ويدل على ذلك أمور: قول النبي – ﷺ –: (رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) [أخرجه أحمد برقم: (940) 2/254، وأبو داود برقم: (4410) 4/140، والحاكم في المستدرك برقم: (949) 1/381، وصححه على شرط الشيخين]. وجه الدلالة: أن التكليف ساقط عن المجنون، والمريض النفسي في معناه. ولما روي عن معاوية – رضي الله عنه – لما كتب إليه مروان أنه أتي له بمجنون قتل رجلا فكتب إليه: "أن اعقله، ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون قود" [أخرجه مالك في الموطأ برقم: (1549) 2/851، والبيهقي في سننه برقم: (16411) 8/68، قال ابن جزم: "لا يصح؛ لأن يحيى بن سعيد الأنصاري لم يولد إلا بعد موت معاوية"( [2])] ولأن الأصل أن ما تعلق بحقوق الأبدان لا يجب على غير المكلف كالصلاة والصيام، وكذلك المريض النفسي غير مكلف، فلا يجب عليه ما يتعلق بحقوق الأبدان. كيفية التعامل مع المريض النفسي | المرسال. الصورة الثانية: جناية المريض النفسي على غيره فيما دون النفس. إذا جنى المريض النفسي على غيره فيما دون النفس، فقطع طرفه أو جرحه بناء على أصوات وهلاوس سمعية تأمره بالاعتداء على من يعتقدهم أعداء أو نحو ذلك، فإنه في هذه الصورة في حكم المجنون لا توجب جنايته القصاص، وإنما توجب الدية على عاقلته؛ وذلك لما سبق من الأدلة.
العناوين المرادفة • تصرفات ناقص الإدراك. • تصرفات ناقص الأهلية. • آثار الأمراض النفسية. صورة المسألة المرض النفسي: اضطراب يظهر بشكل أعراض انفعالية ومعرفية وجسدية مختلفة، مجتمعة أو متفرقة، ينتج عنه تدهور في جوانب متعددة في حياة الإنسان، بسبب تداخل عوامل عضوية ووراثية واجتماعية وأسرية، مع تفاوت تأثير كل عامل منها بين مريض وآخر. والتصرفات: كل ما يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال مما يترتب عليه حكم، ولا يخلو واحد من هذه التصرفات من الاندراج تحت أحد الأنواع التالية: – تصرفات مالية، كالبيع والشراء. – الجنايات والإتلافات، ويدخل تحتها كل اعتداء على بدن الغير أو حقه. – موجبات الحدود والتعزير، كالسرقة والزنا، وشرب الخمر. – وأخيراً ما يترتب عليه أثر من الألفاظ، كالإقرار والشهادة والطلاق. حكم المسألة إن جميع التصرفات التي تصدر من الإنسان تنقسم إلى قسمين من حيث ترتب الأثر عليها: القسم الأول: أفعال لا يشترط في فاعلها العقل، بل يرتبط فيها الأثر بمجرد الفعل، كالإتلافات والجنايات، فلو أتلف المجنون أو الصغير مالاً للغير فإنه يضمن. القسم الثاني: أفعال يشترط في فاعلها العقل والإدراك لترتب آثارها عليها، ومنها جميع العقود والتصرفات المالية.
وأما ما أتلفه من مال غيره، فلا يخلو الأمر من إحدى حالتين: الحالة الأولى: أن يكون بتفريط من المالك، كما لو رأى المريض الذهاني يلعب بالنار قرب ممتلكاته أو يحمل سلاحا يهدد به مواشيه، فتركه المالك دون أن يعمل ما هو لازم لمنعه من التعدي. وهذه الحالة تخرج على مسألة ضمان المجنون إذا تعدى على مال الغير بتفريط منه، وقد اختلفوا فيها على اتجاهين: الاتجاه الأول: لا يضمن ما أتلفه، وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة، وقول عند الشافعية، ومقتضى ذلك: أن المريض النفسي لا يضمن ما أتلفه من الغير إذا تم ذلك باختياره، واستدلوا على ذلك بما يلي: قوله – عليه الصلاة والسلام –: (رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) [أخرجه أحمد برقم: (940) 2/254، وأبو داود برقم: (4410) 4/140، والحاكم في المستدرك برقم: (949) 1/381، وصححه على شرط الشيخين]. وجه الدلالة: أن المجنون غير مكلف بنص الحديث، ومن ثم فلا يؤاخذ على جنايته في المال إذا سلطه عليه المالك، والمريض النفسي في معناه. ولأن المالك مكّنه في الإتلاف بالإذن مع العلم بحاله، والإذن في الإتلاف ينافي الضمان. الاتجاه الثاني: أنه يضمن ما أتلفه من مال الغير، ولو كان بتفريط صاحبه، وهو قول أبي يوسف من الحنفية، وقول عند الشافعية، وقال به بعض الحنابلة، ومقتضى ذلك: أن المريض النفسي يضمن مطلقا.