قال أبوسعيد: فما زال بنا البلاء حتى قصرنا، وإنا لنبلغ في السر. اهــ. كما صحح الحديث في السلسلة الصحيحة تحت رقم 929 بلفظ: إن الله يسأل العبد يوم القيامة حتى ليقول: فما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقن الله عبدا حجته قال: أي رب! وثقت بك، وفرقت من الناس. حديث النهي عن المنكر حديث. اهــ. ولو صح الحديث باللفظ الذي ذكرته، فقد قال ابن رجب عنه، وعن اللفظ الصحيح: فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مَحْمُولَانِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ لَهُ مِنَ الْإِنْكَارِ مُجَرَّدَ الْهَيْبَةِ، دُونَ الْخَوْفِ الْمُسْقِطِ لِلْإِنْكَارِ. اهــ. وعلى كل حال؛ فالأصل في النهي عن المنكر أنه من فروض الكفايات، ويتعين على من لم يقم بهذا الفرض غيره، كما أن المنكر الذي ينكر هو المنكر الظاهر، لا الخفي الذي لا يرى ولا يسمع. وقد بينا هذا في فتاوى سابقة كالفتوى: 404242 ، والفتوى: 124424. فإذا رأيت منكرا ظاهرا في مكان عملك؛ كتبرج موظفة، أو سماع موسيقى، وعلمت أنه لا يقوم بإنكاره غيرك في مكان عملك، ولم تخف ضررا؛ فاجتهد في الإنكار، والنصح برفق وحكمة. والله أعلم.
لكن مسألة الإسرار أو الجهر ترجع ـ في الحقيقة ـ إلى فقه المصلحة المرجوة من كل منهما ، فإن غلب على الظن أن الفاعل ينتفع بالإسرار ، ويعاند بالعلانية ، وجب الإسرار له ، والتلطف في أمره ، ثم كل حال هنا بحسبها ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا. وفي الختام نذكرك أيها الأخ الحبيب بثواب الله تعالى لمن تصدى لدعوة الناس إلى الخير وتذكيرهم به. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله و ملائكته و أهل السموات و الأرضين حتى النملة في جحرها و حتى الحوت ليصلون - أي يدعون بالخير- على معلم الناس الخير) رواه الترمذي (2609) وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (1838) وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - ويكي شيعة. والله أعلم.
والنبي معصوم وإنما قصد تعليم الأمة أو إظهار العبودية. · عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "ليأتينَّ على النَّاس زمانٌ لا ينجو منه أحدٌ، إلاَّ الذي يَدعو كدعاء الغَرق".
وقال في المعجم الوسيط: العرف المعروف وهو خلاف النكر وما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم. نكر فلان نكرا ونُكرا ونكاره، فطن وجاد رأيه،،، والشيء جهله، وفي التنزيل العزيز: فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ [ هود:70]، ونكر الأمر نكاره صعب واشتد وصار منكرا، وأنكر الشيء جهله، وفي التنزيل العزيز: وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [ يوسف:58]، وحقه جحده، وفي التنزيل العزيز: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا [النحل:83] (1) المعروف في الشرع: كل ما يعرفه الشرع ويأمر به ويمدحه ويثني على أهله، ويدخل في ذلك جميع الطاعات، وفي مقدمتها توحيد الله عز وجل والإيمان به. المنكر في الشرع: كل ما ينكره الشرع وينهي عنه ويذمه ويذم أهله، ويدخل في ذلك جميع المعاصي والبدع، وفي مقدمتها الشرك بالله عز وجل وإنكار وحدانيته أو ربوبيته أو أسمائه أو صفاته. وعبارات المفسرين في تفسير المعروف والمنكر، لا تتجاوز ذلك. ما هو المعروف وما هو المنكر؟ – مفهوم. فقيل: المعروف: كل قول حسن وفعل جميل وخلق كامل للقريب والبعيد. وقيل: المعروف: الخير كله، والمنكر جميع الشر. وقيل: المعروف: ما عرف حسنه شرعا وعقلا، والمنكر: ما عرف قبحه شرعا وعقلا.
