إن الإخوة في الله تعني أن يُحب المسلم أخيه لما فيه من خصال الخير والطاعة لله تعالى ، وليس من أجل صفات دنيوية مثل المال أو النسب أو الوطن أو غير ذلك. فضائل الحب و الأخوة في الله: إن فضل الحب في الله أن يحب الله تعالى المتحابين فيه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى ، فأرصد الله له على مدرجته ملكاً ، فلما أتى عليه قال: أين تريد ؟ قال أريد أخاً لي في هذه القرية ، قال هل لك عليه من نعمه تربها ؟ قال: لا ، غير أني أحببته في الله عز وجل ، قال فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه، وفي حديث قدسي ، يقول الله تعالى " وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، والمتجالسين فيّ ، والمتزاورين فيّ ، والمتباذلين فيّ. كما أن الله سبحانه وتعالى يظل المتحابين فيه في ظله يوم القيامة ، يوم لاظل إلا ظله ، وفي ذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم رجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه، وفي حديث أخر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ، كما أن الحب في الله من أسباب دخول الجنة.
وأين هذا ؟! فإن ظَفِرَتْ به يداك: فشدهما عليه شد الضنين ، وأمسك بهما إمساك البخيل ، وصنه بطارفك وتالدك ، فمعه يكمل الأنس ، وتنجلي الأحزان ، ويقصر الزمان ، وتطيب النفس ، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عوناً جميلا ، ورأياً حسناً. " طوق الحمامة " ( ص 164). هذه هي الصفات المتمناة في الأخ المحبوب في الله ، وقبل أن أطلبها في غيري أسأل نفسي: هل هي محقَّقَة فيَّ ؟ وإذا كنَّا نفتقد أخاً مثل الصحابي سعد بن الربيع الذي يعرض على أخيه عبد الرحمن بن عوف شطر ماله وشطر نسائه: فإننا نفتقد أكثر لمثل عبد الرحمن بن عوف الذي تعفف عن مال أخيه وذهب ليعمل بكد يديه. فلتعش واقعك أخي السائل ، واقعا يقول لك: إن ثمة خللا في الأخوة في الله ، وفي الحب في الله ، وذاك له أساب كثيرة متشابكة ، من ضعف الإيمان ، وانتشار الحزبية ، والعصبية ، والجهل ، وحب الذات ، والتعلق بالدنيا ، ونقص الثقة في الآخرين.. ، قال الله تعالى – واصفاً حال الإنسان -: ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) الأحزاب/ 72.
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود، فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره، وربما أظهر لك ذلك لسببٍ يناله منك!! [15] زمان ابن الجوزي قبل 900 سنة تقريبا هذا حالهم، لا انترنت ولا فضائيات ولا شواغل ولا مواقع تواصل ولا حدائق ومتاجر كبيرة، فكيف لو رأى حالنا هذه الأيام والله المستعان! قال بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ: أَخٌ لَكَ كُلَّمَا لَقِيكَ ذَكَّرَكَ بِحَظِّكَ مِنَ اللهِ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَخٍ كُلَّمَا لَقِيَكَ وَضَعَ فِي كَفِّكَ دِينَارًا. [16] قال حسان بن ثابت - رضي الله عنه -[17]: أخلاء الرخاء هم كثير *** ولكن في البلاء هم قليل فلا يغررك خلة من تؤاخي *** فما لك عند نائبة خليل وكل أخ يقول أنا وفي *** ولكن ليس يفعل ما يقول سوى خل له حسب ودين *** فذاك لما يقول هو الفعول نسأل الله أن يصلح أحوالنا ويهدينا سواء السبيل. 5/11/2015م _______________________ [1]صحيح الترغيب والترهيب برقم 3018. [2] التبصرة (2/277). [3]تفسير السعدي ص235. [4]منهاج القاصدين ومفيد الصادقين ص300. [5] الزهد لأحمد بن حنبل ص196. [6] التبصرة لابن الجوزي (2/277). [7]الإخوان لابن أبي الدنيا ص135. [8]الإخوان لابن أبي الدنيا ص136. [9] الآداب الشرعية لابن مفلح (3/553).
