الرئيسية إسلاميات القصص القرآنى 09:00 ص السبت 31 مارس 2018 أسرار وتفاصيل قصة نبي الله داود مع 99 نعجة بقلم - هاني ضوه: كان نبي الله سيدنا داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من الأنبياء والرسل الكرام، الذين آتاهم الله الحكم والنبوة والملك، وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، وكان يحكم فيما بينهم في القضايا والخصومات. وفي يوم من الأيام تسور شخصان مختصمان جدران المحراب الذي يحكم فيه، دون استئذان، ولما رآهما سيدنا داود فزع منهم فقالا له لا تخف نحن خصمان اختلفنا وجئناك لتحكم بيننا. تفسير قوله تعالى إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.. - إسلام ويب - مركز الفتوى. وحينها بدأ أحدها يقص المشكلة على نبي الله داود عليه السلام فقال له: إن هذا أخي، يمتلك ۹۹ نعجة، وأنا لا أملك إلاّ نعجة واحدة، وهو يُصِرُّ علي أن أُعطيَهُ نعجتي ليضُمها إلى بقية نعاجه، وقد شدد عليّ في القول وأغلظ. فحكم نبي الله سيدنا داود عليه السلام للمدعي بأن أخوه قد ظلمه بطلبه أن يأخذ منه نعجته الواحدة ليضمها إلى نعاجه، وذلك دون أن يستمع إلى الخصم الثاني، لأن كثير من الخلطاء والشركاء يبغون على أصحابهم في العادة، واقتنع الطرفين بحكم نبي الله سيدنا داود وسلما له وغادرا المكان. وبعد أن انصرفا أعاد سيدنا داود التدبر في تلك المسألة والخصومة، وأنه كان لابد أن يستمع إلى الطرف والأخر ليكون تصوره عن المسألة كاملًا، ثم يحكم بينهما، فأدرك سيدنا داود تسرعه في الحكم فأناب إلى الله وخر ساجدًا مستغفرًا الله، وتدارك الحكم بينهما.
إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) القول في تأويل قوله تعالى: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) وهذا مثل ضربه الخصم المتسوّرون على داود محرابه له, وذلك أن داود كانت له فيما قيل: تسع وتسعون امرأة, وكانت للرجل الذي أغزاه حتى قُتل امرأة واحدة; فلما قتل نكح فيما ذكر داود امرأته, فقال له أحدهما: ( إِنَّ هَذَا أَخِي) يقول: أخي على ديني. كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: ( إِنَّ هَذَا أَخِي): أي على ديني ( لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ). وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَى " وذلك على سبيل توكيد العرب الكلمة, كقولهم: هذا رجل ذكر, ولا يكادون أن يفعلوا ذلك إلا في المؤنث والمذكر الذي تذكيره وتأنيثه في نفسه كالمرأة والرجل والناقة, ولا يكادون أن يقولوا هذه دار أنثى, وملحفة أنثى, لأن تأنيثها في اسمها لا في معناها.
ووقع في سفر «صمويل الثاني» من كتب اليهود سوق هذه القصة على الخلاف هذا. وليس في قول الخصمين: { هذا أخِي} ولا في فرضهما الخصومة التي هي غير واقعة ارتكابُ الكذب لأن هذا من الأخبار المخالفة للواقع التي لا يريد المخبِر بها أن يظن المخبَر ( بالفتح) وقوعَها إلاّ ريثما يحصل الغرض من العبرة بها ثم ينكشف له باطنها فيعلم أنها لم تقع. وما يجري في خلالها من الأوصاف والنسب غير الواقعة فإنما هو على سبيل الفرض والتقدير وعلى نية المشابهة. وفي هذا دليل شرعي على جواز وضع القِصص التمثيلية التي يقصد منها التربية والموعظة ولا يتحمل واضعها جرحة الكذب خلافاً للذين نبزوا الحريري بالكَذب في وضع «المقامات» كما أشار هو إليه في ديباجتها. وفيها دليل شرعي لجواز تمثيل تلك القصص بالأجسام والذوات إذا لم تخالف الشريعة ، ومنه تمثيل الروايات والقصص في ديار التمثيل ، فإن ما يجري في شرع من قبلنا يصلح دليلاً لنا في شرعنا إذا حكاه القرآن أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد في شرعنا ما ينسخه. وأخذ من الآية مشروعية القضاء في المسجد ، قالوا: وليس في القرآن ما يدل على ذلك سوى هذه الآية بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حكاه الكتاب أو السنة.