تخطو المملكة العربية السعودية منذ سنوات قفزات كبيرة في طريق التحديث والانفتاح على العالم في مختلف المجالات، وعلى رأسها المجال الفني، فعدد المعارض الفنية المحلية والعالمية في تزايد مستمر، وكذلك المسابقات الفنية والاستضافات الفنية. وفي هذا السياق جاء معرض " بينالي الدرعية " الذي وضعته وزارة الثقافة كأحد المبادرات المعتمدة، ليكون منصة للاكتشاف والتواصل مع المشهد الثقافي العالمي. فنانون عالميون في افتتاح بينالي الدرعية للفن المعاصر - جريدة الوطن السعودية. ترادف كلمة "بينالي" المعارض الدولية التي تهتم بالفنون المعاصرة، مثل: النحت، والتصميم، والنقش، والموسيقى، والمسرح، والفنون البصرية، وهو حدث عالمي يقام كل عامين. يوجد حوالي 150 بينالي في العالم، ولعل أقدم نماذجه الدولية "بينالي البندقية"، الذي يبلغ عمره أكثر من 120 عاماً وقد حصلت المملكة عام 2017م على مقر دائم في هذا المعرض، وشاركت فيه لأول مرة عام 2018م. أما على المستوى العربي فيبرز "بينالي الشارقة الدولي" الذي تم إطلاقه عام 1993م والذي أصبح ومضة بارزة في الاهتمام بالفنون، ويمكننا الآن إضافة "بينالي الدرعية" للقائمة كأول معرض دولي يحتفي بأشكال الفنون المعاصرة في المملكة العربية السعودية، والذي فتح أبوابه يوم 11 ديسمبر2021م ولمدة ثلاثة أشهر بالرياض داخل «حي جاكس» في منطقة الدرعية التي تحتضن مواقع تراثية عريقة، أهمها «حي الطُريف» التاريخي، عاصمة الدولة السعودية الأولى والذي تأسس في القرن الخامس عشر والمدرج ضمن قائمة اليونيسكو للمواقع التراثية العالمية.
ثم ألقت آية البكري كلمتها التي أوضحت فيها بأن إطلاق بينالي الدرعية للفن المعاصر يستند على رؤية واضحة تتمثل في إنشاء منصة دولية للحوار والتبادل الثقافي بين المملكة والعالم. مضيفة بأن الشراكة مع القيّمين الفنيين "كان لها الدور الأكبر في تنظيم نسختنا الأولى من البينالي بقيادة فيليب تيناري المدير العام والرئيس التنفيذي لمركز UCCA للفن المعاصر في الصين، وفريق دولي من القيّمين الفنيين ممن ساهموا جميعاً في إطلاق النسخة الأولى من بينالي الدرعية". وأعلنت أن البينالي سيشهد عرض العمل الفائز بجائزة "إثراء" للفنون للمرة الأولى في المملكة. وأكدت البكري بأن البينالي يطمح لأن يكون نافذة عالمية للتعرّف على المشهد الثقافي والإبداعي في المملكة والتواصل مع مجتمعاتها الفنية. وأضافت: "يضم البينالي أكثر من 40 عملاً معروضاً يحمل توقيع 27 فناناً محلياً، بجانب قطع وتحف لفنانين دوليين، والتي تتناول جميعها وسائط فنية مختلفة، بدايةً من اللوحات ومروراً بالأعمال التركيبية ووصولاً إلى عروض الأداء". وبدوره قال فيليب تيناري، القيّم الفني للبينالي: "يستهدف البينالي شقين يتضمن الأول تقديم الفن السعودي المعاصر ضمن حوار ثري، وطرح تصوراته ورؤاه للمشهد العالمي، والشق الآخر بتشويق الجماهير السعودية للتعرف عن قرب على عالم الفن المعاصر.
أكثر من 40٪ من الفنانين المشاركين في نسختنا الأولى سعوديين. وموقعنا هو أساسًا الشيء الذي يجعلنا فريدين في المنطقة. فالرياض هي عاصمة كبرى، والدرعية، بالطبع، هي مكان خاص جدًا يمتاز بتراثٍ استثنائي، ففيها قامت أول عاصمة للأسرة السعودية المالكة، ومن خلال موقعها في التراث العالمي في اليونسكو، فقد أصبحت بالفعل محور الاهتمام الدولي. ولكونها من ضواحي الرياض، التي تعد موقعًا للتنمية والاستثمار في الفنون والثقافة، على نطاق أوسع، فهي تعد الموقع الذي من الممكن أن يوفر منصة جديدة للعالم لاكتشاف المزيد من المشهد الثقافي المزدهر في السعودية والتواصل معه. إن المشهد الفني المحلي الذي سيُعرض للعالم من خلال البينالي لهو مشهدٌ شامل متعمق، وله تأثير إيجابي، لا يُعقل، على البيئة الثقافية بصورة عامة، من فنانين إلى معارض، ومن المتاحف إلى سوق الفن للمدينة المضيفة للبينالي. لقد شاهدنا مثل هذا التأثير في البيناليات في جميع أنحاء العالم، والتي كان من شأنها أن تفتح أعين الناس بحق على مشاهد ثقافية أخرى، ربما ما كان لهم أن يتعرفوا عليها أو تتاح لهم فرصة للتفاعل معها بطريقة أخرى غير البينالي. من هذا المنظور، تعد الدرعية هي المكان المثالي.