وتوجهتا إلى أهلنا الشرفاء الأوفياء الذين عودونا دائمًا ان يكونوا الحاضن والداعم في كل الاستحقاقات، بالدعوة الى المشاركة الفاعلة والكثيفة في هذه الانتخابات لأهميّتها في صنع مستقبل لبنان والحفاظ على مقاومته، باعتبارها خيارًا لردع الاعداء واسقاط كل مؤامراتهم ومشاريعهم. وحيّت "القيادتان الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال الذين اذاقوا العدو في الأيام الماضية من خلال عملياتهم النوعية مرارة الهزيمة، وأكدوا من جديد ان هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت وان كل لقاءات الخيانة وقمم التطبيع لن توفر الامن والإستقرار له ما دامت المقاومة خيارًا لاستعادة الأرض وتحريرها من دنس الصهاينة المحتلين". لبنان حزب الله حركة امل إقرأ المزيد في: لبنان
ولكن المحبة من أجل أمور دنيوية بحته ، فإنها تزول بزوال أسبابها ، فمن يحب أخيه لأنه ذو مالٍ ، فإن محبته ستزول حين ينقص ماله ويزول ، لأنها محبة عارضة ، لا أصلٍ ثابت لها ، ولذلك فهي لاتبقى ، ولايكون فيها ولامنها خير ، وفي كثير من الأحيان تنقلب هذه الإخوة إلى عداوة وبغضاء صريحة ، بمجرد حدوث خلافٍ بسيط.
الوصية الثانية - عباد الله - التي تضمنها هذا الحديث العظيم تحقيق الأخوة الإيمانية ، والرابطةِ الدّينية، والحذر من العصبيات المذمومة والتعصُّبَات المحمومة، والحميات الجاهلية، والعصبيات العِرْقية التي تمزق ولا تجمع، وتشتّت ولا تؤلِّف، وتفسد ولا تصلح، ومن آثارها الوخيمة نشوء القتال تحت رايات عَمِّية يغضب فيها لعصبة، ويدعى إلى عصبة، ويتنصر لعصبة، ومَن كان على هذا النهج ،فقُتل فقتْلتُه جاهلية. الوصية الثالثة - معاشر المؤمنين - حفظ وحدة المسلمين، ومُراعاة حُرُماتهم، والوفاء بعهودهم، وعقودهم وعدم إخفار ذممهم، والبعد عن الإضرار بهم وإيذائهم، ومن انحرف عن هذا السبيل المبارك وخرج على المسلمين، يضرب بَرَّهم وفاجرهم، ولا يتحاشى من مؤمنهم، ولا يفي لذي عهد عهدَه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - منه بَرَاء؛ ولهذا قال في الحديث: ((فليس منِّي ولست منه)). فما أعظم هذه الوصايا، وما أشد حاجتنا - عباد الله - إلى تطبيقها؛ لتتحقق لنا الخيرية، ولنأمن من الأخطار المحدقة، والشرور المهلكة، والعواقب الوخيمة - عباد الله - ومن يتأمَّل ما سبق من وصايا، وتوجيهات، يُدرك سوء حال وقبيحَ فِعَال من اتخذ إخافة المؤمنين وإرعاب الآمنين، وقتل المسلمين والمستأمَنين، وتخريب المساكن، وتفجير الدور سبيلاً وطريقًا، ويزعمون أنهم يصلحون، ألا إنهم هم المفسدون، ولكن لا يشعرون.
اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك وإتباع سنة نبيِّك محمد - صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين، اللهم آتي نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها. لزوم الجماعة وذم الفرقة الكورية. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، اللهم أصلح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا، وأهدنا سُبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وأزواجنا، وأموالنا وذريَّتنا، واجعلنا مباركين أينما كنَّا. اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا، وما أخَّرنا، وما أسررنا، وما أعلنا، وما أسرفنا، وما أنت أعلم به منَّا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. اللهم اغفر لنا ذنبنا كله دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات؛ الأحياء منهم والأموات. اللهم إنا نستغفرك؛ إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم إنا نسألك غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًّا طبقًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وديارنا بالمطر، اللهم إنا نسألك سقيَا رحمة، لا سقيَا هدم، ولا عذاب، ولا غرق.
ويقول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما في إحدى خطبه محذرا من الفتنة التي تؤدي للفرقة يقول: إياكم والفتنة فلا تهموا بها فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة وتورث الاستئصال ([72]) انظر ((البداية والنهاية)) (8/132).
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم. لزوم الجماعة وذم الفرقة الرابعة. وفيه دخن ([62]) المراد بالدخن: الدخان ويشير إلى كدر الحال وقيل الدخن كل أمر مكروه وفي معنى الدخن قيل هو الحقد وقيل الدغل ويشير إلى أن الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرا خالصا بل فيه كدر. انظر ((فتح الباري)) ( 1/ 36). قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قال فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) ([63]) رواه البخاري (3606)، ومسلم (1847). ولقد بوب النووي رحمه الله لهذا الحديث وغيره " باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة" ([64]) انظر ((صحيح مسلم بشرح النووي)) (12/ 237).