وكأن في الآيتين نوع من الطرد بين تعداد النعم الناتجة عن وسائط النقل التي ذكرها تعالى متمثلة في الخيل والبغال والحمير التي يهتدي بها الإنسان إلى الطرق التي يسلكها، وهذه الطرق على حقيقتها الحسية يمكن أن تكون سالكة وقاصدة إلى البغية التي يطلبها الراكب دون التخلف عن اختياره، ومن هنا انتقل تعالى إلى الطرق المعنوية التي تؤمن لسالكها البغية التي تؤدي به إلى السعادة الأبدية فلذلك قال جل شأنه: (وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين) النحل 9. ثم استأنف تعداد النعم المادية التي من بها على الإنسان، فكأن الآية المبحوث عنها أشبه بالجملة الاعتراضية بين تعداد النعم المادية، فهي نظير قوله: (يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سؤاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير) الأعراف 26. فجمع تعالى في هذه الآية بين اللباس المادي واللباس المعنوي، فهكذا في موضوع البحث فإن الله تعالى قد جمع بين الطرق المادية والطرق المعنوية التي تؤدي بسالكها إما إلى قصد السبيل وإما إلى الجور عنه. هذا ما لدينا وللمفسرين في الآية آراء أخرى أعرض لها: الرأي الأول: قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: في الآية حذف، والتقدير: وعلى الله بيان قصد السبيل ثم قال: ومنها جائر أي عادل مائل، ومعنى الجور في اللغة: الميل عن الحق، والكناية في قوله: ومنها جائر تعود على السبيل، وهي مؤنثة في لغة الحجاز، يعني ومن السبيل ماهو جائر غير قاصد للحق وهو أنواع الكفر والضلال، ويقول الرازي في مسألة أخرى على لسان المعتزلة إن الآية دلت على أنه يجب على الله تعالى الإرشاد والهداية إلى الدين وإزاحة العلل والأعذار لأنه تعالى قال وعلى الله قصد السبيل وكلمة (على) للوجوب قال تعالى: (ولله على الناس حج البيت) آل عمران 97.
وعلى الله قصد السبيل - YouTube
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ۚ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) قوله تعالى: وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين قوله تعالى: وعلى الله قصد السبيل أي على الله بيان قصد السبيل ، فحذف المضاف وهو البيان. والسبيل: الإسلام ، أي على الله بيانه بالرسل والحجج والبراهين. وقصد السبيل: استعانة الطريق; يقال: طريق قاصد أي يؤدي إلى المطلوب. ومنها جائر أي ومن السبيل جائر; أي عادل عن الحق فلا يهتدى به; ومنه قول امرئ القيس: ومن الطريقة جائر وهدى قصد السبيل ومنه ذو دخل وقال طرفة: عدولية أو من سفين ابن يامن يجور بها الملاح طورا ويهتدي العدولية سفينة منسوبة إلى عدولى قرية بالبحرين. والعدولي: الملاح; قاله في الصحاح. وفي التنزيل وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل. وقد تقدم وقيل: المعنى ومنهم جائر عن سبيل الحق ، أي عادل عنه فلا يهتدي إليه. وفيهم قولان: أحدهما: أنهم أهل الأهواء المختلفة; قاله ابن عباس. الثاني: ملل الكفر من اليهودية والمجوسية والنصرانية. وفي مصحف عبد الله " ومنكم جائر " وكذا قرأ علي " ومنكم " بالكاف. وقيل: المعنى وعنها جائر; أي عن السبيل.