وأشار الدكتور الخشت، إلى أن المسلمين لا يستطيعون التقدم إلا إذا استطاعوا جعل القرآن وحيًا يسير على الأرض انطلاقا من المفاهيم العقلانية المنضبطة وليس تكفير البشر وصراعات الأديان والمذاهب والفرق، وأن الله هو رب البشر جميعا سواء مسلمين أو مسيحين أو بوذيين أو غيرهم وأن خطابه تعالى موجه للناس جميعا، مشيرًا إلى أن الحضارة مثل الكائن الحي يولد وينمو ويشيخ ثم يموت كما قال اشبنجلر الفيلسوف الألماني ، وبالتالي لابد من أخذ السبق والعمل على استعادة الحضارة مرة أخرى واستئناف الدورة الحضارية مرة أخرى التي تشترط العلم. وخلال محاضرته، وجه الدكتور أسامة الأزهري، الشكر للدكتور محمد الخشت على الدعوة الكريمة وعلى الموضوع شديد الأهمية لعنوان الندوة (القرآن المجيد من التنزيل إلى الحضارة)، مؤكدًا أن الدكتور محمد عثمان الخشت فيلسوف ومفكر ورمز وطني كبير من رموز الوطن. وأكد الدكتور أسامة الأزهري، أنه لا وجود لعلم ولا حضارة ولا وطنية ولا دين إلا إذا اتسعت الصدور والعقول للحوار والاختلاف والاتفاق والفكر والحجج، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم من قيمه الصانعة للحضارة أنه يدعو لتعظيم الحجج والأدلة والبراهين وصناعة العلوم المنطقية المعيارية بشرط أن تتسع الصدور لأنه إذا ضاقت الصدور بالخلاف العلمي فهذا موت للحضارة.
كتب ذات صلة بالموضوع معلومات الموضوع
ليس الكتاب موسوعة معارف، بل تطواف عليها، وإن لم يقصد ذلك، لكنه تطواف يدل على المكانة العلمية لصاحبه، ووفرة اطلاعه على علوم الشرق والغرب قديما وحديثا، كما يدل على متابعة صاحبه القوية المتصلة الحثيثة لكل قضايا العالم، وخاصة قضايا العالم الإسلامي، وبالأخص قضية فلسطين، فقد ذكر من التفاصيل ما لا يعلمه أهلها.
وخلال محاضرته، قال الدكتور الخشت، إن القرآن يمثل نقطة التحول الحضاري الذي حدثت من عصر الجاهلية إلى عصر المدنية والتمدن والحضارة، وان الحضارة الإسلامية استطاعت أن تحدث تحولًا جذريًا وحضاريًا، مشيرًا إلى أن القرآن يمثل وحيًا كريمًا في كتاب مبين، وأن الإنسان هو الذي يحول هذا الوحي إلى واقع وتطبيق، وأن طريقة تفاعله مع القرآن والواقع هو الذي ينتج الحضارة. وأشار الدكتور الخشت، إلى أن بداية التدوين والكتابة هي لحظة بداية الحضارة، مؤكدًا أن العلوم لا تبدأ إلا من خلال التدوين، لافتًا إلى أن الجسر الذي يجب إقامته هو الإنسان ودعمه بالعديد من الجوانب التي تتمثل في العلوم والفنون وتحقيق العدالة وعمران الأرض، مؤكدا ضرورة صنع حضارة جديدة تستلهم لا تقلد. وأكد رئيس جامعة القاهرة، أن الإنسان عندما أحسن التعامل مع القرآن ومع الواقع استطاع أن يكون صانعا للحضارة، مشددًا على أن الإنسان هو الجسر والارتكاز الذي بين القرآن وبين الواقع، وأننا بحاجة إلى إعادة بناء جسر جديد بين القرآن من ناحية و الواقع من ناحية أخرى من خلال إعادة بناء الإنسان وتطوير العقل الإنساني وتغيير طرق التفكير حتى نقيم هذا الجسر وننتقل من التنزيل إلى الحضارة.
