3- الاعتدال في الخصومة وعدم الإغراق بها، واتركْ للصلح موضعاً. عن علي رضي الله عنه قال: "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما" [الترمذي]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أبغض الرجال إلى الله الأَلَدُّ الخَصِم » [مسلم]، يعني شديد الخصومة. قيل لأبي سفيان رضي الله عنه: ما بلغ بك من الشرف؟ قال: ما خاصمتُ رجلاً إلا جعلتُ للصلح موضعاً. الدرر السنية. 4- لا تأخذ في الخصومة غير حقك، ولو حَكمَ به مَنْ حكم. قال رسول الله الله صلى الله عليه وسلم:« إنما أنا بشر، إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون أَلْحًنَ بحجته من بعض فأقضي نحو ما أسمع، فَمَنْ قضيتُ له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعةً من النار » [البخاري ومسلم وغيرهما]. 5- ضبط اللسان في الخصومة وفق الشرع، قال رسول الله: الله صلى الله عليه وسلم « أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فَجَر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يَدَعَها » [البخاري ومسلم وغيرهما]، ومعنى فَجَر أي انبعث في المعاصي والمحارم. مِمَّا يُستفاد من الحديث: 1- الترهيب من الشدة في الخصومة.
[box type="shadow" align="" class="" width=""]قال النبي ﷺ: ( إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ) (صحيح البخاري 2325). وهو الذي يبالغ في الخصومة، ويكثر منها دون اعترافه بالحقِّ وانقياده له وتسليمه به. والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق أو إثبات باطل. (الألد) شديد الخصومة. ابغض الرجال الى الله عليه. (الخَصِم) الحاذق بالخصومة المبالغ فيها. [/box] الشرح والإيضاح في هذا الحديثِ تَحذيرٌ شديدٌ مِن المتَّصفِ باللَّدد في الخُصومةِ، وأنَّه أبغضُ الرِّجالِ إلى اللهِ تعالى، والألدُّ الخَصِمُ هو المُولَعُ بِالخُصومِة الماهرُ فيها والدائمُ فيها كذلِك، وإنَّما كان هذا الرَّجلُ هو أبغضَ الرِّجالِ إلى اللهِ تعالى؛ لأنَّه يُجادلُ عَنِ الباطلِ، وذلِك يَحمِل على ضَياعِ الحقِّ، والمطْلِ بالحقوقِ وظُلمِ أصحابها، ونُصرةِ الباطلِ، وقدْ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} [البقرة: 204]. مصدر الشرح: تحميل التصميم
فقد يكون هو مبطل في حجته، شدة خصومته، فيظهر الباطل في صورة الحق، هذا يقع من بعض الناس في تقليبه للكلام، ربما يكون خصمه ضعيف الحجة، فيستغل هذه النقطة، وهذا واقع في الخصومات التي تقع بين الناس، أو من اللدود: وهو الدواء الذي يعطى، ولهذا قال النبي - عليه الصلاة والسلام- في مرض موته: ( لا تلدوني، قلنا كراهية المريض للدواء). تقول عائشة -رضي الله عنها- لما شد عليه الوجع أعطوه اللدود قال: ( لا تلدوني) اللدود: وهو العلاج الذي يجعل في جانب الفم، سمي اللدود من لديد الفم، وهو جانب لديد الفم من هنا ومن هنا، وكذلك الوادي جانبه من هنا ومن هنا، فكأنه يأخذ تارة حجة من هنا وتارة حجة من هنا، فسمي الألد الخصم، والخصومة بالباطل لا تجوز، بل لو لم يكن خصومة مجرد مراء أيضا لا يجوز. و الخصومات أعظم ما تكون محرمة إذا كانت الخصومات في الدين، في حديث ابن عباس: كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما فلا يجوز للإنسان أن يكون مخاصما، كذلك الخصومة في الدين، والمناقشة في أمور الدين، فلا يعرض الإنسان دينه لكثرة الخصومات ويتنقل، ولهذا من كثرت الشبه عليه تنقل، هذا قد يبتلى به كثير من الناس، ولا يبتلى به إلا البطالون.