مضمون الآيات الكريمة من (5) إلى (11) من سورة "المنافقون": 1- تذكر هذه الآيات بعض مواقف المنافقين العدائية من الرسول والمسلمين، وتبيِّن أن العزة الحقيقية لله ولرسوله وللمؤمنين. 2- ثم تحذِّر المؤمنين من التشبُّه بهؤلاء المنافقين، وتطلب منهم الإنفاق وعمل الطاعات قبل اقتراب الأجل المحتوم، حيث لا ينفع وقتئذٍ الندم، ولن يرجع ما فات. تفسير سورة المنافقون. دروس مستفادة من الآيات الكريمة: من (5) إلى (11) من سورة "المنافقون": 1- لم يقاتل المسلمون المنافقين؛ لأنهم يعلنون إسلامهم ظاهرًا، وهذا يؤكد سماحة هذا الدين، وترك الباطن لله - سبحانه وتعالى - ليحاسب عليه يوم القيامة. 2- المؤمن لا تشغله الأموال ولا الأولاد عن طاعة الله وعبادته، وهو ينفق مما أعطاه الله في وجوه الخير. 3- على المؤمنين أن يبادر بأعمال الطاعات قبل أن يجيء الأجل، فيندم على تفريطه حيث لا ينفع الندم. 4- العزة: هي معرفة الإنسان بحقيقة نفسه، وهي من الصفات التي يتحلَّى بها المسلم فلا يذل نفسه إلا لله - سبحانه وتعالى - وهي غير الكبر: الذي هو جهل الإنسان بنفسه، وهو من الصفات التي يحرم على المسلم أن يتصف بها.
ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء وقت موتها, وانقضى عمرها, والله سبحانه خبير بالذي تعملونه من خير وشر, وسيجازيكم على ذلك.
{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} أي: ترسًا يتترسون بها من نسبتهم إلى النفاق. فصدوا عن سبيله بأنفسهم، وصدوا غيرهم ممن يخفى عليه حالهم، { إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} حيث أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، وأقسموا على ذلك وأوهموا صدقهم. { ذَلِكَ} الذي زين لهم النفاق { بـ} سبب أنهم لا يثبتون على الإيمان. بل { آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} بحيث لا يدخلها الخير أبدًا، { فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} ما ينفعهم، ولا يعون ما يعود بمصالحهم. { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} من روائها ونضارتها، { وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} أي: من حسن منطقهم تستلذ لاستماعه، فأجسامهم وأقوالهم معجبة، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء، ولهذا قال: { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} لا منفعة فيها، ولا ينال منها إلا الضرر المحض، { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} وذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم، والريب الذي في قلوبهم يخافون أن يطلع عليهم. تفسير سورة المنافقون 2/2 - YouTube. فهؤلاء { هُمُ الْعَدُوُّ} على الحقيقة، لأن العدو البارز المتميز، أهون من العدو الذي لا يشعر به، وهو مخادع ماكر، يزعم أنه ولي، وهو العدو المبين، { فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أي: كيف يصرفون عن الدين الإسلامي بعد ما تبينت أدلته، واتضحت معالمه، إلى الكفر الذي لا يفيدهم إلا الخسار والشقاء.
إذا حضر مجلسك المنافقون -يا محمد- قالوا بألسنتهم, نشهد إنك لرسول الله, والله يعلم إنك لرسوله الله, والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أظهروه من شهادتهم لك, وحلفوا عليه بألسنتهم, وأضمرا الكفر به. إنما جعل المنافقون أيمانهم التي أقسموها سترة ووقاية لهم من المؤاخذه, والعذاب, ومنعوا أنفسهم, ومنعوا الناس عن طريق الله المستقيم, إنهم بئس ما كانوا يعملون ذلك لأنهم آمنوا في الظاهر, ثم كفروا في الباطن, فختم الله على قلوبهم بسبب كفرهم, فهم لا يفهمون ما فيه صلاحهم.