اللهم أدخلنا في واسع رحمتك وعفوك وسترك وكرمك يا أرحم الراحمين. أقول ما تسمعون.. الخطبة الثانية الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى. عباد الله: باب الله مفتوح ليس عليه حاجب، والاتصال به مباشر، وكرمُه واسع، ورحماته منتشرة، فما عذرنا وما حجتنا؟! إن الشقي من لم تسعه هذه الرحمات وهذه الهبات... الشقي من ضيَّع وفرط وتمادى وسها عن الله حتى أدركه الشقاء والعذاب والهوان. سَعة رحمة الله يعتبرها المؤمن فُرَصًا للإقبال على الله، والتعرض لرحماته وهباته بالأعمال الصالحة، وفعل الخير والتوبة وترك المعاصي. أما أهل الغفلة، فيعصون الله ويتفلتون على شرعه، ويأتون بالصغيرة والكبيرة، ويقولون: الله غفور رحيم. ليس هذا المقصود من سَعة رحمة الله، كيف نبارز الله بالمعصية ولا نخاف ولا نخشى؟ إن رحمات الله وعفوه وسعة مغفرته تُستجلَب بطاعته واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132]. سعة رحمة الله تُستجلب بالصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: أيها المذنب المُقصِّر، وكُلُّنا ذاك الرجل، سأهمس في أُذُنيك: هل عَلِمتَ سِعَةَ رحمةِ الله تعالى؟ قال الله تعالى - إخباراً عن حملة العرش، ومَنْ حولهم، أنهم يقولون: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ﴾ [غافر: 7]، وقال سبحانه: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]. فرحمةُ الله تعالى وسِعَتْ وشَمِلت كلَّ شيءٍ في العالَمِ العُلويِّ والسُّفلي، البَرَّ والفاجر، المُسلِمَ والكافر، فما من أحد إلاَّ وهو يتقلَّب في رحمة الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار. ولكنْ للمؤمنين الرحمةُ الخاصةُ بهم، والتي يَسعَدون بها في الدَّارين؛ ولذلك قال سبحانه – في تمام الآية السابقة: ﴿ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ فالكافر لا رحمةَ له في الآخرة. فيا أيها العبدُ التائب.. أبشر بالرحمة الواسعة التي وسِعَت كلَّ شيءٍ.. لقد فتح الرحيمُ - تبارك وتعالى - أبوابَ رحمته للتائبين - نسأل الله تعالى أن نكون منهم - فقال الرحيمُ جل وعلا: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
وقال أعلمُ الخَلْقِ بالله -صلى الله عليه وسلم-: " لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ " (رواه مسلم). والأنبياء -عليهم السلام- لهم أوفر النصيب من رحمة الله؛ لأنَّ الله -سبحانه- سمَّى وحْيَه الذي أنزله إليهم بالرحمة؛ كما في قوله تعالى مُخْبِراً عن نوح -عليه السلام-: ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ)[هود: 18] يُشير عليه السلام إلى ما خصَّه اللهُ به من الوحي والعلم والحكمة. وكذا قال صالح -عليه السلام-: ( وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً)[هود: 63]. وقال تعالى عن نبيِّ الرحمة -صلى الله عليه وسلم-: ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 89]. فيا أيها الأخ المسلم: كُلَّما كنتَ قريباً من الكتاب والسنة علماً وعملاً، ودعوةً وصبراً، ورحمةً لعباد الله؛ نِلْتَ من الهدى والرحمة والبُشرى من الله -تعالى- بِقَدْرِ ذلك القُرب، والعكس بالعكس.
شاهد أيضاً إغلاق 23 يناير، 2022
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ما بزغت الشمس والقمر.
فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها" (الوابل الصيب، ص: [48]). قال ابن القيم رحمه الله.. 3- فرحه وسروره بالله: قال ابن القيم: "ورأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه في المنام، وكأني ذكرت له شيئًا من أعمال القلب ، وأخذت في تعظيمه ومنفعته -لا أذكره الآن- فقال: أما أنا فطريقتي: الفرح بالله، والسرور به، أو نحو هذا من العبارة. وهكذا كانت حاله في الحياة، يبدو ذلك على ظاهره، وينادي به عليه حاله" (مدارج السالكين: [2/174]). 4- سلامة صدره: قال ابن القيم: "كان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددتُ أني لأصحابي مثلُه لأعدائه وخصومه، وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم، وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكَّر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزَّاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام، فسرُّوا به ودعَوا له، وعظَّموا هذه الحال منه" (مدارج السالكين: [2/239]).
أحاديث ذم التُّرْك، وأحاديث ذم الخصيان، وأحاديث ذم المماليك: كلها كذب؛ كما قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (ص: 101). أحاديث الحمام بالتخفيف: قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (ص: 106): "لا يصح منها شيء... وأرفعُ شيء جاء فيها: أنه رأى رجلًا يتبع حمامة فقال: ((شيطانٌ يتبع شيطانة)) [1] ". قال ابن القيم الجوزي رحمة الله : الصلاة :. أحاديث اتخاذ الدجاج: قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (ص: 108): "وليس فيها حديث صحيح". أحاديث ذم الأولاد: قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (ص: 109): "أحاديث ذم الأولاد كلها كذِب من أولها إلى آخرها". أحاديث التواريخ المستقبلة: قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (110): "وهي كلُّ حديثٍ فيه: إذا كانت سنة كذا وكذا، حلَّ كذا وكذا". أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائل: قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (ص: 111): "لا يصح منها شيء، ولا حديث واحد، ولا يثبُتُ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه شيء، غير أحاديث صيامه، وما عداها فباطلٌ". أحاديث ذكر فضائل السور وثواب من قرأ سورة كذا فله أجر كذا من أول القرآن إلى آخره: قال ابن القيم - رحمه الله - في المنار المنيف (ص: 113): "ومنها ذكر فضائل السور وثواب مَن قرأ سورة كذا فله أجر كذا من أول القرآن إلى آخره، كما ذكر ذلك الثعلبي والواحدي في أول كل سورة، والزمخشري في آخرها، قال عبدالله بن المبارك: أظن الزنادقة وضعوها"، ثم ذكر - رحمه الله - جملة من الأحاديث التي صحَّت في ذلك.
سُئل بعض الصالحين: كيف أصبحت؟ فقال: " أصبحت وبنا من نعم الله ما لا يُحصى ، مع كثير ما يُعْصَى ، فلا ندري على ما نشكر: على جميل ما نَشَر ، أو على قبيح ما ستَر". سُئل سفيان بن أبي عيينة عن معنى قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} فقال: هو أن تعمل به وتدعو إليه وتعين فيه وتدل عليه. قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله: فالمؤمن دائماً في نعمة من ربه تقتضي شكراً وفي ذنب يحتاج إلى استغفاراً. قال الفضيل: "ترك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما". قال بعض السلف: كُنا إذا أردنا أن يُستجاب لنا ، دعونا لإخواننا في ظهر الغيب.. فإذا أردت شيئاً فإدعوا لأحد فيه حتى يكون لك مثله بدعوة ملك. قال ابن القيم رحمه الله. كل من خاف شيئاً غير الله سُلط عليه ، كما أن من أحب مع الله غيره عُذب به ، ومن رجا مع الله غيره خُذل من جهته. قال عبد الله بن وهب: "كل ملذوذ إنما له لذة واحدة، إلا العبادة، فإن لها ثلاث لذات: إذا كنت فيها.. وإذا تذكرتها.. وإذا أعطيت ثوابها". عن الحسن رحمه الله قال: يومان وليلتان لم تسمع الخلائق بمثلهنّ قطّ: ليلة تبيت مع أهل القبور ولم تبت ليلة قبلها ، وليلة صبيحتها يوم القيامة ، ويوم يأتيك البشير من اللّه تعالى، إمّا بالجنّة أو النّار، ويوم تعطى كتابك بيمينك وإمّا بشمالك.