س: سائلة تقول: أنا أعمل ممرضة في وحدة مدرسية، وأنكرت منكرًا رأيته في عملي كان ذلك سببًا لطردي من العمل، وسببًا لتعاستي ومتاعبي النفسية، وأصبحت أنهى أولادي عن إنكار أي منكر، أرجو التوجيه أثابكم الله.
ولقد أحكم الإسلامُ هذا الباب غاية الإحكام حتى لا يؤدي ذلك إلى أي نوع من الفوضى والاستغلال أو جلب المفاسد من قبل المتحمسين أو المرضى والدخلاء، فجعل له ضوابطَ وشروطاً، منها: العلمُ الصَّحيحُ المستمدُّ من الكتاب والسُّنَّة، الذي يُبصِرُ فيه المسلمُ الأمورَ على ما هي عليه شرعاً وواقعاً، ويهتدي به إلى الطُّرق المناسبة السديدة في العلاج، فبمقدار استزادة المسلم من العلم النافع تزداد قدرته على نشر الخير بين الناس، قال تعالى: {وقل ربِّ زدني علماً}، وقال تعالى ناهياً عن القول بلا علم: {ولا تَقْفُ ما ليس لك به علمٌ إنَّ السَّمعَ والبصرَ والفؤادَ كلُّ أولئك كان عنه مسؤولا}.
الصورة الثانية: متعلقة بدرجة إنكار المنكر وأثره المترتب عليه، وذلك أنه شرع لإحقاق الحق وإبطال الباطل، فإذا كان من شأنه أن ينجرَّ به باطل أعظم من المطلوب زوالُه جرى على عكس ما شرع له، فلم يجز الإقدام عليه، وذلك بأن يخلفه ما هو شر منه، ويؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه، مثل أن ينهى عن شرب خمر فيؤول نهيه عن ذلك إلى قتل نفس وما أشبه ذلك.