وهناك معنى آخر في العلو: هو علو القهر والجبر: أنه لا يدنو منه الخلق إلا بأمره، ولا يشفعون أو يتكلمون إلا من بعد إذنه، فلن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه، بمعنى لا تتصور أنك حين تطيع، أنه صار لك منزلة عنده سبحانه وتعالى، وسبق في اسم الله العزيز، أنه ليس أحد عزيز عند الله عز وجل، لا تحسب أنك عملت قليلًا، فالنبي في أول الخطاب الدعوي أمره ربه فقال: { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6]، يعني حتى لو عملت وأديت لا تمنن ولا تستكثر هذا العمل، واعلم أن معاصيك هذه لا تضره شيئًا، وإنما تضرك أنت فقط. الدرس الثاني: أنه سبحانه وتعالى جبر خلقه على ما أراد أن يكونوا عليه من خلق. فهو سبحانه لا يمتنع عليه شيء: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82]، وقلنا أن هذه هي الإرادة الكونية، والخطأ دائمًا يكون في الانشغال بهذه الإرادة عن الإرادة الدينية، كما حدث مع المتكلمة الذين شغلوا أنفسهم بذات الله وأفعاله وإرادته وقضاءه على عباده، وأوقعوه موقع النقد والتحليل وأدخلوا فيه العقول القاصرة فانشغلوا عما تعبدهم الله به.
اسم الله الجـبـار الجبار لغةً: هو العظيم، القوي، الطويل، ذي الطول سبحانه وتعالى، قال الله تعالى {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة/22] أراد بذلك أنهم أصحاب قوة وعظمة وطول. معنى اسم الله الجبار – زيادة. ويستخدم لفظ الجبروت بمعنى الكبرياء ومنه قول الله تعالى {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم/32] ، أي: لم يجعلني متكبرًا على عبادة الله سبحانه وتعالى. ورود الاسم في القرآن ورد هذا الاسم في القرآن مرة واحدة في قول الله تعالى في سورة الحشر { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر/23] معناه في حق الله تعالى: يقول الإمام الطبري رحمه الله: "الجبار يعني المصلح أمور خلقه، المُصَرِّفهم فيما فيه صلاحهم" وفيها معنى القهر فهو سبحانه وتعالى له الكبرياء وهو القاهر فوق عباده. يقول الخطابي: "الجبار هو الذي جبر الخلق على ما أراد من أمره ونهيه، ويقال هو الذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم أسباب المعاش والرزق" الوقوف على معاني اسم الله الجبار أولاً: الجبار بمعنى العالي على خلقه من قولهم تجبر النبات إذا علا.
أما المعنى الثالث والأخير فيعني جبر العلو لأن الله عز وجل عظمته تعلو عن أي عظمة في الدنيا وهو عالي على خلقه ويسمعهم وقريباً منهم حيث يشعر بهم ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم وتصرفاتهم بالإضافة إلى علمه بما في نفوسهم وتفكيرهم. اسم الله الجـبـار - الكلم الطيب. والدليل على صحة هذا المعنى قول العرب بأن النخلة جبارة أي لأنها عالية ومرتفعة، فإن الله يعلو خلقه ويعلو عن كل شئ ويمتلك إرادة تعلو عن كل الإرادات، ويجب الرضاء بقضائه وحكمته وهذا لكونه عظيم وجليل وعزيز. كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ركوعه "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة" وقد جمع ابن التيم المعاني التي يحملها اسم الجبار كالتالي" وكذلك الجبار من أوصافه والحبر في اوصافه قسمان جبر الضعيف فكل قلب غدا ذا كسرة فالقلب منه دان والثاني جبر القهر بالعز الذي لا ينبغي لسواه من إنسان وله مسمى ثالث وهو العلو فليي يدنو منن من إنسان من قولهم جبارة النخلة عليا التي فاتت لكل بنان. وهذا يعتبر اختصاراً للثلاث معاني التي تحملها كلمة الجبار. كما يمكن التعرف على المزيد من التفاصيل عبر: كيفية استخدام اسماء الله الحسنى من السنة النبوية هل يجوز لأحد البشر أن يوصف بأنه جبار صفة الجبار بالألف واللام تشير إلى الله سبحانه وتعالى لأن كلمة جبار فقط بدون ألف ولام تعني القهر والطغيان وهتا تشير كصفة للأفراد وبالتالي فتعد صفة قبيحة وذميمة والدليل على ذلك الآيات القرآنية كالتالي: " وعصوا رسله واتبتوا أمر كل جبار عنيد" صدق الله العظيم بالأضافة إلى قول الله تعالى " استفتحوا وخاب كل جبار عنيد".
قال ابن القيم رحمه الله في النونية: وكَذَلِكَ الجَبَّارُ مِنْ أَوْصَافِهِ وَالجَبْرُ فِي أَوْصَافِهِ قِسْمَانِ جَبْرُ الضَّعِيفِ وَكُلِّ قَلبٍ قَدْ غَدَا ذَا كَسْرَةٍ فَالجَبرُ مِنهُ دَانِ وَالثَّانِي جَبْرُ القَهْرِ بِالعِز الذِي لَا يَنبَغِي لِسِوَاهُ مِنْ إِنسَانِ وَلَهُ مُسمًّى ثَالِثٌ وَهُوَ العُلُوُّ فَلَيسَ يَدنُوُ مِنْهُ مِنْ إِنسَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ جَبَّارَةٌ لِلنَّخْلَةِ العُلْيَا الَّتِي فاتَتْ لِكُلِّ بَنَانِ فيكون معنى الجبار على وجوه: 1- الجبار هو المصلح للأمور من جبر الكسر إذا أصلحه وجبر الفقير إذا أغناه. 2- الجبار بمعنى: القهار الذي يجبر الخلق على ما يريد، ويحملهم على ما أراد من أمور تقتضيها الحكمة الإلهية، فقد أجبر الخلق على أشياء لا انفكاك لهم منها حسبما تقتضيه حكمته، كإكراههم على الموت والبعث والنشور، وتسخير كل منهم لصناعة يتعاطاها. والناس في ذلك بين راض بصنعته لا يريد عنها حولًا، وكاره لها يكابدها مع كراهيته لها كأنه لا يجد عنها بديلًا، قال تعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الزخرف: 32]، وهو سبحانه لا يقهر إلا على ما تقتضي الحكمة.