القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) ﴾ قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك، يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك، ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك.
وكان العقل يقول: كان يجب على الناس لو أنها تُقدِّر التقدير السليم؛ أن تدفع أجراً للرسول الذي يُفسِّر لهم أحوال الكون، ويُطمئنهم على مصيرهم بعد الموت، ويشرح لهم منهج الحق، ويكون لهم أُسْوة حسنة. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة يوسف - الآية 103. ونحن نجد في عالمنا المعاصر أن الأسرة تدفع الكثير للمدرس الخصوصي الذي يُلقِّن الابن مبادئ القراءة والكتابة، فما بالنا بمَنْ يضيء البصر والبصيرة بالهداية؟ ومقتضى الأمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقدم نفعاً أبدياً لمن يتبعه، لكنه لم يطلب أجراً. ويقول الحق سبحانه: { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ... }
(يا أسفا): منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا، والجارّ متعلق بحال من (أسفا)، وجملة (وابيضَّتْ) معطوفة على جملة (قال)، وجملة (فهو كظيم) معطوفة على جملة (ابيضَّتْ).. إعراب الآية رقم (85): {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}. جملة (تذكر) خبر (فتئ) الناقصة، وجملة (تفتأ) جواب القسم، ولم يقترن بنون التوكيد؛ لأنه مَنْفِي بحرف مُقَدَّر.. إعراب الآية رقم (86): {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}. (إنما): كافَّة ومَكْفُوفة، وجملة (وأعلم) معطوفة على جملة (أشكو).. إعراب الآية رقم (87): {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}. (يا بني): منادى مضاف منصوب بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والياء الثانية مضاف إليه. خطبة عن قوله تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. وجملة (إنه لا ييئس) مستأنفة، والهاء ضمير الشأن اسم (إن)، وقوله (القوم الكافرون): فاعل مؤخر ونعته.. إعراب الآية رقم (88): {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}.
الجارّ (عليكم) و(اليوم) متعلقان بخبر (لا) وتقديره كائن، وجملة (يغفر الله) مستأنفة، وجملة (وهو أرحم الراحمين) معطوفة على جملة (يغفر).. إعراب الآية رقم (93): {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ}. (يأتِ): مضارع مجزوم؛ لأنه واقع في جواب شرط مُقَدَّر، و(بصيرا) حال من الضمير المستتر في (يأت)، وقوله (أجمعين): توكيد مجرور.. إعراب الآية رقم (94): {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ}. قوله (لولا أن تفنِّدون): (لولا) حرف امتناع لوجود، (أَنْ) ناصبة وفعل مضارع منصوب، وعلامة نصبه حذف النون، والنون للوقاية، والياء المقدرة مفعول به، والمصدر المُؤَوَّل مبتدأ، وخبره محذوف تقديره موجود، والجملة مستأنفة، وجواب الشرط محذوف، دلَّ عليه ما قبله، وجملة (تفندون) صلة الموصول الحرفي.. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ٢٧٥. إعراب الآية رقم (95): {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ}. جملة (إنك لفي ضلالك) جواب القسم، واللام المُزَحْلَقة.. إعراب الآية رقم (96): {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}.
وإذا كانت هذه الأكثرية تبني معارفها الدنيوية على اليقين، إلا أنها في شأن الغيب والآخرة تخبط خبط عشواء، وتلتمس الهدى في الظنون: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إلَّا ظَنًّا إنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْـحَقِّ شَيْئًا إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [يونس: 36]. وبالرغم من أن رسالات الأنبياء - جميعاً - تتوافق مع مقررات الفطرة وبدهيات العقول، إلا أن البشرية غالباً ما واجهت الرسل بالتكذيب: اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [الأعراف: ٣]، وأنكرت الحقيقة الكبرى:... أَإلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [النمل: 62]؛ وذلك رغم ما أقيم عليهم من البراهين: وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إلَّا كُفُورًا [الفرقان: 50]. لذلك؛ يسلي القرآن على خاطر الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا التقرير: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: ٤٤]، وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
ا لخطبة الأولى ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.