[٢] أبو القاسم الزهراوي أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي الأنصاري الأندلسي من مواليد مدينة الزهراء بالقرب من قرطبة عام 936، و توفي فيها عام 1013، كان أعظم الأطباء الجرّاحين في عصره وحتّى عصر النّهضة في أوروبّا، وامتلكت إنجازاته ومؤلّفاته شهرة إلى يومنا هذا، وكانت للزهراوي جهود كبيرة لرفع مستوى الطب والجراحة في مدينته الزهراء العاصمة الأندلسيّة الجديدة، وفي قرطبة التي كانت مركز مهم للتجارة والثقافة في عصر الخليفة عبد الرحمن الثالث الناصر لدين الله [٣] ، وعمل طبيبًا للبلاط في عهد الخليفة الناصر ومن ثمّ في عهد ابنه الحكم الثاني المستنصر [٤].
وبالرغم من أن الحديث عن الزهراوي دائما ما ينصرف لإسهاماته في الجراحة، فقد كان طبيبا متميزا في المجالات الطبية الأخرى كما يتضح من تغطيته لها في كتابه. مصادر إسلام أون لاين: السرطان.. في التراث الطبي الإسلامي تصريح هذه المقالة عبارة عن بذرة تحتاج للنمو والتحسين؛ فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.
[١] وتجدُر الإشارة إلى أنَّ المراجع التي تتحدَّث عن حياة الزهراويّ قليلة جدّاً، علماً بأنَّ أخباره لا يعرفها الكثيرون، إلّا أنَّه من خلال المعلومات القليلة التي وصلت عنه، يَظهرُ أنَّ الزهراويّ قد عَمِل في (مُستشفى قُرطبة) الذي أنشأه الخليفة عبد الرحمن الناصر، ومع عمله في المُستشفى تجلَّت خبرته في مَعرفة الأدوية المُركَّبة، والمُفردة، واستطاع أن يجمع بين تخصُّصَي الصيدلة ، والطبّ، وكان الزهراويّ مُقتنِعاً بضرورة أن يُمارِس الطبيب الجِراحة بدلاً من الحلّاقين، والحجّامين -كما جَرَت العادة-؛ ولذلك مارَس الجراحة، وأبدع فيها، حتى أصبح اسمه مُقترِناً بالعمل الجراحيّ. [١] إنجازاته الطبيّة يُعتبَر الزهراويّ من الأطبّاء الشاملين، ومن أكثرهم إجادةً للطبّ؛ حيث لم يكتفِ الزهراويّ بكونه طبيباً جرَّاحاً، بل كانت له دراية في طِبّ الأسنان ، والأورام السرطانيّة، وكان يتفقَّد مَرضاه، ويُسجِّل المُلاحظات، والتطوُّرات لحالاتهم؛ وذلك حتى يتمكَّن من دِراستها، والوصول إلى علاج لها، وهذا ما يُسمَّى في الوقت الحالي ب(التجربة السريريّة)، [٢] ومن الجدير بالذكر أنَّ للزهراويّ العديد من الإنجازات الطبيّة التي حقَّقها في مُختلَف المجالات، ومنها: [٣] الإسهامات البارزة في اختراع أدوات خاصَّة بالجِراحة، وصِناعتها، كأدوات فَحْص الأُذُن.
وقد فصل الزهراوي ثلاثة أنواع من السرطان هم: سرطان العين: حيث يذكره الزهراوي في كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف"، ويقول: في الفرق بين سرطان القرنية وسرطان البدن "أنه إذا ما حدث في العين لزمه وجع شديد مؤلم مع امتلاء العروق والصداع وسيلان الدموع الرقيقة، ويفقد العليل شهوة الطعام ولا يحتمل الكحل، ويؤلمه الماء، وهو داء لا يبرأ منه، لكن يعالج بما يسكن الوجع". انفرد الزهراوي بذكر سرطان الكلى بشكل صريح؛ إذ قال: "الصلابة على نوعين إما أن تكون ورمًا سرطانيًّا، وإما أن يكون التحجر من قبل الإفراط في استعمال الأدوية الحادة عند علاج الورم، وعلامة الصلابة فقْدُ الحس بدون وجع ويحس العليل بثقل شديد وكأن شيئاً معلقا بكليته العليا إذا اضطجع، ويكون الثقل أكثر من خلف من ناحية الخاصرة، ويتبع ذلك ضعف الساقين وهزل البدن واستسقاء، ويكون البول يسير المقدار رقيقا غير ناضج. سرطان الرحم: يذكر الزهراوي عنه أنه على نوعين إما متقرح وإما غير متقرح، وعلامته أن يكون فيما يلي فم الرحم جاسيا (صُلبًا) ليس بالأملس، ولونه كلون الدرد إلى الحمرة وربما كان إلى السواد ويعرض معه وجع شديد عند الأربيئتين (أصل الفخذين) وأسفل البطن والعانة والصلب، وعلامة المتقرح سيلان الصديد الأسود المنتن منه، وربما سال منه شيء مائي أبيض وأحمر وربما جاء منه دم".
