بعد أعوام طويلة من الامتناع عن زيارة مدائن صالح في السعودية بسبب فتاوى دينية تستند إلى آية قرآنية، دعا رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار سلطان بن سلمان لزيارة ذاك الموقع الأثري، حسب صحيفة الوطن السعودية. وتأتي تصريحات الأمير سلطان بعد تلقيه "رسالة جوال" من عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي، عبدالله بن منيع، الذي زار مدائن صالح والعُلا مع اللجنة الدائمة للإفتاء، لتحديد موقع مدائن صالح لتكون مصدر رزق للفقراء منهم، مبديا استعداده للذهاب إلى هناك. ويستند علماء الفتوى في السعودية على منع مدائن صالح بحديث شريف جاء فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام لما مر بالحجر (مدائن صالح) قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم فيصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي". وتقع مدائن صالح، أو "مدينة الحجر"، في محافظة العُـلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة، وكانت عاصمة مملكة لحيان في شمال الجزيرة العربية. وتعود هذه المدن إلى ما قبل عصر الإسلام، إلى عهد المملكة النبطية وتحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد مدينة البتراء في الأردن، عاصمة مدينة الأنباط و تفصلها عنها مسافة 500 كم.
هذا ما قاله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عن مدائن صالح، تلك المنطقة التي أهلكها الله تعالى بالصيحة.
مدائن صالح أو مدائن الحجر، هو مكان أثري قديم يقع بالتحديد في إقليم الحجاز، ضمن شبه الجزيرة العربية، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية تقع في الشمال الغربي، في محافظة الغلا التابعة للمدينة المنورة، يحتل مكانها موقعاً ممتازاً على الخط الواصل بين شبه الجزيرة العربية ببلاد الشام ومصر وبلاد الرافدين. كما أنها تستمد أهميتها قديماً من أهمية الطريق القديم للتجارة الذي كان يصل الشام يشبه الجزيرة العربية، واستمدت المنطقة اسمها من قوم النبي صالح الذين آمنوا بالله واستجابوا لدعوته، ليعودوا ويرتدوا عن دينه ويعقروا ناقة النبي فأهلكهم الله بصيحة واحدة، وذكرهم الله بقوله" فإما ثمود فأهلكوا بالطاغية". والاسم الثاني أي مدينة الحجر الذي يعود لاسم قوم ثمود في وادي القرى، بين تبوك والمدينة المنورة، حيث تم ذكر الحجر في القرآن الكريم، على أنها الموطن الذي يعود لقوم ثمود هم نفسهم قوم النبي صالح، قال الله تعالى" إنا أرسلنا عليهم صيحةً واحدةً فكانوا كهشيمٍ المحتضر" وقال تعالى" فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين. ". وحول حديث الرسول عن مدائن صالح وزيارتها يمكن القول أنها مهد رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقال عنها: "فعن عبد الله بن عمر، قال: لما نزل رسول الله على تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها ونصبوا القدور، فأمرهم الرسول فأهرقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن ينزلوا على القوم الذين عذبوا، وقال: إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم".
وفي رواية: فَاسْتَقَوْا مِن بئَارِهَا وَاعْتَجَنُوا بهِ". شرح ذلك الحديث أن أثناء سير الصحابة للذهاب إلى غزوة تبوك، قام الجنود والصحابة بسقي دوابهم من الماء المتواجد في آبار مدائن صالح وأيضًا عجنوا الخبز بذلك الماء. عندما شاهدهم النبي أمرهم بألا يشربوا أو يعجنوا أو يحتفظوا بهذا الماء، وأن يرمونه بعيدًا خوفًا من أن يصيبهم أذى في أجسامهم، أو يقسو قلبهم مثل قوم النبي صالح الذي عذبهم الله. ما جاء في القرآن الكريم لمدائن الصالح أصبح للسعوديين تشاؤم كبير من تلك البقعة في المدينة المقدسة، فإن ما فعله قوم ثمود من عصيان يجعلنا نذكر الله ونتدبر الآيات الكريمة في القرآن، ولهذا جاءت آية: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) [سورة الحجر]. اقرأ أيضًا: قبر الرسول في المدينة المنورة إهلاك الله لقوم ثمود يؤكد لنا حديث الرسول عن مدائن صالح أنهم نالوا عذاب شديد لما فعلوه، حيث كان قوم ثمود معروفين بالقوة والبأس التي تجعلهم ينحتون الجبال ويقطعون الصخور لتكون منزل لهم، وعندما أرسل الله لهم النبي صالح ومعه ناقة لتكون معجزة لهم.
عن أبي بن كعب: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ بالحجَرِ مِن وادي ثمودَ فقال: أسرِعوا السيرَ ، ولا تنزِلوا بهذه القريةِ المُهلَكِ أهلُها. عن جابر بن عبد الله: لمَّا جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحِجْرَ قال: ( لا تسأَلوا نَبيَّكم الآياتِ، هؤلاءِ قومُ صالحٍ سأَلوا نَبيَّهم آيةً فكانتِ النَّاقةُ ترِدُ عليهم مِن هذا الفَجِّ وتصدُرُ مِن هذا الفَجِّ فيشرَبونَ مِن لبنِها يومَ وُرودِها مِثْلَ ما غبَّهم مِن مائِهم فعقَروها فوُعِدوا ثلاثةَ أيَّامٍ وكان وعدُ اللهِ غيرَ مَكذوبٍ فأخَذَتْهم الصَّيحةُ فلم يَبْقَ تحتَ أديمِ السَّماءِ رجُلٌ إلَّا أهلَكَتْ إلَّا رجُلٌ في الحَرَمِ منَعه الحَرَمُ مِن عذابِ اللهِ) قالوا: يا رسولَ اللهِ مَن هو ؟ قال ( أبو رِغالٍ أبو ثَقيفٍ فلما خَرَجَ مِن الحَرَمِ أصابَه ما أصابَ قومَه). عن عبد الله بن عمر: بعْتُ مِن أمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ مَالًا بالوَادِي بمَالٍ له بخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ علَى عَقِبِي حتَّى خَرَجْتُ مِن بَيْتِهِ خَشْيَةَ أنْ يُرَادَّنِي البَيْعَ وكَانَتِ السُّنَّةُ أنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بالخِيَارِ حتَّى يَتَفَرَّقَا قالَ عبدُ اللَّهِ: فَلَمَّا وجَبَ بَيْعِي وبَيْعُهُ، رَأَيْتُ أنِّي قدْ غَبَنْتُهُ، بأَنِّي سُقْتُهُ إلى أرْضِ ثَمُودَ بثَلَاثِ لَيَالٍ، وسَاقَنِي إلى المَدِينَةِ بثَلَاثِ لَيَالٍ.