وقيل: الرفث: الإفحاش للمرأة بالكلام، كقوله: إذا أحللنا فعلنا بك كذا. من غير كناية. وقيل: الرفث كلمة جامعة لما يريده الرجل من أهله. وقال أبو عبيد: الرفث: اللغا من الكلام، وأنشد: ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلم قوله: {وَلاَ فُسُوقَ}، يشمل النهي عن إتيان جميع المعاصي حال الإحرام بالحج، كقتل الصيد، وقص الظفر، وأخذ الشعر، وشبه ذلك من السباب، والتنابز بالألقاب، والشتم، والغيبة، والنميمة، قال صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»، وقال أيضاً: «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الجهاد حج مبرور». فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. والحج المبرور: هو الذي لم يعص الله سبحانه فيه، ولا بعده. قال الحسن: الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة. قوله: {وَلاَ جِدَالَ}، الجدال وزنه «فِعال» من المجادلة، وهي مشتقة من الجدل وهو الفتل. وقيل: هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض، فكأن كل واحد من الخصمين يقاوم صاحبه حتى يغلبه، فيكون كمن ضرب به الجدالة. وقد اختلف العلماء في المعنى المراد به هنا، فقال ابن مسعود وابن عباس وعطاء: الجدال هنا أن تماري مسلماً حتى تغضبه، فينتهي إلى السباب، فأما مذاكرة العلم فلا نهي عنها.
{وَلَا فُسُوقَ} وإذا كان الفسوق منهياً عنه على الدوام فإن النهي عنه في الحج يكون اشد وأعظم. والفسوق هو الخروج عن الطاعة, وتعدي حدود الله تعالى, وقد اختلف في المراد به في الآية على أقوال: الأول: التنابز بالألقاب, لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [سورة الحجرات: 11]. الثاني: السباب, لقوله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق, وقتاله كفر» [رواه البخاري ومسلم]. الثالث: الإيذاء والإفحاش, لقوله سبحانه وتعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} [سورة البقرة: 282]. الرابع: والذبح للأصنام, فإن أهل الجاهلية كانوا في حجهم يذبحون لأجل الأصنام، وقد قال الله تعالي: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [سورة الأنعام: 121]، وقوله: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [سورة الأنعام: 145]. الخامس: وهو الصحيح أن الفسوق في الآية يشمل جميع المعاصي، قال ابن عمر رضي الله عنهما: "الفسوق: ما أصيب من معاصي الله صيدا أو غيره"، وكان يقول: "هو إتيان معاصي الله في الحرم".
والحج المبرور: هو الذي لم يعص الله سبحانه فيه، ولا بعده. قال الحسن: الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة. قوله: (ولا جدال)، الجدال وزنه (فعال) من المجادلة، وهي مشتقة من الجدل وهو الفتل. وقيل: هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض، فكأن كل واحد من الخصمين يقوم صاحبه حتى يغلبه، فيكون كمن ضرب به الجدالة. وقد اختلف العلماء في المعنى المراد به هنا، فقال ابن مسعود وابن عباس وعطاء: الجدال هنا أن تماري مسلماً حتى تغضبه، فينتهي إلى السباب، فأما مذاكرة العلم فلا نهي عنها. وقال ابن زيد ومالك بن أنس: الجدال هنا أن يختلف الناس أيهم صادف موقف إبراهيم عليه السلام، كما كانوا يفعلون في الجاهلية، حين كانت قريش تقف في غير موقف سائر العرب، ثم يتجادلون بعد ذلك. وقيل: الجدال هنا أن تقول طائفة: الحج اليوم، وتقول أخرى الحج غداً. وقال محمد بن كعب القرظي: الجدال أن تقول طائفة: حجنا أبر من حجكم، وتقول الأخرى مثل ذلك. وعلى أي حال فإن الجدال أياً كان نوعه، والمماراة مهما كان شكلها، يجب الابتعاد عنهما، والتحرز منهما، والاشتغال بكل مفيد من أمر المعروف، ونهي عن المنكر، وتعليم للجهال، وبيان خطأ المخطئين، والدعوة إلى الله سبحانه على بصيرة، وبالحكمة التي أمر الله بها، فطبقها رسوله صلى الله عليه وسلم، مع الموعظة الحسنة، والتزام الآداب الإسلامية والأخلاق الفاضلة والعالية، والتي تؤدي إلى الثمار والنتائج المطلوبة بسهولة ويسر، وإذا انضاف إلى ذلك الفهم والإدراك والوعي المطلوب كان ذلك العمل أكثر نفعاً وأعمق أثراً.