عندما صدر الكتاب في ما يقرب من ثلاثة آلاف وستين صفحة، فهم من هذا الكم والعدد الكبير أن الشيخ قضى ليال في تسطير هذا المؤلف، ويفهم منه أيضا أن غرض الكاتب بهذا العدد هو محاولة إعادة تجميع كل الأفكار التي أنتجتها الحركة الإسلامية الصحوية منذ بدايتها إلى اليوم؛ حيث يظهر لقارئ الكتاب أن ما يقوله الحوالي ولو من غير مصدر ولا مرجع؛ هو كتابات خالصة وأفكار متناثرة غالبها متجاوز اليوم ومسطور في تأليفات منظري الحركة الإسلامية الصحوية. فالكتاب هو تجميع من الكاتب في محاولة لخلق ميثاق جديد تجتمع عليه الحركة الإسلامية الصحوية جمعا بين السلفية والصحوة وليس جمعا بين الصحوة والأشعرية التي ميزت كتابات سيد قطب والحركة الإسلامية. في مقدمة الكتاب حاول الشيخ فتح باب النقد على مصراعيه، وهو ما يعطي للقارئ انطباعا أوليا أننا أمام نظر جديد وخطاب جديد فارق في تأليفات الشيخ الحوالي وخاصة في نزعتها القطبية، لكن ما هي إلا الصفحة والصفحتان والثلاث حتى ينكشف التطبع ويعود الشيخ إلى طبعه وفاء للمدرسة السلفية والقطبية في النظر للمجتمعات الإسلامية والمخالفين، فالغرب منذ البداية هو الغرب المتفوق الذي بنى أمجاده على الحضارة الإسلامية والذي يشحذ كل سيوفه ويستجمع كل قواه على تشتيت بلاد المسلمين.
صدر للداعية السعودي سفر الحوالي كتابا موسوما بـ "المسلمون والحضارة الغربية". وقد أثار هذا المؤلف ضجة كبيرة وسط المهتمين بالشأن السياسي والدعوي. كتاب المسلمون والحضارة العربية المتحدة. فمؤلف الكتاب لا يفكر فقط ويكتب انطلاقا من مجاله الدعوي؛ ولكن المؤلف هو واحد من رموز الصحوة الإسلامية ومعارض شرس لطريقة تسيير الحكم في المملكة السعودية والوهابية؛ فالشيخ لم تسؤ علاقته بالنظام اليوم فقط، ولكنها قديمة يوم ذاق مرارة السجن في بداية تسعينيات القرن الماضي رفقة صديقه سلمان العودة؛ في محاولة متقدمة لتدجين الفكر السلفي وتخليصه من كل نزعاته الجهادية والصحوية والانزياح به نحو تقديس الحاكم. ومعلوم أن الشيخ سفر الحوالي هو فقط واحد من الذين نظروا وآمنوا بالجمع بين تنظيرات السيد قطب الصحوية ومقولات المذهب الوهابي، والذي أعطانا في ما سمي بعد بالفكر السلفي الجهادي الذي يجعل من توحيد الحاكمية فرعا ثالثا من فروع التوحيد عند الوهابية؛ والذي بسببه ساءت علاقة الحوالي بالشيخ ابن عثيمين الذي صنفه من الخوارج وجعل زيادته في توحيد الحاكمية بدعة لا أصل لها. فالشيخ الحوالي هو قطبي حتى النخاع، بل إنه واحد من الذين حافظوا على قطبيتهم وفاء لها؛ فهو من جهة الأسلوب والطرح قطبي تشتبه عباراته بعبارات السيد قطب؛ وهو أيضا قطب الشواهد والإجازات حيث استكمل شواهده الجامعية تحت إشراف عراب وشارح فكر السيد قطب أخيه محمد قطب.