وزارة زكريا محيي الدين هي الوزارة الرابعة والثمانون في تاريخ مصر وتشكلت في 1 أكتوبر 1965.
"زكريا رجل عاقل ومتزن، ثم إنه قادر على التفاوض مع الأمريكان بسبب ميوله شبه العدائية للاتحاد السوفيتي". هذه الكلمات قالها الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل لترجيح كفة زكريا محيي الدين على حساب شمس بدران، فكان أن اختاره جمال عبد الناصر ليكون خليفته، في خطاب التنحي الشهير في التاسع من يونيو 1967، بعد النكسة، كما أوضح هيكل في كتابه "الانفجار". كان كل شيء مفاجئاً. تنحى عبد الناصر عن الحكم بعد إعلانه أنه يتحمل المسؤولية كاملة عمّا حدث في النكسة، وأعلن أن بديله هو زكريا محيي الدين، أحد مؤسسي تنظيم الضباط الأحرار ومؤسس جهاز المخابرات العامة المصرية ورئيس وزراء سابق. [caption id="attachment_151595" align="alignnone" width="700"] زكريا محيي الدين[/caption] هكذا، وبعد الزلزال الذي اجتاح الوطن العربي بعد تلك الاستقالة، كان هناك زلزال آخر في بيت مَن أصبح رئيساً لمصر. في شقة في عمارة فاخرة بحي الزمالك الراقي، كان يسكن زكريا محيي الدين وقت إلقاء خطاب التنحي. هي نفس الشقة التي يقيم فيها الآن ابنه النائب في البرلمان المصري محمد. رأى محمد كل شيء ويتذكر ما حدث جيداً، وتحدث لرصيف22 عن كواليس خمسة أيام عاشتها أسرته، من بداية النكسة وحتى إعلان التنحي وتنصيب والده ثم تراجع ناصر عن التنحي.
وقد تطوع أثناء حرب فلسطين ومعه صلاح سالم بتنفيذ مهمة الاتصال بالقوة المحاصرة في الفالوجا، التي كان جمال عبد الناصر ضمنها، وتوصيل إمدادات الطعام والدواء إليها. بعد انتهاء الحرب عاد للقاهرة ليعمل مدرساً في الكلية الحربية ومدرسة المشاة. انضم زكريا محيي الدين إلى تنظيم الضباط الأحرار قبل قيام ثورة 1952 بحوالي ثلاثة أشهر، وكان ضمن خلية عبد الناصر. شارك في وضع خطة التحرك للقوات وكان المسؤول عن عملية تحرك الوحدات العسكرية، وقاد عملية محاصرة القصور الملكية في الإسكندرية. تولي محيي الدين منصب مدير المخابرات الحربية بين عامي 1952 و1953، ثم عين وزيراً للداخلية عام 1953. أُسند إليه إنشاء جهاز المخابرات العامة المصرية من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 1954. عين بعد ذلك وزيراً لداخلية الوحدة مع سوريا 1958، وتم تعيينه رئيسا للجنة العليا للسد العالي في 26 مارس 1960. قام الرئيس جمال عبد الناصر بتعيين زكريا محيي الدين نائباً لرئيس الجمهورية للمؤسسات ووزيراً للداخلية للمرة الثانية عام 1961. وفي عام 1965 أصدر جمال عبد الناصر قراراً بتعيينه رئيسا للوزراء، ونائبا لرئيس الجمهورية. شهد زكريا محيي الدين، مؤتمر باندونغ في إندونيسيا، الذي كان النواة الأولي لحركة عدم الانحياز، وكذلك جميع مؤتمرات القمة العربية والإفريقية في ذلك الوقت.
قال عنه الراحل الأستاذ خالد محمد خالد في كتابه (لو شهدت حوارهم لقلت) واصفًا أبرز صفاته الإنسانية والمهنية: "كان زكريا محيي الدين رغم طيبته ونظافته معروفا بالذكاء والصرامة في كل المناصب التي تولاها". أما المستشار عصام حسونة، وزير العدل في حكومتي زكريا محيي الدين وصدقي سليمان، ومن بعدهما في حكومة جمال عبد الناصر بعد نكسة 1967، فقد قال عنه في كتابه ( 23 يوليو وعبدالناصر.. شهادتي) موضحًا أسلوب عمله وقيادته: "زكريا محيي الدين رجل ذكي، حازم، حاسم، لا تهمه الشعارات بقدر ما تهمه الحلول الواقعية للمشكلات. كانت حكومته حكومة جادة، تتصدى في شجاعة لمشكلات مصر، وفي مقدمتها المشكلات الاقتصادية". وتجمع كل الكتابات والشهادات التي قيلت في حق الرجل على اتصافه شكلًا ومضمونًا بتلك المعاني والسمات الشخصية والقيادية، وعلى أنه جسد (نموذج رجل الدولة كما ينبغي أن يكون) في حياته وعمله وجلال حضوره، وحتى صمته بعد اعتزاله العمل العام. ولو حاولنا أن نُعطي تعريفًا ووصفًا دقيقًا لنموذج رجل الدولة الذي تجسد في شخصية ودور السيد زكريا محيي الدين، فيمكن العودة إلى مقال (رجل الدول) المنشور بجريدة الأهرام في سبتمبر 2019، لأستاذنا الدكتور محمد نصر عارف الذي قال فيه: "رجل الدولة يؤمن بالدولة والوطن والشعب كل الشعب، ويُسخر كل قدراته وإمكانياته لحماية مصالح دولته، والحفاظ على أمنها وتقدمها وازدهارها.
