وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12) وقوله: ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) أمر بطاعة الله ورسوله فيما شرع ، وفعل ما به أمر ، وترك ما عنه نهى ، وزجر ، ثم قال: ( فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين) أي: إن نكلتم عن العمل فإنما عليه ما حمل من البلاغ ، وعليكم ما حملتم من السمع والطاعة. قال الزهري: من الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم
بسم الله الرحمن الرحيم { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} (النساء: 59).
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 22/11/2015 ميلادي - 10/2/1437 هجري الزيارات: 25560 تفسير قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]. أطيعوا الله وأطيعوا الرسول - السيد الصاوي. ﴿ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾؛ أي: بالرياء والشرك والمعاصي، وإبطالُ العمل: جَعْله باطلاً؛ أي: لا فائدة منه ولا ثواب، فالإبطال تتَّصف به الأشياء الموجودة، وكان الحسن البصريُّ يقول: ﴿ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ بالمعاصي، وما يُبطل العمل على الحقيقة هو أمور ثلاثة: الشرك، والرياء ، وأداء العمل على غير الوجه المشروع عليه. قد سبق هذه الآية الكريمة قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 32]. قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يخبر تعالى عمَّن كفر وصدَّ عن سبيل الله، وخالف الرسولَ وشاقَّه، وارتدَّ عن الإيمان من بعد ما تبين له الهدي - أنه لن يضرَّ الله شيئًا، وإنما يضرُّ نفسَه ويخسرها يوم معادِها، وسيُحبط اللهُ عملَه، فلا يُثيبه على سالفِ ما تقدَّم مِن عمله مثقالَ بعوضة من خير، بل يحبطه ويمحقه بالكلية، كما أن ﴿ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114].
وقوله: ( ذلك خير) أي: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله. والرجوع في فصل النزاع إليهما خير ( وأحسن تأويلا) أي: وأحسن عاقبة ومآلا كما قاله السدي وغير واحد. وقال مجاهد: وأحسن جزاء. وهو قريب.
"وقد جاء شابٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ((ادنه))، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: ((أتحبُّه لأُمِّكَ؟)) قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ((ولا الناس يُحبُّونه لأُمَّهاتهم))، قال: ((أفتُحِبُّه لابنتِكَ؟))، قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ((ولا الناس يحبُّونه لبناتهم))، قال: ((أفتُحِبُّه لأُخْتِكَ؟))، قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ((ولا الناس يُحبُّونه لأخواتهم))، قال: ((أفتُحبُّه لعمَّتِكَ؟))، قال: لا... وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون. إلى آخر الحديث"، ومحل الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاسَ محارِمَ الشابِّ على المرأة التي يُريد الزنا بها. والقياس لغةً: هو التمثيل؛ نقول لا يُقاس الله بخلقه؛ أي: لا يُمثل، ويأتي بمعنى: التقدير؛ نقول: قاس الثوب إذا قدَّر طولَه وعرضَه. وفي اصطلاح الأصوليين: هو ردُّ واقعةٍ غيرِ منصوصٍ عليها إلى واقعةٍ منصوص عليها؛ لاتفاقهما في العِلَّة، وبالتالي الحكم. الواقعة غير المنصوص عليها تُسمَّى عند أهل العلم بالفرع ، وتُسمَّى بالمقيس ، وبمعنى آخر: واقعة غير منصوص عليها؛ لم يأتِ فيها دليلٌ خاصٌّ، إلى واقعة منصوص عليها تُسمَّى عند أهل العلم بالأصل، كما تُسمَّى عندهم بالمقيس عليه ؛ أي: جاء دليل في بيان حُكْمِها؛ لاتفاق بينهما في العلة، فالمقيس يأخذ حكمَ المقيس عليه؛ إذ يتفقان في الحكم لأن العلة جالبةٌ للحُكْم.
رابعا: دلالة النظر الصحيح على حجية السنة: كون النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله ، يقتضي تصديقه في كل ما يخبر به ، وطاعته في كل ما يأمر به ، ومن المُسلَّم به أنه قد أخبر وحكم بأمور زائدة على ما في القرآن الكريم ، فالتفريق بينها وبين القرآن ، في وجوب الالتزام بـها ، والاستجابة لها ، تفريق بما لا دليل عليه ، بل هو تفريق باطل ، فلزم أن يكون خبره صلى الله عليه وسلم واجب التصديق ، وكذا أمره واجب الـطـاعة. واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. حكم من أنكر حجية السنة أنه كافر لإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة. أما السؤال الثاني وهو هل المسلم ملزم باتّباع مذهب معيّن فالجواب: لا يلزم ذلك ، وكل عامي من المسلمين مذهبه مذهب مفتيه ، وعليه أن يسأل من يثق به من أهل العلم والفتوى وإذا كان الشّخص طالب علم يميّز بين الأدلة والأقوال فعليه أن يتبّع القول الراجح من أقوال أهل العلم بدليله الصحيح من الكتاب والسنّة. هذا ويجوز للمسلم أن يتبع مذهبا معينا من المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة بشرط أنّه إذا عرف أنّ الحقّ في المسألة المعيّنة خلاف المذهب وجب عليه أن يخالف المذهب ويتّبع الحقّ ولو كان في مذهب آخر لأنّ المقصود هو اتّباع الحقّ الذي يُعرف بالكتاب والسنة ، والمذاهب الفقهية ما هي إلا طرق لمعرفة الأحكام الشرعية دالّة على أحكام الكتاب والسنّة وليست هي الكتاب والسنّة.