لكن الحديث الذي طعن فيه أهل الحديث وردوه هو حديث: (من صام رمضان، وأتبعه ستاً من شوال؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، الذي رواه عن ابن عمر مرفوعاً: الطبراني في الأوسط [8]. قال الطبراني المتوفى عام (360 هـ)، في المعجم الأوسط: "لم يرو هذا الحديث عن نافع، إلا أبو عبد الله الحمصي تفرد به مسلمة بن علي" [9]. وقال الهيثمي المتوفى عام (807 هـ)، في مجمع الزوائد: كتاب الصيام، باب فيمن صام رمضان وستة أيام من شوال: "فيه مسلمة بن علي الخشني وهو ضعيف" [10]. وحديث: (من صام رمضان فأتبعه ستا من شوال صام السنة كلها)، الذي رواه عن ابن عباس وجابر مرفوعاً: الطبراني في الأوسط [11]. قال الطبراني في الأوسط: "لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن دينار، إلا يحيى بن سعيد المازني تفرد به بكار بن الوليد الضبي أبو العباس بن بكار" [12]. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: كتاب الصيام، باب فيمن صام رمضان وستة أيام من شوال: " فيه يحيى بن سعيد المازني وهو متروك" [13]. فوائد منتقاة من الحديث: شرح هذا الحديث غير واحد من العلماء، وتحدثوا عنه فقهيا، لكني في هذا المقال أورد فيه بعض فضائل صيام الست من شوال: فقد نقل العلامة أبو بكر ابن العربي، المتوفى عام (543هـ) في كتابه: المسالك في شرح موطأ مالك: "معنى ذلك؛ أن الحسنة لما كانت بعشر أمثالها، كان مبلغ ما له من الحسنات في صوم الشهر والستة أيام ثلاث مئة وستون حسنة، عدد أيام السنة، وكأنه صام سنة كاملة، يكتب له في كل يوم منها حسنة ولو صام ستة أيام في المحرم، لكان أفضل له، وليس لتعينها بشوال معنى، غير أن فيه تحصيل العمل وقصر الأمل" [14].
السؤال: السؤال هو عن الحديث: (من صام رمضان ثم أتبعة بصيام ستة من شوال كأنما صام الدهر كله). هل هذا الحديث صحيح أم لا؟ جزاكم الله خيراً. الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصوم الدهر »؛ رواه أحمد ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. وعن ثوبان مولى رسول صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: « من صام ستة من أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها »؛ رواه النسائي وابن حبان والبيهقي. وكلا الحديثين صحيح. والله أعلم. 51 16 88, 283
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. إنجاز: يوسف أزهار إن الله سبحانه وتعالى فرض الفرائض، ورغب في النوافل؛ ليجبر المكلف ما قد يصدر منه من أفعال وأقوال، قد تخدش في تلك الفرائض، ومن هذه الفرائض: شهر رمضان، الذي ودعناه قريبا؛ لكن ولابد أن تعتري هذه الفريضة نقص من المكلف، وليجبر ما نقص منها، رغب الله سبحانه وتعالى صيام ستة أيام من الشهر الذي يليه، وهو شهر شوال، فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر). تخريج الحديث: انظر تخريج هذا الحديث في رسالة الحافظ أبي سعيد العلائي: رفع الإشكال عن صيام ستة أيام من شوال، مع هامش المحقق، فقد تحدث العلائي، المتوفى عام (761هـ) [1] رحمه الله تعالى عن الحديث المذكور أعلاه سندا ومتنا رد فيه على طعن الحافظ أبي الخطاب ابن دحية الكلبي، المتوفى عام (633هـ) [2] رحمه الله تعالى في رسالته الموسومة بـ: العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور، للحديث المشار إليه، فلينظر إتماما للفائدة [3]. كما ألف أيضا في الموضوع المحدث قاسم بن قطلوبغا المتوفى عام (879هـ) [4] رحمه الله تعالى رسالة عنونها بـ: تحرير الأقوال في صوم الست من شوال، أورد فيها جوابا عن سؤال رفعه إليه محمد بن طنبغا المتوفى عام (هـ) [5] في شأن قول الشيخ جلال الدين التَّبَّاني المتوفى عام (793هـ) [6] رحمه الله تعالى في مقالة له نظما: وفي صيام الست من شوال***كراهة عند أولي الأفضال وقوله في شرحها: "أي: يكره صوم الست من شوال متتابعا ومتفرقا عند أبي حنيفة، وعن أبي يوسف يكره متتابعا، وقال مالك: يكره على كل حال، وهذا وظيفة الجهال، وكل حديث فيه فهو موضوع، ذكره في كتاب التفسير" فلينظر رد العلامة قطلوبغا في موضعه [7].