الخميس 31/مارس/2022 - 11:21 ص الشيخ جابر بغدادي قال الشيخ جابر بغدادي، الداعية الإسلامى وكيل الطريقة الخلوتية الجودية، إن من أهم الحلول الإيجابية لإيجاد البركة في حياة الإنسان ما جاء في قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" وهى الإيمان والتقوى، ووجب علينا القرب من الله فى هذه الأيام المبارك. وأشار وكيل الطريقة الخلوتية الجودية، خلال أحد الدروس العلمية ببنى سويف، أن الله سبحانه وتعالى بين شروط البركة وهي" الإيمان، والتقوى" ففيهما حلٌ يصل الى آخر حدود السهولة ويصل الى آخر حدود الصعوبة، موضحا أن الرسول الكريم قال "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه"، أى لا يكتمل إيمان أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه.
وتوجه رواية مسلم بأن تقديم الولد تساير الترتيب التنازلي من حيث مزيد المحبة والشفقة، فللولد مزيد شفقة عند الوالد أكثر من شفقة الولد على والده ثم الناس في المرتبة الثالثة، وهل تدخل الأم في لفظ الوالد؟ قيل نعم، لأن المراد بالوالد، من له ولد، والظاهر أنه من قبيل الاكتفاء، أو دخول الأم بطريق القياس. (والناس أجمعين) من عطف العام على الخاص، وفي رواية الأهل وفي رواية الولد والوالد وهل تدخل النفس في هذا العموم؟ قال الحافظ ابن حجر: الظاهر دخولها. ويضعف هذا القول أن حب النفس أقوى من حب الولد والوالد في طبائع العقلاء ودخولها في هذا العموم يجعل حبها في الدرجة الثانية بل الثالثة، يدل على قوة حبها ما رواه البخاري من أن عمر بن الخطاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال: لا. حديث(فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ ) - wikilnfinity. والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي. فقه الحديث قلنا في الحديث السابق: إن الحب نوعان: جبلي واختياري، وقلنا إن الشارع لا يكلف الإنسان ولا يطلب منه التحكم في الحب الجبلي، فالمقصود بالحب هنا الحب الاختياري، وقلنا إن للحب أسبابا تغرسه في النفس أو تعمقه فيها، كجمال المنظر وحسن الصوت والخلق أو النفع بوجه ما.
حب أم تعظيم؟ وهذا أيضا ما ذكره القاضي عياض، حيث أفاد: أن المقصود بالمحبة هنا التعظيم والإجلال، فقد قال: " فلا يصحُّ الإيمانُ إلاَّ بتحقيق إنافةِ قَدرِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – ومنزلتِهِ، على كلِّ والدٍ وولد، ومُحسِنٍ ومُفضِل، ومن لم يعتقد هذا واعتقَدَ سواه، فليس بمؤمنٍ. " [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 225). ] ولأن التعظيم أمر مقدور للنفس، لم يحتج القاضي عياض حينئذ أن يؤول نفي الإيمان بنفي كماله، بل فسره على ظاهره بنفي أصل الإيمان، ولِمَ لا؟ فالذي لا يعظم النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم أكثر من تعظيمه والده وولده ونفسه والناس أجمعين، لا يستحق أن يدخل في زمرة المؤمنين. خطبة عن حديث (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. لكن المحققين من العلماء رفضوا تفسير الحب بالتعظيم؛ معللين ذلك بأن اعتقاد الأعظمية لا يستلزم المحبة، فقد يعظم الإنسان شخصا ما، لكنه لا يحبه. وممن ذهب إلى ذلك القرطبي صاحب شرح المفهم على صحيح مسلم، والحافظ ابن حجر في فتح الباري. وأضافوا في التعليل: ولأنَّ عمر رضي الله عنه لَمَّا سمع قولَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن نَفسِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ، قَال عمر: يَا رَسُولَ اللهِ!