ثانيًا: لم يرِدْ في الشرع التطوُّعُ بركعةٍ واحدةٍ في غيرِ الوتر، والأحكام إنَّما تُتلقَّى من الشارع؛ إمَّا من نصِّه، أو معنى نصِّه، وليس هاهنا شيءٌ من ذلك ((المغني)) لابن قدامة (2/92). انظر أيضا: المبحث الأول: صلاةُ السُّننِ في البَيتِ. المبحث الثاني: لُزومُ التطوُّع بالشُّروعِ فيه. المبحث الثَّالث: القعودُ في صلاةِ التطوُّعِ. المبحث الرابع: الاضطجاعُ في صلاةِ التطوُّعِ.
ثامناً: ومن الحكم أيضاً تدريب النفس وتوطينها على عبادة الله تعالى لكي تعتاد على ذلك ويسهلُ عليها فعل الطاعة فتلتذُ بها، ويحصل لها الخشوع والخضوع، فتسهل عليها الفرائض وتتهيأ لها. حكم صلاة التطوع وقت النهي. تاسعاً: لأن النوافل تعتبر من أعظم الأسباب في صلاح القلب واستقامته وطهارته وبذلك تصلح أموره وتستقيم أحواله. عاشراً: انشغال الوقت بأفضل الطاعات وأجلِ القربات من الله تعالى وهي الصلاة. الحادي عشر: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في تأدية النوافل، ومثله السابقين المُقربين من سلف هذه الأمةِ، الذين يكونون في أعلى المراتب عند الله.
السؤال: ما هي "صلاة التطوع" والفرق بين "صلاة الفريضة" و"صلاة التطوع"؟ الإجابة: من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أن جعل لكل نوع من أنواع الفريضة تطوعاً يشبهه، فالصلاة لها تطوع يشبهها من الصلوات، والزكاة لها تطوع يشبهها من الصدقات، والصيام له تطوع يشبهه من الصيام ، وكذلك الحج ، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده ليزدادوا ثواباً وقرباً من الله تعالى، وليرقعوا الخلل الحاصل في الفرائض، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة.
لا يجوزُ التطوُّعُ بركعةٍ واحدةٍ في غيرِ الوترِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/61)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/52). ، والمالِكيَّة ((الكافي)) لابن عبد البر (1/257-259)، وينظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (13/253)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/393). ، وروايةٌ عن أحمدَ ((المغني)) لابن قدامة (2/92،10/12)، ((الإنصاف)) للمرداوي (2/137). ، واختارَه ابنُ قُدامةَ قال ابنُ قُدامةَ: (قال بعضُ أصحابنا: ولا يُزاد في اللَّيل على اثنتين، ولا في النهار على أربع، ولا يصحُّ التطوع بركعة ولا بثلاث. وهذا ظاهرُ كلام الخرقي. وقال القاضي: لو صلَّى ستًّا في ليل أو نهار، كره وصح. حكم صلاة التطوع في جماعة - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقال أبو الخطاب: في صحَّة التطوع بركعة روايتان؛ إحداهما: يجوز؛ لِمَا روى سعيدٌ، قال: حدَّثَنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، قال: دخل عمرُ المسجد فصلَّى ركعةً، ثم خرج فتبعه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما صليتَ ركعة. قال: هو تطوُّع، فمَن شاء زاد، ومن شاء نقص. ولنا: أنَّ هذا خلاف قول رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «صلاة اللَّيل مثنى مثنى»، ولأنَّه لم يَردِ الشرع بمثله، والأحكام إنما تتلقَّى من الشارع، إمَّا من نصه، أو معنى نصِّه، وليس هاهنا شيءٌ من ذلك).
وعامة تطوعاته إنما كان يصليها منفردا. اهـ كلام شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى. وعليه؛ فلا ينبغي الاستمرار على صلاة الليل جماعة ولو بالزوجة وحدها، ولا بأس بذلك أحيانا. والله أعلم.
وبأنها أي راتبة الفجر تصلى في الحضر والسفر، وبأن فيها فضلاً عظيماً، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ". ومن النوافل في الصلوات: الوتر وهو من أوكد النوافل حتى قال بعض العلماء بوجوبه، وقال فيه الإمام أحمد رحمه الله (مَن ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة)، وتختم به صلاة الليل فمَن خاف أن لا يقوم من آخر الليل أوتر قبل أن ينام ومع طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل بعد إنهاء تطوعه، قال النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً " وأقله ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات.
قلت: وما نقله من الإجماع والاتفاق متعقب، فقد حكى غيره عن طائفة من السلف الإباحة مطلقا، وأن أحاديث النهي منسوخة، وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر، وبذلك جزم ابن حزم، وعن طائفة أخرى المنع مطلقا في جميع الصلوات، وصح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض في هذه الأوقات، وحكى آخرون الإجماع على جواز صلاة الجنازة في الأوقات المكروهة، وهو متعقب بما سيأتي في بابه. وما ادعاه ابن حزم وغيره من النسخ مسنندا إلى حديث من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى. فدل على إباحة الصلاة في الأوقات المنهية. انتهى. وقال غيرهم: ادعاء التخصيص أولى من ادعاء النسخ، فيحمل النهي على ما لا سبب له، ويخص منه ما له سبب جمعا بين الأدلة. وقال البيضاوي: اختلفوا في جواز الصلاة بعد الصبح والعصر، وعند الطلوع والغروب، وعند الاستواء، فذهب داود إلى الجواز مطلقا، وكأنه حمل النهي على التنزيه. قلت: بل المحكي عنه أنه ادعى النسخ كما تقدم، قال: وقال الشافعي: تجوز الفرائض وما له سبب من النوافل، وقال أبو حنيفة: يحرم الجميع سوى عصر يومه، وتحرم المنذورة أيضا، وقال مالك: تحرم النوافل دون الفرائض، ووافقه أحمد، لكنه استثنى ركعتي الطواف.