وعن ابن عمر: أنه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه ، يأتي الخربة فيقف على بابها ، فينادي بصوت حزين فيقول: أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: ( كل شيء هالك إلا وجهه) [ القصص: 88]. وعن ابن عباس أنه قال: ركعتان مقتصدتان في تفكر ، خير من قيام ليلة والقلب ساه. وقال الحسن: يا ابن آدم ، كل في ثلث بطنك ، واشرب في ثلثه ، ودع ثلثه الآخر تتنفس للفكرة. وقال بعض الحكماء: من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة. وقال بشر بن الحارث الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه. رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وقال الحسن ، عن عامر بن عبد قيس قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر. وعن عيسى ، عليه السلام ، أنه قال: يا ابن آدم الضعيف ، اتق الله حيثما كنت ، وكن في الدنيا ضيفا ، واتخذ المساجد بيتا ، وعلم عينيك البكاء ، وجسدك الصبر ، وقلبك الفكر ، ولا تهتم برزق غد. وعن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، أنه بكى يوما بين أصحابه ، فسئل عن ذلك ، فقال: فكرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها ، فاعتبرت منها بها ، ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتها ، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر ، إن فيها مواعظ لمن ادكر.
سيعاني ويصارع البشر وكافة المخلوقات من أجل البقاء! ربنا إنك ما خلقت هذا الخلق البديع العظيم الشأن عبثاً، أو عارياً عن الحكمة، أو خالياً من المصلحة، بل خلقته مشتملاً على حكم جليلة، منتظما لمصالح عظيمة، سُبْحانَكَ؛ أي ننزهك تنزيها تاما عن كل مالا يليق بك، فَقِنا عَذابَ النَّارِ أي فوفقنا للعمل بما يرضيك، وأبعدنا عن عذاب النار. ربنا ما خلقت هذا باطلا فقنا عذاب النار. يخبرنا تعالى ذكره، بأن هذا الخلق الذي صُمم بدقّةٍ بالغة، هو أساسي لوجود حياة متطورة على الأرض. رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ بقلم: حسين أحمد كتّاب
لقد عزمت السفر إلي البلده المجاورة لشراء بعض الأقمشة لأبي. فقمت باكراً واصطحبت أمي وذهبنا إلي محطة القطار وجلسنا ننتظر القطار وذهبنا للبلدة وقمنا بشراء الأقمشة ثم ذهبنا مرة أخرى للمحطة لنعود من حيث أتينا، ونحن نجلس في القطار العائد إلي بلدنا، لفت نظري حديث دار بين رجل في منتصف الأربعين وشاب في بداية العشرينات، وكان الشاب يسأله هل هناك كافر ومؤمن؟ أو هل يجوز أن نحكم على شخص ما أنه كافر حسب اختلافه معي في العقيدة أو المعتقد؟ فأجابه الرجل كالتالي: في البداية سأله ما رأيك أنت؟ فأجابة الشاب بكل إقتناع أن كل من يخالف عقيدته كافر. فهلل الرجل لإجابه الشاب وقال له كلام صحيح جدًا فكل من له عقيده تخالف عقيدتك يقول أنك كافر وكذلك أنت تقول أنه كافر وعلى كل منا أن يكفر الآخر مادام هناك اختلاف، وهذه طبيعة البشر وما تؤكد عليه كل الشرائع، وواجب عليك أن تكفره لأنه لا يؤمن بما تؤمن. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب. فقتنع الشاب بكلام الرجل وتشعر من وجه أن هذا السلوك الصحيح الذي يجب أن يتبع. ولكن هذا الحوار قد إستفزني جداً وأشعرني أن الإنسان قد خلقة الله لكي يكفر هذا ويشجب سلوك هذا ويعاقب، ويحرم، ويحلل ما يراه صحيحاً من خلال معتقداته هو.
• وآيات الله تنقسم إلى قسمين: o الآيات الكونية القدرية (فهي مما نشاهده مما لا يستطيع البشر أن يخلقوا مثلها). وهي ما نصبه الله (جل وعلا) ليدل به خلقه على أنه الواحد الأحد المستحق للعبادة، كالشمس والسماء والأرض ونحوها، وكل ما في الكون من مخلوقات الله شاهد بكمال الله وقدرته وعزته وأنه المستحق للعبادة. قال تعالى (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي: لعلامات واضحة جازمة قاطعة بأن من خلقها هو رب هذا الكون، وهو المعبود وحده. o الآيات الشرعية الدينية، كآيات هذا القرآن العظيم. حكم قول ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ـ عند رؤية البحر - إسلام ويب - مركز الفتوى. (لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله). ومنه قوله تعالى (رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ) وقوله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ).
