والمعتر: الذي يتعرض لك ، ويلم بك أن تعطيه من اللحم ، ولا يسأل. وكذا قال مجاهد ، ومحمد بن كعب القرظي. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: القانع: المتعفف. والمعتر: السائل. وهذا قول قتادة ، وإبراهيم النخعي ، ومجاهد في رواية عنه. وقال ابن عباس ، وزيد بن أسلم وعكرمة ، والحسن البصري ، وابن الكلبي ، ومقاتل بن حيان ، ومالك بن أنس: القانع: هو الذي يقنع إليك ويسألك. والمعتر: الذي يعتريك ، يتضرع ولا يسألك. وهذا لفظ الحسن. وقال سعيد بن جبير: القانع: هو السائل ، ثم قال: أما سمعت قول الشماخ. لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره ، أعف من القنوع قال: يعني من السؤال ، وبه قال ابن زيد. وقال زيد بن أسلم: القانع: المسكين الذي يطوف. الباحث القرآني. والمعتر: الصديق والضعيف الذي يزور. وهو رواية عن عبد الله بن زيد أيضا. وعن مجاهد أيضا: القانع: جارك الغني [ الذي يبصر ما يدخل بيتك] والمعتر: الذي يعتريك من الناس. وعنه: أن القانع: هو الطامع. والمعتر: هو الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير. وعن عكرمة نحوه ، وعنه القانع: أهل مكة. واختار ابن جرير أن القانع: هو السائل; لأنه من أقنع بيده إذا رفعها للسؤال ، والمعتر من الاعترار ، وهو: الذي يتعرض لأكل اللحم.
قال بعض العلماء: التسمية واجبة، وأكثر العلماء أنها مستحبة، وقال بعضهم: لابد أن يسمي الله بهذا الاسم: باسم الله، وجمهور العلماء أنه لا تتعين التسمية بذلك، ويكفي أي اسم من أسماء الله عز وجل الحسنى، مثل باسم الرحمن، أو يقول: الله أكبر فقط، لكن السنة أن يجمع بين اللفظين فيقول: باسم الله، والله أكبر. ومن ترك التسمية عند الذبح متعمداً اختلف العلماء هل تؤكل ذبيحته أو لا تؤكل؟ فإن كان مسلماً ونسي التسمية فالراجح أن ذبحه صحيح، وتؤكل ذبيحته، لكن إذا تعمد ذلك فذهب البعض من العلماء إلى أنها لا تؤكل، وذهب البعض الآخر إلى أنه إذا تعمد ذلك متأولاً فتؤكل ذبيحته، وهذا قول الشافعي ، وقال الإمام أحمد: لابد أن يسمي الله عز وجل؛ لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121]، فنهى من الأكل مما لم يذكر اسم الله عز وجل عليه. فالأحوط أنه لابد أن يسمي أو يذكر الله سبحانه تبارك وتعالى، ولو بالتكبير فقط.
