لم يكن الوجود العثماني في المنطقة العربية، فتحًا إسلاميًا، وإنما هو احتلال "قبيح الوجه"، سيطر على خيرات المنطقة، واستعبد الناس، وارتكب جرائم ومجازر كثيرة، وتآمر على دول المنطقة، بغية تحقيق مكاسب وأطماع شخصية، انتهت بإطاحة الشعوب العربية، بالعثمانيين من على سدة الحكم، والتخلص منهم إلى الأبد. ويتناقض هذا المشهد، مع ما يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الترويج له في العالم، بأن وجود أجداده العثمانيين في المنطقة العربية، هو فتح إسلامي عظيم، ارتقى بالأمة العربية، وعزز مكانتها بين الأمم. وتشهد صفحات التاريخ الحديث، على جرائم العثمانيين في الدول العربية قاطبة، وبخاصة في الجزيرة العربية، وبلاد الشام، ومصر، فضلاً عن استعلاء الأتراك على كل ما هو عربي واحتقاره، والنظر إلى أنفسهم على أنهم أسياد المنطقة، وكانوا يشددون على أن وظيفة العرب، القيام بخدمتهم على مدار الساعة، وهو الأمر الذي لم تتحمله الشعوب العربية، فقررت القيام بثورات متعددة، شملت جميع أرجاء الوطن العربي، للتعبير عن رفض الوجود العثماني في دول المنطقة، إلى أن حقق العرب مبتغاهم في ثورة ضخمة، حملت شعار "الثورة العربية الكبرى"، تخلصوا خلالها من العثمانيين، ووضعوا حدًا لتصرفاتهم واستعلائهم وجرائمهم.
طرابلس – ليبيا – 06-01-2020 من أكبر مشكلات العرب مع التاريخ العثماني أن كثيراً منهم تعامل معه بعاطفته، بعيداً عن الموضوعية العلمية، وراحوا يتهمون كل من يطمح لكشف حقيقة العثمانيين بالتأثر بالنظرة الأوروبية. ويحاول البعض الخروج من ساحة التاريخ إلى ساحات الدين والسياسة لتبرير الإحتلال التركي. بداية النهاية للحكم العربي، ومنه توقفت الحضارة العربية وتأخرت، مقارنة بالتطور العالمي. ضاقت على العثمانيين التوسعات في أوروبا، وانهزموا أمام النمسا وروسيا، فاتجهوا مطلع القرن السادس عشر إلى بلاد العرب التي ظلت تحت سيطرتهم أربعة قرون. العثمانيون جاءوا إلى الوطن العربي محاولين تدجين الجنس العربي وإرهابه، وجعله تابعاً.. فبماذا يبشر أردوغان ليبيا والعرب من خلال تجريد حملته العسكرية على ليبيا؟ سؤال ستجيب عنه الأيام والشهور القادمة، لكن حسبنا أن نخصص هذه المساحة للتاريخ كي يروي صفحات موثقة من الإحتلال العثماني للوطن العربي طيلة أربعة قرون من الزمن. كتاب "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لمحمد بن إياس (المتوفى سنة 929هـ-1523م) الذي عاصر أحداث دخول سليم الأول إلى مصر، أعطى الصورة الحقيقية لهذا السلطان وذكر كمية المآسي التي مر بها المصريون في أثناء دخوله مصر، من قتلِ الشيوخ والأطفال، وسبي النساء، واسترقاق المسلمين منهم قبل غيرهم، ومجاهرة الجنود العثمانيين بشرب الخمر في نهار رمضان، وارتكاب الجرائم العظيمة، ناهيك عن أنه سعى إلى تدمير البنية الإقتصادية المصرية، حين اقتاد أصحاب الصناعات والحرفيين إلى إسطنبول.
وحسب نص الترجمة المنشور في موقع وكيبيديا "في أوائل عام ١٣٣٤هـ طلب فخري باشا محافظ المدينة المنورة من الشيخ عبد القادر البري (والد الشيخ إبراهيم) أن يغادر المدينة هو وأسرته المكونة من ابنيه الشيخ إبراهيم وزوجته وأبنائه وأحفاده والشيخ عبد العزيز البري الذي لم يكن تزوج بعد. وكانت الرحلة شديدة الوطء عليهم، ولا يعرفون نهايتها ولا يأمنون غايتها، فثارت الحرب العالمية الأولى التي هزت المدينة المنورة هزا ومزقت شمل أهلها. وكان إبعاد آل الشيخ عبد القادر البري إلى سوريا ومنها إلى الأناضول بتركيا حيث استقر قرارهم في بلدة اسمها الوشاق تابعة لولاية ازمير وعاشت ما يقارب عامين على ما كانت الدولة تصرفه لهم من أرزاق ومرتبات ضئيلة لا تكاد تقوم بالضروري من مطالب الحياة. ولولا ما كان مدخرا لدى الشيخ عبد القادر وابنه الشيخ إبراهيم لما استطاعت الأسرة أن تجد مطالبها الضرورية، وفي شعبان ١٣٣٦هـ الموافق ١٩١٨م سمحت الحكومة التركية لهؤلاء المبعدين بالعودة إلى سوريا بعدما تيقنوا أن الحرب في غير صالحهم، فرحلت أسرة الشيخ البري إلى قونية، وبعد قضاء شهر رمضان عادوا بالقطار إلى أضنة، ثم إلى حلب فدمشق. واستقر قرارهم في دمشق إلى أن عاد أهل المدينة إلى بلدتهم في عام ١٣٣8هـ ١٩١٩م" ( انتهى النص).