صحيح. ↑ "هل كل مسلم يدخل الجنة ولو كان منافقاً أو تاركاً للصلاة أو يقع في الشرك؟" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 5752، صحيح. ↑ "شرح حديث الذين يدخلون الجنة بغير حساب" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف. ↑ "صفات من يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2020. بتصرّف. ↑ سورة الطور، آية: 17-19. ↑ سورة الزمر، آية: 65. ↑ عبدالله حماد الرسي، دروس للشيخ عبدالله حماد الرسي ، صفحة 13، جزء 27. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7280، صحيح. ↑ عبدالله حماد الرسي، دروس للشيخ عبدالله حماد الرسي ، صفحة 14، جزء 27. ↑ سورة المؤمنون، آية: 9-11. ↑ عبدالله حماد الرسي، دروس للشيخ عبدالله حماد الرسي ، صفحة 15، جزء 27.
وجاء في الروايات الأخرى أن الله زادهم مع كل ألف سبعين ألفاً ، وفي بعض الروايات الأخرى وحثيات من حثيات ربي ، وهذه الحثيات لا يعلم مقدارها إلا الله سبحانه وتعالى. والجامع في هذا أن كل مؤمن استقام على أمر الله وعلى ترك محارم الله ووقف عند حدود الله هو داخل في السبعين، داخل في حكمهم في أنهم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، نعم. المقدم: جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم. فتاوى ذات صلة