(37) وقوله: لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ؛ أي: ليس المقصود منها ذبحها فقط. ولا ينال الله من لحومها ولا دمائها شيء؛ لكونه الغني الحميد، وإنما يناله الإخلاص فيها والاحتساب، والنية الصالحة، ولهذا قال: ولكن يناله التقوى منكم ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخرا ولا رياء ولا سمعة، ولا مجرد عادة، وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه. كذلك سخرها لكم لتكبروا الله ؛ أي: تعظموه [ ص: 1102] وتجلوه، على ما هداكم ؛ أي: مقابلة لهدايته إياكم، فإنه يستحق أكمل الثناء وأجل الحمد، وأعلى التعظيم، وبشر المحسنين بعبادة الله، بأن يعبدوا الله كأنهم يرونه، فإن لم يصلوا إلى هذه الدرجة فليعبدوه معتقدين وقت عبادتهم اطلاعه عليهم، ورؤيته إياهم، والمحسنين لعباد الله، بجميع وجوه الإحسان؛ من نفع مال، أو علم، أو جاه، أو نصح، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو كلمة طيبة ونحو ذلك، فالمحسنون لهم البشارة من الله، بسعادة الدنيا والآخرة وسيحسن الله إليهم، كما أحسنوا في عبادته ولعباده، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
وقوله تعالى: ﴿ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ الأمر فيه للوجوب، وقال مجاهد والطبري: الأمر هنا للإباحة، والأول أظهر. وقد اختلفوا في المراد بالقانع والمعتر: فقيل: (القانع) الذي يقنع بما يُعطى ولا يسأل ولا يتعرض، و(المعتر) السائل أو المتعرض. والبدن جعلناها لكم من شعاير الله mp3. وقيل: (القانع) الفقير، و(المعتر): الزائر؛ قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت؛ يعني في تفسير القانع والمعتر. واختار ابن جرير أن القانع هو السائل؛ لأنه مَن أقنع بيده إذا رفعها للسؤال، و(المُعْتَرّ) مِن الاعْتِراء، وهو الذي يَتَعَرَّض لأكل اللحم. والكاف في قوله: ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا ﴾ للتعليل مِن أجل ذلك، والإشارة إلى الخير الموجود في البُدْن. ومعنى ﴿ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾؛ أي: ذلَّلناها لكم حتى يأخذ الصبي بخطامها فيقودها حيث يشاء، وتجيئون بها منقادةً فتعقلونها وتحسبونها صافَّة قائمة، فتطعنون في نُحورها، ولم تكن بأعجز مِن بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرمًا وأقل قوة، وكفى بأوابدها عبرة، فاشكروا الله على هذه النعم، واعترفوا له بها. وقوله تعالى: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾؛ أي: لن تصعَد إليه لحومُ هذه الإبل التي تتصدَّقون بها ولا دماؤها التي تنصب عند نَحْرِها، ولكن يصل إليه إخلاصُكم له واتِّباعكم لأوامره واجتنابكم لنواهيه، فإليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، وما يريد منكم مِن رزق ولا يريد أن تطعموه؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين.
وتضجع البقر والغنم. السابعة: ولا يجوز النحر قبل الفجر من يوم النحر بإجماع. وكذلك الأضحية لا تجوز قبل الفجر. فإذا طلع الفجر حل النحر بمنى ، وليس عليهم انتظار نحر إمامهم ؛ بخلاف الأضحية في سائر البلاد. والمنحر منى لكل حاج ، ومكة لكل معتمر. ولو نحر الحاج بمكة والمعتمر بمنى لم يحرج واحد منهما ، إن شاء الله تعالى. الثامنة: قوله تعالى: فإذا وجبت جنوبها يقال: وجبت الشمس إذا سقطت ، ووجب الحائط إذا سقط. وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ – الثريا. قال قيس بن الخطيم: أطاعت بنو عوف أميرا نهاهم عن السلم حتى كان أول واجب وقال أوس بن حجر: ألم تكسف الشمس والبدر وال كواكب للجبل الواجب فقوله تعالى: فإذا وجبت جنوبها يريد إذا سقطت على جنوبها ميتة. كنى عن الموت بالسقوط على الجنب كما كنى عن النحر والذبح بقوله تعالى: فاذكروا اسم الله عليها والكنايات في أكثر المواضع أبلغ من التصريح. قال الشاعر [ عنترة]: فتركته جزر السباع ينشنه ما بين قلة رأسه والمعصم وقال عنترة: وضربت قرني كبشها فتجدلا أي سقط مقتولا إلى الجدالة ، وهي الأرض ؛ ومثله كثير. والوجوب للجنب بعد النحر علامة نزف الدم وخروج الروح منها ، وهو وقت الأكل ، أي وقت قرب الأكل ؛ لأنها إنما تبتدأ بالسلخ وقطع شيء من الذبيحة ثم يطبخ.