ويحكي جوستاف لوبون عن الزهراوي فيصفه بقوله: «أشهر جراحي العرب، ووصف عملية سحق الحصاة في المثانة على الخصوص؛ فعُدَّت من اختراعات العصر الحاضر على غيرِ حقٍّ... » [16]. وجاء في دائرة المعارف البريطانية أنه أشهر مَنْ ألَّف في الجراحة عند العرب (المسلمين)، وأول من استعمل ربط الشريان لمنع النزيف [17]. [1] ابن أبي أصيبعة: طبقات الأطباء، 1/333، وشوقي أبو خليل: الحضارة العربية الإسلامية، ص513. [2] ابن أبي أصيبعة: طبقات الأطباء، 3/246، والزركلي: الأعلام، 2/310. [3] شوقي أبو خليل: علماء الأندلس.. إبداعاتهم المتميزة وأثرها في النهضة الأوربية، ص31، وجلال مظهر: حضارة الإسلام وأثرها في الترقي العالمي، ص331، 332، وعلي عبد الله الدفاع: رواد علم الطب في الحضارة الإسلامية، ص362. [4] جلال مظهر: حضارة الإسلام، ص332. [5] عامر النجار: في تاريخ الطب في الدولة الإسلامية، ص176. [6] نقلاً عن جلال مظهر: حضارة الإسلام وأثرها في الترقي العالمي، ص336. ابو القاسم الزهراوي متى ولد. [7] عامر النجار: في تاريخ الطب في الدولة الإسلامية، ص221. [8] جوستاف لوبون: حضارة العرب، ص490. [9] علي عبد الله الدفاع: رواد علم الطب في الحضارة الإسلامية، ص265، ومحمود الحاج قاسم: الطب عند العرب والمسلمين تاريخ ومساهمات، ص106.
Medicine ولعل من أبرز ماقيل في جراحة الزهراوي في العصر الحديث شهادة المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه Sigrid Hunke في كتابها «شمـس العرب تسطع على الغرب» إذ قالت في معرض حديثها عن الجراحة: فهذا الفرع بالذات يدين للعرب بتقدمه وصعوده المفاجىء من مرتبة المهن الحقيرة الدنسة التي تكاد تكون بمنزلة مهن الجلادين والجزارين، إلى القمة التي عرفها على أيدي العرب، وهذا قرار تور البابوي عام 936م يحرم تدريسه في مدارس الطب ويعلن أن كل الأطباء الذين يتعاطونه حقيرون. إذاً فإلى العرب وحدهم يعود الفضل في رفع هذا الفن العظيم إلى المستوى الذي يستحقه، وإليهم يعود الفضل في بقاء هذا العلم فرعَ الطب الوحيد الذي حقق الآمال.
المراجع [+] ^ أ ب "إبداع الطب في الحضارة الإسلامية" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020. بتصرّف. ↑ "أربعة أطباء عظماء كانوا حجر أساس النهضة الطبية في العصور الوسطى" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020. بتصرّف. ↑ "بمناسبة ذكرى ألفية وفاته.. الزهراوي (حياته - مؤلفاته)" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 02-05-2020. بتصرّف. معلومات عن أبو القاسم الزهراوي. ^ أ ب ت ث "وقفات مع أبي القاسم الزهراوي وجهوده الطبية" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 05-02-2020. بتصرّف.