و أما الوقفة الثانية فهي مرتبطة بشكل مباشر بتصميم المسجد، فإذا كان المسجد هو فضاء ممتد فيفترض أن يكون فضاءا مفتوحا وأقصد هنا بشكل خاص قاعة الصلاة التي تعبر عن وجود المسجد في المكان وتحدد نقطة البداية فيه (المحراب) التي يفترض أن لا يتقدم عليها أحد لكنها تحدد المجال المكاني للصلاة ابتداءا منها ويمكن ان يتوسع هذا المجال حتى يشمل الارض برمتها (من الناحية المجازية والنظرية) وبالتالي فمن الاولى أن تكون قاعة الصلاة مفتوحة وتوّاقة الى التواصل مع الخارج و بحيث يفترض أنها تمتد وتتجرد من كل العوائق المادية التي تقيدها في إطار فراغي محدد. هذه التساؤلات مطروحة للتفكير ضمن "هوية المسجد" في هذا القرن وما يجب أن يكون عليه. والحقيقة هنا ان هذه الفكرة بالذات شعرت بها عندما شاهدت بعض المساجد التاريخية في المملكة، حيث نلحظ ان المسجد في نجد وفي الاحساء يكون فيه جدار القبلة صريحا واضحا و يمثل حدا ونقطة بداية بينما يكون فضاء الصلاة واسعا ورحبا وبالتالي فان الاروقة التي تبنى للمسجد ما هي إلا "علامة" مكانية فقط ، أما في عسير فنشاهد المساجد المفتوحة أعلى الجبال حابسة للأنفاس و هي تبين مفهوم "جعلت لي الارض مسجدا" بصورة روحية عميقة.
ومن الإعجاز العلمي في قول النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»، أن اكتشف العلماء في بحث جديد وجود مضادات حيوية في تراب الأرض، هذه المضادات يمكنها تطهير وقتل أعند أنواع الجراثيم، بما يثبت أن التراب مادة مطهرة، وفي دراسة جديدة يقول العلماء فيها إن بعض أنواع التراب يمكن أن تزيل أكثر الجراثيم مقاومة، وتبين مؤخرا أن تراب الأرض يحوي مضادات حيوية، ولولا هذه الخاصية المطهرة للتراب، لم تستمر الحياة بسبب التعفنات والفيروسات والجراثيم التي ستنتشر وتصل إلى الإنسان وتقضي عليه، إلا أن رحمة الله اقتضت أن يضع في التراب خاصية التطهير ليضمن لنا استمرار الحياة. التوازن في توزيع العقود يتجلى طابع العمارة الهندية بصورة واضحة في واجهة هذا الجزء من المسجد، وهو الجانب الغربي من الصحن، أي جانب القبلة من ناحية العناية بالمدخل الأوسط حتى ليبدو وكأنه مدخل المسجد على الرغم من أنه يطل على الصحن، ويزيد من جمال هذا الجزء تلك العناية الكاملة بالتوازن في توزيع العقود، فهناك 7 عقود على جانبي عقد المدخل، وقد غشيت الواجهة بكاملها بالرخام.? والحقيقة أن العمارة الإسلامية في الهند ورثت تلك العناية بواجهة إيوانات القبلة المطلة على الصحن من العمارة التيمورية في سمرقند وبخارى، ويبدو ذلك التأثير كنوع من وفاء أباطرة المغول للميراث المعماري لجدهم الأعلى تيمور لنك، حتى أن واجهة إيوانات القبلة ضمت في طرفيها منارتين رشيقتين تماما مثلما نرى في المدارس التيمورية بآسيا الوسطى، ويبلغ ارتفاع كل مئذنة 41 متراً، يتم الصعود إلى جوسقها المغطى بقبة بصلية صغيرة محمولة على 12 عقداً عبر 130 درجة، لم تعبر طوابقها الثلاثة.
نصيحتي لك: اذا كنت غير كفوء بالاجابة على هذه الاسئلة فاترك المجال لغيرك.. واذا اردت الاجابة فكن دقيقا بذكر المصادر وتوثيقات سند الاحاديث وهذا شرطنا ولا فلا... واشكرك اخي الكريم على سعة صدرك والسلام..
وكان العلماء والولاة هم الذين يتصدرون الأمة من خلال المسجد. وخلاصة القول: فإن أهم الأمور التي يمكن أن يقوم بها العلماء والدعاة ويؤدونها للمجتمع والأمة من خلال المسجد ما يلي: 1- الإمامة وما يتبعها ويلحق بها. 2- الخطابة في الجمعة والأعياد ونحوها. 3- الفتاوى. 4- الدروس والحلق. 5- المحاضرات والندوات. 6- الكلمات والتوجيهات والمواعظ. 7- سائر أعمال الحسبة الأخرى التي يمكن أن تتحقق من خلال المسجد حسب نظر المشايخ" 8. والله أعلم، والحمد لله، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. 1 المخصص (2/490) لــ (ابن سيده). جامع المدارك - السيد الخوانساري - کتابخانه مدرسه فقاهت. 2 رواه البخاري – 419-(2/ 218) 3 انظر: وظيفة المسجد في المجتمع(1/2) لـ (صالح بن ناصر الخزيم), المشروع والممنوع في المسجد(1/7)لـ(محمد بن علي العرفج). 4 انظر: المشروع والممنوع في المسجد(1/7) –لـ(محمد العرفج). 5 انظر: تفسير القرطبي – (ج 12 / ص 70) 6 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية – (9/ 196) 7 رواه البخاري -4066- (ج 13 / ص 328) ومسلم -4973- (ج 13 / ص 345). 8 انظر: أثر العلماء في تحقيق رسالة المسجد(1/12) لـ( ناصر بن عبد الكريم العقل)
وسار على ذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم في القرون المفضلة، ومن بعدهم من السلف الصالح ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وكانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي المساجد، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسس مسجده على التقوى، ففيه الصلاة والقراءة والذكر وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم" 6. "والمسجد في الإسلام، وكما كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس مكان إقامة الصلاة فحسب، بل كان منطلق أنشطة كثيرة، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعقد فيه الاجتماعات، ويستقبل فيه الوفود، ويقيم فيه حلق الذكر والعلم والإعلام، ومنطلق الدعوة والبعوث، ويبرم فيه كل أمر ذي بال في السلم والحرب. وأول عمل ذي بال بدأه النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة مهاجرا أن شرع في بناء المسجد، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، كما ورد في الصحيح 7. الأرض مسجد وطهور. أما الآن ومع تدرج الزمن وتغير أساليب الحياة فقد تحول كثير من وظائف المسجد إلى مؤسسات أخرى وهيئات ودوائر.. ، لكن لا يعني ذلك أن المسجد انتهت رسالته، أو لم يعد له دوره وتأثيره، بل بقي الكثير.