أنور السادات رئيسا للجمهورية بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر وقد اختفي الضباط الأحرار من المشهد في حياة الرئيس جمال عبدالناصر فقط حسين الشافعي الذي صعده السادات نائبا له لبعض الوقت الي أن أختار حسني مبارك نائبا في إبريل 1975.! زكريا محيي الدين يلزم الصمت حتي النهاية رغم أنه يعلم كل شيء ولكنه آثر صمت النبلاء إلي أن لقي ربه15 مايو2012 ليشيع في جنازة رسمية مهيبة تصدرها الرئيس مبارك. …. عاش زكريا محيي الدين اثنين واربعين عاماً بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر ولم يتكلم بعكس إبن العم خالد محي الدين الصاغ الأحمر الشهير وأحد الضباط الأحرار الذي اعترض علي توجه مجلس قيادة الثورة مؤيدا لتوجه الرئيس محمد نجيب وقد لزم الصمت هو الآخر نحو ثلاثين عاما لتظهر مذكراته تحت عنوان والآن أتكلم.! حديث الصمت اقتصر فقط علي زكريا محيي الدين وذاك يحسب له لأن تاريخ مصر لم يكتب رسمياً ومهما كتب فسوف يحدث الأمر فتنة ليس لأنه يفتقد المصداقية وهو بذلك يترك الحكم للتاريخ عن تجربة عضو تنظيم الضباط الأحرار. مؤسس جهاز المخابرات العامة. وزير الداخلية. رئيس الوزراء. نائب رئيس الجمهورية. الحكم إذا للتاريخ ولفطنة المصريين في ظل أن هوجة المذكرات السياسية قد مررت روايات وأحاديث امتزجت بالاهواء وهنا يحار من لم يعاصروا ماجري وهذا ما جعلني أسأل الأستاذ محمد حسنين هيكل قبل ثلاثين عاما أثناء لقائه الفكري مع رواد معرض القاهرة الدولي للكتاب عمن نصدق في ظل تعدد الروايات هذا يسب عبد الناصر وهذا يمتدح السادات وقتها كانت عاصفة كتاب الاستاذ أنيس منصور "عبد الناصر المفتري عليه المفتري علينا وقبلها كانت عاصفة كتاب هيكل خريف الغضب بينما كتب الاستاذ موسي صبري كتابه الأشهر السادات الحقيقة والأسطورة.!
القاهرة – في خطاب التنحي الشهير عقب النكسة في التاسع من يونيو/حزيران 1967، كلف الرئيس جمال عبد الناصر نائبه زكريا محيي الدين بخلافته ليتولى مهام رئيس الجمهورية، قائلا "لقد كلفت زميلي وصديقي وأخي زكريا محيي الدين بأن يتولى منصب رئيس الجمهورية، وأن يعمل بالنصوص الدستورية المقررة لذلك، وبعد هذا القرار فإنني أضع كل ما عندي تحت طلبه، وفي خدمة الظروف الخطيرة التي يجتازها شعبنا". لكن أسرار هذا التكليف وذلك الخطاب تظل محل جدل كما ظلت حياة زكريا محيي الدين نفسها ومسيرته السياسية، والتي رفض الحديث عنها على عكس غيره من "الضباط الأحرار" الذين قادوا ثورة 23 يوليو/تموز 1952 التي أطاحت بالملكية وفتحت الباب أمام إعلان الجمهورية في مصر، فلم يكتب الرجل مذكراته ولم يظهر في حوارات صحفية مثلهم. ثورة يوليو/تموز انضم محيي الدين -الذي حلت ذكرى ميلاده قبل أيام، حيث ولد في الخامس من يوليو/تموز 1918- إلى تنظيم الضباط الأحرار قبل قيام "ثورة يوليو/تموز" 1952 بنحو 3 أشهر، وشارك في وضع خطة تحرك القوات، حيث كان المسؤول عنها وقائد عملية محاصرة القصور الملكية في الإسكندرية وقت وجود الملك فاروق الأول فيها. وشغل محيي الدين عدة مناصب رفيعة في "نظام يوليو"، حيث تولى منصب مدير المخابرات الحربية لمدة سنة واحدة عقب الثورة، ثم منصب وزير الداخلية عام 1953، كما كلفه عبد الناصر بمهمة إنشاء جهاز المخابرات العامة عام 1954م، وشغل منصب وزير الداخلية مرتين ثم رئيسا للوزراء ونائبا لرئيس الجمهورية، واعتزل الحياة السياسية منذ عام 1968 ليقرر الابتعاد عن الأضواء.
محمد الجوادي ، "البنيان الوزاري في مصر 1878 - 1996"، طبعة 1996، 130 صفحة، دار الشروق. محمد الجوادي ، "البنيان الوزاري في مصر 1871 - 2000"، طبعة 2005، 607 صفحة، الهيئة المصرية العامة للكتاب. محمد الجوادي ، "التشكيلات الوزارية في عهد الثورة"، طبعة 1986، 165 صفحة، الهيئة العامة للاستعلامات. حنان حسن جمعة، كمال أحمد محمود، نبيلة الدسوقي، إشراف ومراجعة / عبد العظيم رمضان ، "الوزارات المصرية - التشكيلات" - من 18 أكتوبر 1961 إلى 14 أكتوبر 1993 (الجزء الثالث/القسم الأول من سلسلة مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر) ، طبعة 1995، 690 صفحة، الهيئة المصرية العامة للكتاب - مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر. محمد عبد الخالق أحمد، يونان لبيب رزق ، "رئاسات مصر - موسوعة الرؤساء، رؤساء مجالس النظار والوزراء، النظارات والوزارات، النظار والوزراء - من عصر الوالي محمد على باشا إلى عهد الرئيس محمد حسني مبارك "، طبعة 2004، 1117 صفحة، روزاليوسف. مصادر [ عدل]