مؤلفات ابن باز زادت كتب ابن باز على الأربعين كتاباً تقريباً؛ حيث تناولت موضوعاتها العديد من الجوانب المتعلّقة بالديانة الإسلامية كالفقه، والعقيدة، وما إلى ذلك، ومن الأمثلة على مؤلفاته: مسائل ابن باز، وبيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل جميعاً وبعث به خاتمهم محمداً -عليه السلام-، والعقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام، والدروس المهمّة لعامة الأمة، وكيفية صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والعديد من المؤلفات الأخرى. وفاة ابن باز في عام ألفٍ وأربعمئة وتسعة عشر من الهجرة بدأت صحّة ابن باز بالتراجع شيئاً فشيئاً، ممّا جعله غير قادر على أداء مناسك الحج لذلك العام، وفي نهايات شهر ذي الحجة استقرّ ابن باز في مدينة الطائف السعودية، وازدادت أوجاعه، وثقل المرض عليه، واستمرّ على هذه الحال إلى أن توفي -رحمه الله- يوم الخميس السابع والعشرين من شهر محرم من عام ألف وأربعمئة وعشرين ميلادية، حيث صُلِّي عليه في اليوم التالي في المسجد الحرام وقد كان يوم جمعة، ودفن في مقبرة العدل الواقعة في مدينة مكة المكرمة، وصدر الأمر بأن تصلّي عليه كافة مناطق المملكة صلاة الغائب.
اليَوْمَ عِلْمٌ وَغَدًا مِثْلُهُ مِنْ نُخَبِ العِلْمِ الَّتِي تُلْتَقَطْ يُحَصِّلُ المَرْءُ بِهَا حِكْمَةً وَإِنَّمَا السَّيْلُ اجْتِمَاعُ النُّقَطْ فما أحوج طلبة العلم إلى التأسِّي بالشيخ في طلب العلم وبذل الوقت فيه، ثم التصدِّي لنشره، وتعليم الناس ما يهمُّهم ويقيم حياتهم، والصبر على ذلك، والأمَّة لا تزال بخيرٍ ما دام العلم مبسوطًا للجميع، والنبيُّ ﷺ يقول: الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالمًا ومتعلمًا ؛ رواه الترمذي وحسَّنه. وقد ضرَب الشيخ مثلاً رائعًا في كيفيَّة استغلال الوقت وتنظيمه ما بين حاجةِ النفس من الراحة والعبادة، وحاجة المجتمع وطلاب العلم وعامَّة الناس، والحاجة إلى التزوُّد من العلم والاطِّلاع في كتب العلماء ونشر العلم، وإنْ ضاق وقته وازدحمت المهام عليه ضحَّى براحته وصحَّته في سبيل نفع المسلمين، والشَّواهد على هذا كثيرةٌ من سيرته - رحمه الله تعالى. الثالثة: عُرِفَ الشيخ - رحمه الله - ببذْل جاهه في حاجات المسلمين في داخل البلاد وخارجها، وكم من المشاريع الإسلاميَّة والمساجد وصُروح العلم التي ساهم فيها برأيه وجاهِه لدى أرباب الأموال والمسؤولين! وفاة ابن بازار. وكان - رحمه الله - أبًا للمحتاجين والفقراء؛ يُواسيهم بماله قدر استطاعته، وربما استدان لإغاثة ملهوفٍ، فضلاً عن الشفاعة لدى المحسنين، ودلالتهم على ذوي الفقر والحاجة، وهذا يُذكِّرنا بالدور الذي يجبُ على ذوي الجاه والمكانة من بذل الخير ومدِّ يد الإحسان نحو عباد الله، والمساهمة في رفع الضرِّ والفاقة عن المعوزين.
الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي إنَّ الحمد لله... أمَّا بعدُ: فيا معشر المؤمنين، اتَّقوا الله حق تُقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون. عباد الله: إنَّ ترابُط أفرادِ المجتمع المسلم علامةُ خير ورشد؛ فالمسلم يفرح لفرح أخيه، ويسعدُ لسروره، ويتمنى الخير له، كما يُشاركه في حزنه إنْ ألَمَّتْ به مصيبة، أو حلَّت به نازلة، فالمسلمون كالجسَد الواحد، والجسد يتألَّمُ كله لألم أحد أعضائه فضلاً عن فقدانه: المسلمون كرجلٍ واحدٍ؛ إنِ اشتكى عينُه اشتكَى كلُّه، وإنِ اشتكَى رأسُه اشتكى كلُّه ؛ رواه مسلم.
عندما نتحدث عن وفاة فقيد الأمة سماحة الشيخ الوالد عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ يرحمه الله ـ ونصفها بأنها فجيعة كل الأمة، رئيسها ومرؤوسها، كبيرها وصغيرها.. فإننا لا نبالغ في ذلك، فمن خلال تغطيات (الرياض) لردود الأفعال حول هذه الخسارة الكبيرة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يتضح أن القاصي والداني رثوه ونعوه معددين مناقبه الكريمة وصفاته الجليلة. وبالأمس وردت إلينا رسالة من الطفل عمر عبدالعزيز الرشودي الطالب في الصف الخامس الابتدائي رثى فيها الفقيد فيما يلي نصها: "في هذه الأيام وقبل يومين فقدت الأمة الإسلامية عالمًا من أهم علماء الأمة الإسلامية، إنه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ـ رحمه الله. فإن حياته كانت قصة عظيمة للأطباء في مستشفياتهم، ولدى الضباط في جهاتهم الأمنية، ولدى المعلمين في مدارسهم.. تاريخ وفاة ابن باز - اكيو. وكان الشيخ لم يترك سائلًا بلا إجابة كاملة صحيحة على سؤاله. وإن سماحة الشيخ ـ رحمه الله ـ كان قمة في أدائه وإخلاصه للإسلام والمسلمين. نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ". عمر عبدالعزيز الرشودي كان هذا نص الرسالة التي خطها الطفل بأنامله حيث أبى إلا أن تكون له مشاركة في رثاء الشيخ الراحل ـ يرحمه الله ـ ولا نملك أمامها إلا أن نقف إعجابا بجرأة الطفل وحبه لشيخنا.