المفعول المطلق في الآية الكريمة يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليما هو، ايات القرأن الكريم كثيرة ومتنوعة، وهذه الاية تعتبر من سورة الاحزاب الاية 56، وهي تحثنا على الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث ان الصلاة على النبي تشفع لاصحابه يوم القيامة وترضي الله تعالى عنا وتدخلنا الجنة، ويمكن ان نصلي على الرسول من خلال العبارة الاتية (اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد). الاسماء في لغتنا العربية قد تأتي منصوبة او مرفوعة او مجرورة ويعتبر المفعول المطلق من المفاعيل الخمسة الموجودة في اللغة العربية وهي دائما منصوبة مثل المفعول المطلق والمفعول معه والمفعول لاجله والمفعول معه والمفعول به، وكل نوع من هذه المفاعيل له استخدام معين ويأتي في جمل معينة، وفيما يخص سؤالنا هذا المفعول المطلق في الآية الكريمة يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليما هو الاجابة الصحيحة هي: تسليماً.
وقالوا: «إن في الآية تكريماً وتشريفاً أبلغ وأتم من تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود له، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي، ثم عن الملائكة بالصلاة عليه، فتشريف صدر عنه سبحانه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير جواز أن يكون الله عز وجل معهم في ذلك». ومن جميل ما فطن إليه البعض قولهم: «إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته، فآثره صلى الله عليه وسلم بها من بين الرسل، واختصكم بها من بين الأنام، فقابلوا نعمة الله بالشكر».
والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وذكره، استولت محبته على قلبه، وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة والتسليم عليه: فقال: (قولوا اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وقال: (قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد). وعن أبي محمد كعب بن عجرة، رضي الله عنه، قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».
• قال الشنقيطي: من براهين البعث بعد الموت خلق الناس أولاً المشار إليه بقوله (اعبدوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ والذين مِن قَبْلِكُمْ) لأن الإيجاد الأول أعظم برهان على الإيجاد الثاني، وقد أوضح ذلك في آيات كثيرة: كقوله (وَهُوَ الذي يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ) الآية وقوله (كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ) ، وكقوله (فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الذي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) الآية، وكقوله (يا أيها الناس إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البعث فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ) ، وكقوله: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى) الآية. ولذا ذكر تعالى أن من أنكر البعث فقد نسي الإيجاد الأول، كما في قوله (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ) الآية، وقوله (أَوَلَا يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً). ثم رتب على ذلك نتيجة الدليل بقوله (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) إلى غير ذلك من الآيات. يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ | أهل مصر. (أضواء البيان). • قال ابن الجوزي: وإنما ذكر من قبلهم، لأنه أبلغ في التذكير، وأقطع للجحد، وأحوط في الحجة. وقيل إنما ذكر من قبلهم لينبههم على الاعتبار بأحوالهم من إثابة مطيع، ومعاقبة عاص.
وكان النبي قبله يُبعث إلى قومه خاصة. وهذا من خصائصه ( صلى الله عليه وسلم)؛ أنه بُعث إلى الناس كافة قل { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ}: هذا القرآن العظيم هو موعظة، وهو هدى، وهو أحكام وتشريعات، وهو أخبار عن الماضي والمستقبل. وعلوم القرآن كثيرة منها: أنه موعظة للناس. والموعظة: هي النصيحة التي تؤثر في القلوب، وتعضهم بها ما مضى من الحوادث، وما يأتي في المستقبل. فالمؤمن يتعظ بأخبار القرآن، وقصص القرآن، فيها موعظةوَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ: هذا الأمر الثاني مما جاء للناس؛ أنه شفاء لما في الصدور من الشكوك والكفر والنفاق، وأن يحل محل ذلك الإيمان بالله والطمأنينةشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ: يعني للقلوب. شفاءٌ للقلوب التي في الصدور وهُدًى: أي دلالة وارشاد لمن يريد الخير ويريد الحق وَرحْمَةٌ: القرآن من أوصافه أنه رحمة؛ رحمةٌ للناس؛ لأنه جاءهم بما يَنفعهم وما يُنقذهم من العذاب والغضب فهو رحمة القرآن رحمة. شِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وهو رحمة، هذا من أوصاف القرآن الكريم. يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم. وهدًى وموعظة للمتقين الذين ينتفعون بهذا الهدى والموعظة هم المتقون الذين يتقون الله – سبحانه وتعالى -؛ يتقون غضبه وعقابه، يتخذونه وقاية تقيهم، وقاية من الأعمال الصالحة تقيهم من المحاذير العاجلة والمستقبلة.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57] رابط المادة: