رؤية الرسول في المنام دون رؤية وجهه | لاغالب الا الله

آية عظيمة ينبغي على المؤمن أن يستحضرها في أوقاته كلها، وشؤونه كافة، وخاصة إبان نزول الشدائد العظام، ووقوع المصائب الكبار، وهي قوله تعالى: { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف:21)، إنها آية مفتاحية تفيد أن مرجع الأمور إلى الله تعالى، ومبدأها من الله سبحانه. جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن كيد إخوة يوسف عليه السلام له، فأبطل سبحانه كيدهم، وأرادوا شيئاً، وأراد الله شيئاً آخر، { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} (الأنفال:30). والذي ينبغي تقريره بداية، أن الضمير (الهاء) في قوله سبحانه: { أمره} يحتمل أن يعود إلى الله -وهو الأرجح- ويحتمل أن يعود إلى يوسف عليه السلام-والسياق يؤيده-، والمراد على كلا الاحتمالين تقريرُ حقيقة كونية، مفادها: أن الأمر كله لله، كما قال سبحانه: { بل لله الأمر جميعا} (الرعد:31)، وقال سبحانه: { إن الأمر كله لله} (آل عمران:154)، فهو سبحانه صاحب الأمر والنهي، { وإليه يرجع الأمر كله} (هود:123)، لا رادَّ لمراده في أرضه وسمائه، ولا دافع لقضائه في ليله ونهاره. ثم نقول: إن يوسف عليه السلام أراد له إخوته أمراً، وأراد الله له أمراً، ولما كان الله غالباً على أمره، فقد نفذ أمره سبحانه، أما إخوة يوسف فلا يملكون من الأمر شيئاً، فأفلت من أيديهم، وخرج على ما أرادوا؛ إذ إن { أمر الله} (النحل:1) هو ما قدره سبحانه وأراده، فمن سعى إلى عمل يخالف ما أراده الله، فحاله كحال المنازِع شخصاً في حق يملكه، فيغالبه ذلك الشخص، ويمنعه من تحقيق مراده، وكذلك حال من يريد أن يمنع حصول مراد الله تعالى، فهو مغلوب لا محالة، ولا يكون إلا ما أراده الله تعالى.

[1] سقوط إشبيلية وغرناطة بقيت غرناطة بعد سقوط البرتغال أحدى الدول التي تشغل منطقة الاندلس اليوم ، بقيت غرناطة على إسلامها ما يقارب من مائتان وخمسين عام كاملة ، تتساقط من حولها الإمارات ، و تضيع من أمام أعين أهلها الأراضي وتبق. هي صامدة عصية على الخضوع والإذلال، و قد عاش الأمير أبو عبد الله محمد الصغير الملقب بالأحمر وهو بعمر خمسة سنوات أحداث ، دامية في قصر والده ، وشاهد الصراعات والمؤامرات ، والمكائد تحاك ، وشاهد مذابح للمخالفين ، فكان ما شاهده من مؤامرات عامل قوي في تأثيره ، على عدم اللجوء إلى وحدة الصف ولم الشمل الإسلامي ، وقد استطاع أن يخلص لنفسه حكم غرناطة من بين أيدي المتنازعين ، ولكنه رغم ذلك يعتبر الأمير أبو عبد الله محمد في وجهة النظر التاريخية ، أنه هو أحد أسباب سقوط الأندلس وبالأخص غرناطة التي كان أمير لها.

Sat, 24 Aug 2024 18:57:01 +0000
ضمائر المفعول به