الرأي الثالث: قال أبو حيان في البحر المحيط: السبيل هنا مفرد اللفظ وأل فيه للعهد وهي سبيل الشرع وليست للجنس، إذ لو كانت له لم يكن منها جائر، والمعنى: وعلى الله تبيين طريق الهدى، وذلك بنصب الأدلة وبعثة الرسل، ثم ينقل عن ابن عطية قوله: ويحتمل أن يعود منها على سبيل الشرع، وتكون من للتبعيض، والمراد: فرق الضلالة من أمة محمد (ص) كأنه قال: ومن بنيات الطرق في هذه السبيل، ومن شعبها. ثم ينسب أبو حيان إلى قيل قوله: أل في السبيل للجنس وانقسمت إلى مصدر وهو طريق الحق، وإلى جائر وهو الطريق الباطل، والجائر العادل عن الاستقامة والهداية كما في قول طرفة: عدولية أو من سفين ابن يامن******يجور بها الملاح طوراً ويهتدي ومنه قول امرئ القيس: ومن الطريقة جائر وهدىً******قصد السبيل ومنه ذو دخل. الرأي الرابع: يقول الزمخشري في الكشاف: المراد بالسبيل: الجنس، ولذلك أضاف إليها القصد وقال: ومنها جائر والقصد مصدر بمعنى الفاعل وهو القاصد، يقال سبيل قصد وقاصد، أي مستقيم، كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه، ومعنى قوله: وعلى الله قصد السبيل أن هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه، كقوله: (إن علينا للهدى) الليل 12.
ومن عادة القرآن الكريم حين يحدثنا عن فضل الله المادّيّ علينا ينتقل بنا إلى فضله المعنوي من هداية وإيمان. يتلطف بنا إذ ينقلنا إلى كرمه ، حين هدانا إلى الصراط المستقيم. ألا ندعو دائماً ( اهدنا الصراط المستقيم) نكررها عشرات المرات كل يوم في صلاتنا، وحين نقرأ الفاتحة دون صلاة أيضاً. والصراطُ هو الطريق الصحيح إلى مرضاة الله تعالى ورضوانه. مثال ذلك الانتقال قولُه تعالى( يا بني آدم ؛ قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ، ولباس التقوى ذلك خير.. ) الأعراف ،الآية 26، فمن اللباس المادي الذي يستر عوراتنا إلى لباس الإيمان والتقوى الذي يستر أخطاءنا وذنوبنا ويمحوها. فالله تعالى يكرمنا في الدنيا يالثياب التي تخفي العورات التي دَأَبَ الفسقَةُ والفجرةُ في إظهارها كما تظهرعياناً في الحيوانات والدوابّ، ومن العجب أن هؤلاء يودون أن يهبطوا إلى درك البهيمية الحيوانية ليعيشوا متفلّتين من الأخلاق والآداب ، ويرون الستر مذَمّة ورجعية ، ولا يدرون أنهم سقطوا في حمأة الرذيلة ومستنقع الفساد. إن الله سبحانه وتعالى حين أرسل أنبياءه أوضح للبشر الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه،فقال: ( وعلى الله قصد السبيل) ومن معاني قصد: التوجّه باعتدال ، والسير استواءً،وكذلك: بيان الطريق الموصل إلى الحقِّ، والقصدُ: استقامة الطريق.
هنا كتابات عن الصحة والرياضة والقراءة، هنا أسعى لأدون ما أريد إنجازه وما أنجزته، لكي أصحح البوصلة دائماً، هنا أراجع الخلل، مرة بعد مرة، حتى لا أقابل ربي به، هنا الرجل المنشق عني، الذي دائماً أحاول أن أقومه ولا يستقيم، هنا أحرص على ذكر الله والقرب منه، لأن ذلك حياة القلب أحدث المقالات التعريف بنظام المحاماة تعرّف المحاماة بأنها: مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في استظهار الحقائق، واستعادة الحقوق للمستضعفين…لا سلطان عليك إلا ضميرك والقانون وخوفك من اللهكثير من الناس يقولون أن الخير جاي والمستقبل واعد لها. مراجع قضائية: 1- المبادئ القضائية"ملزمة للقاضي، وللمحامي تقديم الدفع ولو اكتسب الحكم القطعية".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) قال: إنارتها. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) يقول: على الله البيان، يبين الهدى من الضلالة، ويبين السبيل التي تفرّقت عن سبله، ومنها جائر. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمِنْهَا جَائِرٌ): أي من السبل، سبل الشيطان ، وفي قراءة عبد الله بن مسعود: " وَمِنْكُمْ جَائِرٌ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ". حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر ، عن قتادة ( وَمِنْهَا جَائِرٌ) قال: في حرف ابن مسعود: " وَمِنْكُمْ جَائِرٌ". حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ) يعني: السبل المتفرّقة. حدثني عليّ بن داود، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ) يقول: الأهواء المختلفة. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَمِنْهَا جَائِرٌ) يعني السبل التي تفرّقت عن سبيله.