وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) ( وإلى الأرض كيف سطحت) ؟ أي: كيف بسطت ومدت ومهدت ، فنبه البدوي على الاستدلال بما يشاهده من بعيره الذي هو راكب عليه ، والسماء التي فوق رأسه ، والجبل الذي تجاهه ، والأرض التي تحته - على قدرة خالق ذلك وصانعه ، وأنه الرب العظيم الخالق المتصرف المالك ، وأنه الإله الذي لا يستحق العبادة سواه. وهكذا أقسم " ضمام " في سؤاله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال: كنا نهينا أن نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء ، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع ، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد ، إنه أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك. قال: " صدق ". قال: فمن خلق السماء ؟ قال: " الله ". تفسير اية والى الارض كيف سطحت - جيل التعليم. قال: فمن خلق الأرض ؟ قال: " الله ". قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل ؟ قال: " الله ". قال: فبالذي خلق السماء والأرض ونصب هذه الجبال ، آلله أرسلك ؟ قال: " نعم ". قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: فبالذي أرسلك ، آلله أمرك بهذا ؟ قال: " نعم ".
هذه نبذة من أقوال علماء المسلمين في شكل الأفلاك ، ثم قال: وهذا محل القصد بالذات ، وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة. قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب ، لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد ، بل على المشرق قبل المغرب. قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء ، كالنقطة في الدائرة ، يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء ، على قدر واحد ، فيدل ذلك على بعد ما [ ص: 427] بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد ، فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء. اهـ. بلفظه. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الغاشية - الآية 20. فهذا نقل لإجماع الأمة ، من إمام جليل في علمي المعقول والمنقول ، على أن الأرض على شكل الكرة ، وقد ساق الأدلة الاضطرارية من حركة الأفلاك على ذلك. ومن جهة العقل أيضا يقال: إن أكمل الأجرام هو المستدير كما قال في قوله: ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت [ 67 \ 3]. وعليه ، فلو قدر لسائر على وجه الأرض ، وافترضنا الأرض مسطحة كسطح البيت أو القرطاس مثلا ، لكان لهذا السائر من نهاية ينتهي إليها ، وهي منتهى التسطيح أو يسقط في هاوية ، وباعتبارها كرة ، فإنه يكمل دورته ، ويكررها ولو سار طيلة عمره لما كان لمسيره منتهى ، لأنه يدور على سطحها من جميع جهاتها.
تفسير قوله تعالى وإلى الأرض كيف سطحت ومسألة كروية الأرض للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - YouTube
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته. اختيار هذا الخط تفسير قوله تعالى وإلى الأرض كيف سطحت وإلى الأرض كيف سطحت 20- وإلى الأرض كيف سطحت أي: بسطت فيستدلون بها على قدرة الله تعالى ووحدانيته وصدرت بالإبل لأنهم أشد ملابسة لها من غيرها، وقوله سطحت ظاهر في أن الأرض سطح وعليه علماء الشرع لا كرة كما قاله أهل الهيئة وإن لم ينقض ركنا من أركان الشرع.
الوجه الثاني: أن جميع المخلوقات دالة على الصانع إلا أنها على قسمين: منها ما يكون للحكمة وللشهوة فيها نصيب معا ، ومنها ما يكون للحكمة فيها نصيب ، وليس للشهوة فيها نصيب. والقسم الأول: كالإنسان الحسن الوجه ، وبساتين النزهة ، والذهب والفضة وغيرها ، فهذه الأشياء يمكن الاستدلال بها على الصانع الحكيم ، إلا أنها متعلق الشهوة ومطلوبة للنفس ، فلم يأمر تعالى بالنظر فيها ؛ لأنه لم يؤمن عند النظر إليها وفيها أن تصير داعية الشهوة غالبة على داعية الحكمة فيصير ذلك مانعا عن إتمام النظر والفكر وسببا لاستغراق النفس في محبته. [ ص: 145] أما القسم الثاني: فهو كالحيوانات التي لا يكون في صورتها حسن ، ولكن يكون في داعية تركيبها حكم بالغة وهي مثل الإبل وغيرها ، إلا أن ذكر الإبل ههنا أولى لأن إلف العرب بها أكثر وكذا السماء والجبال والأرض ، فإن دلائل الحدوث والحاجة فيها ظاهرة ، وليس فيها ما يكون نصيبا للشهوة ، فلما كان هذا القسم بحيث يكمل نصيب الحكمة فيه مع الأمن من زحمة الشهوة لا جرم أمر الله بالتدبر فيها ، فهذا ما يحضرنا في هذا الموضع وبالله التوفيق.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) يقول: أظلمت. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) يعني: ذهبت. حدثني محمد بن عمارة، حدثني عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال: اضمحلت وذهبت. حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، في قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال: ذهب ضوءها فلا ضوء لها. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال: غوّرت، وهي بالفارسية، كور تكور. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) أما تكوير الشمس: فذهابها. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال: كوّرت كورا بالفارسية. وقال آخرون: معنى ذلك: رمي بها. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عثام بن عليّ، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) قال: نُكِّست.