وقال ابن عباس ( وما استكانوا) تخشعوا. وقال السدي وابن زيد: وما ذلوا لعدوهم. وقال محمد بن إسحاق ، وقتادة والسدي: أي ما أصابهم ذلك حين قتل نبيهم. ( والله يحب الصابرين)
وفي أوقات الفتن -كما ذكرنا في بعض المناسبات- يتراجع الكثيرون، ويبدلون، ويتحولون، ويتغيرون، ولذلك نجد في عبارات بعض المؤرخين حينما تحصل أحداث عِظام يقولون: "وظهر قرن النفاق" بمعنى أنه يبدأ التلون والتحول وبيع المبادئ، وهذه من صفة المنافقين، وهذا التلون -أيها الأحبة-! من صفات المنافقين. والله -تبارك وتعالى- قال في سورة الأحزاب عن المنافقين وَلَوْ دُخِلَتْ ، يعني: المدينة، عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا من نواحيها، ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيرًا [الأحزاب:14]، يعني: هم على أتم الاستعداد أن يبذلوا دينهم؛ ليكونوا مع من غلب على أي دين، وأي حال كان، فهم ليسوا بأصحاب ثبات، ولا بأصحاب مبدأ يثبتون عليه. كذلك يؤخذ من هذه الآية في الثناء على هؤلاء في هذا السياق، أعني الربيين قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ سواء كان ذلك لمقتل نبيهم، أو لما وقع فيهم من القتل والجراح أو الهزيمة، فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أن هؤلاء كانوا على حال من الاستقامة، والإخلاص لله -تبارك وتعالى- في أعمالهم وجهادهم ومزاولاتهم؛ لأن الله قال: فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ.