كان زكريا يبسط واقع حاله أمام الله.. ويقول: رب هذا حالي الآن وانت أعلم بي مني.. ورغم وهني وضعفي ، فأنا مؤمن بقدرتك على تحقيق مطلبي. : لاتقولي: إن الظروف المقسرة التي تحيطني محال أن تتبدل.. وأن كل الوقائع تشهد بذلك.. وأن تغييرها يحتاج لمعجزة.. لا..! كوني على يقين وأنت تسألين أن الله لايعجزه شيء. : ويستطرد زكريا: ( ولم أكن بدعائك رب شقياً). زكريا لم يشقَ مع دعائه لربه، وهو في فتوته وقوته. فلطالما دعاه وما رده يوماً خائباً فما أحوجه الآن في هرمه وتظافر أسباب عجزه.. أن يستجيب الله له ويتم نعمته عليه! : يقول الله تعالى: ( ادعوني أستجب لكم) لم يقيد دعاءنا بشرط.. ولم يفرض علينا حدود زمان أو مكان.. ادعِي في كل آن: في العسر واليسر في الشدة والرخاء.. في الليل والنهار فقط كوني مخلصة في توجهك.. يكون الله معك ، ويستجيب لك. : وهنا يفصح زكريا عن مطلبه: (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً، فهب لي من لدنك ولياً، يرثني ويرث من آل يعقوب... اذ نادى ربه نداء خفيا بصوت جميل | قران كريم - YouTube. )... وبعد أن صور زكريا حاله.. ذكر مايخشاه ، وبسط مايطلبه اتقاءً لما يخاف منه إنه يخشى وهو احد أنبياء بني إسرائيل.. والقائم على أمور أهله ، ورعاية مريم التي كفلها والمسؤول في بيت المقدس وعلى شؤون الإنفاق والتدبير أن يضيع من يتولى بعده.. ميراثه..!
وفي القاموس المحيط عسا الشيخ يعسو عسيا كبر. ، عَتَا: يَعْتُو ، { قَالَ رَبِّ أَنَّى أَنَّى من أين؟ وهو استكشاف عن الطريقة التي سيوهب بها الولد لا استبعاد لذلك. يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا عَاقِرًا لا تلد. وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيًّا}[مريم: 8] - إِلَى إِلَى قَوْلِهِ وتتمة الآيات { قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [9] قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)}[مريم: 9-10] (آية) علامة على حمل امرأتي. (ألا تكلم) لا تستطيع الكلام. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - الآية 3. قَوْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ وتتمة الآيات { قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [9] قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)}[مريم: 9-10] (آية) علامة على حمل امرأتي. - { ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا سَوِيًّا حال كونك صحيحا سليم الأعضاء واللسان والحواس. }[مريم: 10] وَيُقَالُ: صَحِيحًا ، { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ الْمِحْرَابِ الموضع الذي كان يصلي فيه.
المسألة الثانية: إدغام السين في الشين ( من الرأس شيبا) عن أبي عمرو. المسألة الثالثة: ( وإني خفت الموالي) بفتح الياء وعن الزهري بإسكان الياء من الموالي وقرأ عثمان [ ص: 154] وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وسعيد بن جبير وزيد بن ثابت وابن عباس: خفت بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر التاء ، وهذا يدل على معنيين: أحدهما: أن يكون ورائي بمعنى بعدي ، والمعنى أنهم قلوا وعجزوا عن إقامة الدين بعده ؛ فسأل ربه تقويتهم بولي يرزقه. والثاني: أن يكون بمعنى قدامي والمعنى أنهم خفوا قدامه ودرجوا ولم يبق من به تقو واعتضاد. المسألة الرابعة: القراءة المعروفة: ( من ورائي) بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة وعن حميد بن مقسم كذلك لكن بفتح الياء وقرأ ابن كثير ( وراي) كعصاي. المسألة الخامسة: في يرثني ويرث وجوه: أحدها: القراءة المعروفة بالرفع فيهما صفة. وثانيها: وهي قراءة أبي عمرو والكسائي والزهري والأعمش وطلحة بالجزم فيهما جوابا للدعاء. شرح دعاء :رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء - الكلم الطيب. وثالثها: عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجعفر بن محمد والحسن وقتادة: ( وليا يرثني) جزم ، وارث بوزن فاعل. ورابعها: عن ابن عباس: ( يرثني) وارث من آل يعقوب.
وقوله "ولم أكن بدعائك رب شقيا" أي ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء, ولم تردني قط فيما سألتك وقوله "وإني خفت الموالي من ورائي" قرأ الأكثرون بنصب الياء من الموالي على أنه مفعول, وعن الكسائي أنه سكن الياء, كما قال الشاعر: كأن أيديهن في القاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق وقال الاخر: فتى لو يباري الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا ومنه قول أبي تمام حبيب بن أوس الطائي: تغاير الشعر منه إذ سهرت له حتى ظننت قوافيه ستقتتل وقال مجاهد وقتادة والسدي: أراد بالموالي العصبة. وقال أبو صالح: الكلالة. وروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقرؤها "وإني خفت الموالي من ورائي" بتشديد الفاء بمعنى قلت عصباتي من بعدي, وعلى القراءة الأولى وجه خوفه أنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفاً سيئاً, فسأل الله ولداً يكون نبياً من بعده ليسوسهم بنبوته ما يوحي إليه, فأجيب في ذلك لا أنه خشي من وراثتهم له ماله, فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده, وأن يأنف من وراثة عصباته له ويسأل أن يكون له ولد ليحوز ميراثه دونهم هذا وجه. (الثاني) أنه لم يذكر أنه كان ذا مال بل كان نجاراً يأكل من كسب يديه, ومثل هذا لا يجمع مالاً ولا سيما الأنبياء, فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا.
إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة.
يا ترى هل كل تلك الأصوات الصاخبة المرتفعة تعبّر عن حالة الفراغ التي يعاني منها الإنسان في العصر الحاضر؟! ممكن، هذه وقفة ربما تحتاج لتأمل! ولكن الذي نريد أن نقوله أن الصلة بين الإنسان وربه لا تحتاج إلى صوت مرتفع، تحتاج إلى إخفاء عن الآخرين في كثير من الأحيان ولذلك ربي سبحانه يحدثنا كثيرًا عن أعمال السرّ التي تكون مستترة عن أعين البشر ولكنها عند الله عز وجلّ معلومة يوجهها الإنسان لربّه فيتحرّى فيها الصدق والإخلاص: صدقة السر، البكاء من خشية الله، ذكر الله عز وجلّ في السرّ، أشياء متنوعة متعددة.
أي تضرعاً لأنه أوقع في نفس المدعو. ومعنى الكلام: أن زكرياء قال: يا رب ، بصوت خفي. وإنما كان خفياً لأن زكرياء رأى أنه أدخل في الإخلاص مع رجائه أنّ الله يجيب دعوته لئلا تكون استجابته مما يتحدث به الناس ، فلذلك لم يدعه تضرعاً وإن كان التضرع أعون على صدق التوجه غالباً ، فلعل يقين زكرياء كاف في تقوية التوجه ، فاختار لدعائه السلامة من مخالطة الرياء. ولا منافاة بين كونه نداء وكونه خفياً ، لأنه نداء من يسمع الخفاء. والمراد بالرحمة: استجابة دعائه ، كما سيصرح به بقوله: { يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} [ مريم: 7]. وإنما حكي في الآية وصف دعاء زكرياء كما وقع فليس فيها إشعار بالثناء على إخفاء الدعاء. قراءة سورة مريم