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أي يقولون: ما خلقته عبثا وهزلا, بل خلقته دليلا على قدرتك وحكمتك. والباطل: الزائل الذاهب. ومنه قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل أي زائل. و " باطلا " نصب لأنه نعت مصدر محذوف; أي خلقا باطلا وقيل: انتصب على نزع الخافض, أي ما خلقتها للباطل. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. وقيل: على المفعول الثاني, ويكون خلق بمعنى جعل. " سبحانك " أسند النحاس عن موسى بن طلحة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى " سبحان الله " فقال: ( تنزيه الله عن السوء) وقد تقدم في " البقرة " معناه مستوفى. " وقنا عذاب النار " أجرنا من عذابها, وقد تقدم.
وقال الشيخ أبو سليمان الداراني: إني لأخرج من منزلي ، فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ، أو لي فيه عبرة. رواه ابن أبي الدنيا في كتاب " التفكر والاعتبار ". وعن الحسن البصري أنه قال: تفكر ساعة خير من قيام ليلة. وقال الفضيل: قال الحسن: الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك. وقال سفيان بن عيينة: الفكرة نور يدخل قلبك. وربما تمثل بهذا البيت: إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة وعن عيسى ، عليه السلام ، أنه قال: طوبى لمن كان قيله تذكرا ، وصمته تفكرا ، ونظره عبرا. وقال لقمان الحكيم: إن طول الوحدة ألهم للفكرة ، وطول الفكرة دليل على طرق باب الجنة. وقال وهب بن منبه: ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم ، وما فهم امرؤ قط إلا علم ، وما علم امرؤ قط إلا عمل. وقال عمر بن عبد العزيز: الكلام بذكر الله ، عز وجل ، حسن ، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة. وقال مغيث الأسود: زوروا القبور كل يوم تفكركم ، وشاهدوا الموقف بقلوبكم ، وانظروا إلى المنصرف بالفريقين إلى الجنة أو النار ، وأشعروا قلوبكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها وأطباقها ، وكان يبكي عند ذلك حتى يرفع صريعا من بين أصحابه ، قد ذهب عقله. وقال عبد الله بن المبارك: مر رجل براهب عند مقبرة ومزبلة ، فناداه فقال: يا راهب ، إن عندك كنزين من كنوز الدنيا لك فيهما معتبر ، كنز الرجال وكنز الأموال.
الإيمان بالبعث والجزاء من أعظم أصول الإيمان، فإنَّ الله تعالى يجمَع بقُدرته ما تفرَّق من أجساد الأموات التي تحلَّلتْ، ثم يعيدُها كما كانت، ثم يعيدُ الأرواح إليها، ثم يشقُّ الأرضَ عنها، ثم يسوقُها إلى المحشر؛ للقضاء بينهم بالحق وجَزائهم على أعمالهم. تعريف البعث: البعث لغةً: التحريك والإثارة والنشر والإرسال. واصطلاحًا: هو إخراج الناس أحياءً من قبورهم، وإرسالهم إلى موقف الحشر؛ لحِسابهم والقَضاء بينهم وجَزائهم. يبعث الله الموتى يوم القيامة من قبورهم - المتصدر الثقافي. حِكمته ومَنزلته: يجبُ الإيمان - وهو التصديق والاعتقاد الجازم - بأنَّ الله تعالى يبعَث الناس من قُبورهم أحياءً يوم القيامة ، على الصفة التي جاءَتْ بها النُّصوص؛ ليجزي المحسِن بإحسانه، والمُسِيء بعمله، أو يعفو عنه. والإيمان بالبعث والجزاء من أعظم أصول الإيمان، فإنَّ الله تعالى يجمَع بقُدرته ما تفرَّق من أجساد الأموات التي تحلَّلتْ، ثم يعيدُها كما كانت، ثم يعيدُ الأرواح إليها، ثم يشقُّ الأرضَ عنها، ثم يسوقُها إلى المحشر؛ للقضاء بينهم بالحق وجَزائهم على أعمالهم. من الأدلَّة على البعث: ولقد أقامَ الله تعالى الحُجَجَ والبراهين على صحَّة البعْث وتحقُّق وقوعه وأبطل شُبهات مُنكِري البعث من وُجوهٍ مُتعدِّدة: فمن التنزيل الحكيم: 1- الإخبار بوقوعه؛ كقوله سبحانه: { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [القصص: 85].
