حكم النية في صيام الست من شوال سؤال من الأسئلة المتداولة والتي يجب الإجابة عنها، فإن صيام الست من شوال من أيام الصيام التطوعية، وهي نافلة يسعى المسلمون لأدائها ويحرصون على صيامها بأحسن شكل؛ وذلك لما فيها من الأجر والثواب، وقد يتساءل الكثيرون حول حكم النية وكيفيتها في صيام الست من شوال، وهل تتشابه مع النية في صيام رمضان، وفي هذا المقال سنعمل على توضيح ما سبق بالإضافة لذكر حكم تغيير نية الصيام بعد البدء بالصيام.
ولم يكن قصد الإمام مالك ومن قال بقوله إلا حرصاً على عدم اختلاط صيام ست من "شوال" برمضان فيظنها الجاهل بأنها فرض والحمدلله فالمسلمون اليوم يميزون بين الفريضة والسنن. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال آمين.
ت + ت - الحجم الطبيعي الأحكام الفقهية كثيرة وتتجدد بتجدد حاجات المسلمين في كل زمان ومكان ولكنّ مرجعها الأساس لا يتغير ولا يتبدل وهو كتاب الله وسنة رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم، والعلماء يجتهدون رأيهم عند عدم ورود الأدلة الصحيحة فإن وردت وصحّت لديهم فرأيهم لا يتجاوز قول الله ورسوله كما بيّنه الأئمة كلهم وأمروا به من يأخذ برأيهم من بعدهم، يقول إمام دار الهجرة مالك رحمه الله: كلٌّ يؤخذ منه ويُردّ إلا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر رسول الله. وقد خصّ الله الأمة الإسلامية بمنّةٍ عظيمةٍ وفضّلها بها فقد اختارها لتحمل آخر الرسالات السماوية إلى يوم القيامة وشرّفها بأفضل الخلق وخاتم المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، إذ لم يقبضه إلى الرفيق الأعلى حتى أكمل الله به للمسلمين دينهم وأتمّ نعمته عليهم وقال لهم جلّ مِنْ قائل: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، وفي هذه الآية دليل لا شك فيه أن رسولنا الأمين لم يفارقنا حتى أدى الأمانة على أتم وجه.
وقبل النقاش والجدل لتعلموا أعزائي أن الله لم يفرض علينا صياماً غير صيام شهر رمضان وكل ما سواه فهو من باب السنن المستحبة مثل صوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس وصوم يوم البيض والست من "شوّال" وغيرها التي يحرص عليها الصالحون من المسلمين وهو بابٌ للتقرب وزيادة الطاعات، ولا داعي لكثرة الجدال حولها وإدخال العواطف التي لا محلّ لها هنا كما قال أحدهم وأضحكني قوله: بأنّ الحرص على صيام ثاني أيام عيد الفطر يحرمنا من فرحة العيد!! أما ما جاء في موطأ مالك من رواية يحْيَى يقول: "سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: إنِّي لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ خِفَّتَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُون ذَلِك". فقد أجاب علماء المالكية أنفسهم عن ذلك ومنهم الباجي وابن عبدالبر وغيرهما ويقول القرطبي: "ويظهر من كلام مالك هذا أن الذي كرهه هو وأهل العلم، الذين أشار إليهم، إنما هو أن توصل تلك الأيام الستة بيوم الفطر، لئلا يظن أهل الجهالة والجفاء أنها بقية من صوم رمضان، وأما إذا باعد بينها وبين يوم الفطر فيبعد التوهم، وينقطع ذلك التخيل" وهذا رأي المالكية، أما الجمهور فعلى جواز الصيام من ثاني أيام فطر العيد.