كيف يبعث الناس يوم القيامة صور الله تعالى احداث يوم القيامة ، للمؤمنين ووصفها بشكل دقيق من خلال الآيات القرآنية ومن خلال الرسول الكريم [1]. حيث حين تخرج الروح من الجسد لا ترد له إلا في القبر أول دخوله، ليسأل من الملكان، ثم يعرف مقعده في الجنة أو النار، وتبدأ الروح تصعد إلى عالم البرزخ، وهو عالم لا يعرف ماهيته الحقيقية سوى الله عز وجل، وهو مرحلة فاصلة بين الحياة والبعث، فالأرواح لا تموت أبداً، الجسد يفنى ويبلى، بينما الروح تحفظ في عالم البرزخ. بعد ذلك يفنى الجسد، وتبقى عظمة واحدة، تسمى عظمة الذنب، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرابُ، إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ منه، خُلِقَ وفيهِ يُرَكَّبُ" تلك العظمة هي أسفل فقرة في الظهر، لا يمكن أن تتحلل أبداًن تبقى إلى يوم البعث لينفخ فيها ويعود الإنسان للحياة يوم القيامة ليحاسب على كل ما فعل، لم يفلت من أي صغيرة ولا كبيرة، فهناك صحف ملئت بما فعل. وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ-آيات قرآنية. أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال "أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ" وفي حديث أخر" أنا سيِّدُ ولدِ آدَمَ، وأوَّلُ شافِعٍ، وأوَّلُ مُشفَّعٍ، وأوَّلُ مَن تنشَقُّ عنه الأرضُ؛ فأُكْسى حُلَّةً من حُلَلِ الجَنَّةِ، ثم أقومُ عن يَمينِ العَرشِ، فليس من الخلائِقِ يقومُ ذلك المقامَ غيري".
وصحَّحه الألباني في الصحيحة برقم (1930)، والمشكاة رقم (1361)، والتوسل (ص63)، وصحيح الجامع برقم (3895). [9] جزء من حديث أخرجه مسلم برقم: (2940)، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
الثانية: نفخة البعث من القبور وإرسالهم إلى موقف الحشر. فإذا أراد الله بعْث الخلائق أنزَل من السماء ماءً - جاء في بعض الروايات صفته أنَّه كمَنِيِّ الرِّجال ـ فينبت أهلُ القبور من ذلك الماء، فإذا تَمَّ خلقهم نفخ في الصُّور النفخة الثانية، فطارت أرواحُهم إلى أجسادهم، وانشقَّت الأرضُ عنهم، فخرَجُوا من قُبورهم سِراعًا: { خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر: 7، 8]. كيف يبعث الناس يوم القيامة | المرسال. فأوَّل يوم القيامة النَّفخُ في الصُّور نفخة الفزع والصَّعق، ثم نفخة البعث التي تعودُ فيها الأرواح إلى الأجساد فتحيا، ثم تُحشَر الخلائقُ إلى ربِّ العِباد، والصُّور هو القَرن الذي ينفُخ فيه إسرافيل عليه السلام [4]. • وعن أبي سعيد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إنَّ صاحب الصور قد التقَمَ الصور وحنى جبهتَه ينتَظِر متى يُؤمَر بالنَّفخ » [5]. • وروى أحمد في مسنده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « النافخان في السماء الثانية فيَنظُران متى يُؤمَر في الصور فينفُخا » [6]. قال الحافظ: وقد اشتهر أنَّ صاحب الصور إسرافيل عليه السلام.
وأن الله يبعث من في القبور يريد للثواب والعقاب. تفسير الطبري ولتوقنوا بذلك أن الساعة التي وعدتكم أن أبعث فيها الموتى من قبورهم جاثية لا محالة ( لا رَيْبَ فِيهَا) يقول: لا شك في مجيئها وحدوثها، ( وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) حينئذ من فيها من الأموات أحياء إلى موقف الحساب، فلا تشكوا في ذلك ، ولا تمترُوا فيه.