وقوله: ( الْمُؤْمِنُ) يعني بالمؤمن: الذي يؤمن خلقه من ظلمه. وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( الْمُؤْمِنُ): أمن بقوله أنه حقّ. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( الْمُؤْمِنُ): آمن بقوله أنه حقّ. حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جُوَيبر عن الضحاك ( الْمُؤْمِنُ) قال: المصدق. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: ( الْمُؤْمِنُ) قال: المؤمن: المصدّق الموقن، آمن الناس بربهم فسماهم مؤمنين، وآمن الربّ الكريم لهم بإيمانهم صدّقهم أن يسمى بذلك الاسم. الله لا اله الا هو له الاسماء الحسنى. وقوله: ( الْمُهَيْمِنُ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: المهيمن الشهيد. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( الْمُهَيْمِنُ) قال: الشهيد، وقال مرّة أخرى: الأمين. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( الْمُهَيْمِنُ) قال: الشهيد. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( الْمُهَيْمِنُ) قال: أنـزل الله عزّ وجلّ كتابًا فشهد عليه.
الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، فالحي القيوم من أسماءه الحسنى بالاتفاق، ويدلان بأنواع الدلالة المعروفة التي نُكررها في الكلام على أسماء الله الحسنى فالحي له الحياة الكاملة التي تستلزم جميع صفات الذات كالسمع والبصر والعلم والقدرة ونحو ذلك، والقيوم كما ذكرت القائم بنفسه مُقيم لغيره وهذا يستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها -تبارك وتعالى، الأفعال الكاملة كالاستواء والنزول والكلام والرزق والإماتة والتدبير وما أشبه ذلك كل هذا يرجع إلى قيوميته. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ هذا فيه تدرج من الناحية الطبيعية، فالسِنة تكون قبل النوم فذكرها قبله، وهو تدرج من الأدنى إلى الأعلى فكأنه قال: لا تأخذه سِنة فكيف بالنوم، فهذا أبلغ في التأكيد: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ. وكذلك أيضًا يمكن أن يُقال بأن السِنة قُدمت على النوم باعتبار التدرج في النفي فنفى الأدنى؛ ليكون ذلك لنفي الأعلى، يعني: قد يقول قائل لو نُفي النوم ثم ذُكرت السِنة بعده، فقد يقول قائل: إن نفي النوم يكون نفيًا لمقدماته، فكان ذلك من قبيل التدرج فنُفي الأسهل ثم الأعلى، وهكذا من الناحية الوجودية، فالسِنة قبل النوم.
(29) 18472- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إني أراكم بخير) ، قال: في دنياكم، كما قال الله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ، سماه " خيرًا " لأن الناس يسمون المال " خيرًا ". * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما أخبر الله عن شعيب أنه قال لقومه، وذلك قوله: (إني أراكم بخير) ، يعني بخير الدنيا. وقد يدخل في خير الدنيا ، المال وزينة الحياة الدنيا ، ورخص السعر ، ولا دلالة على أنه عنى بقيله ذلك بعض خيرات الدنيا دون بعض، فذلك على كل معاني خيرات الدنيا التي ذكر أهل العلم أنهم كانوا أوتوها. * * * وإنما قال ذلك شعيب، لأن قومه كانوا في سعة من عيشهم ورخص من أسعارهم ، كثيرة أموالهم، فقال لهم: لا تنقصوا الناس حقوقهم في مكاييلكم وموازينكم، فقد وَسَّع الله عليكم رزقكم، ، (وإني أخاف عليكم) ، بمخالفتكم أمر الله ، وبَخْسكم الناس أموالهم في مكاييلكم وموازينكم ، (عذاب يوم محيط) ، يقول: أن ينـزل بكم عذاب يوم محيط بكم عذابه. الله لا اله الاهو الحي القيوم لا تاخذه سنه. فجعل " المحيط" نعتًا لليوم، وهو من نعت " العذاب " ، إذ كان مفهومًا معناه، وكان العذاب في اليوم، فصار كقولهم: " بعْض جُبَّتك محترقة ". (30) ------------------- الهوامش: (27) الأثر: 18467- " الذيال بن عمرو " ، هكذا جاء هنا بالذال معجمة ، وقد سلف في رقم: 14445 ، وتعليقي عليه ، وتعليق أخي السيد أحمد رحمه الله ، في ج 12: 589 ، رقم: 7 ، " الزباء بن عمرو " ، وفي ابن كثير: " الديال " بدال مهملة ، ولم نستطع أن نعرف من يكون.
تاريخ النشر: ١٢ / رجب / ١٤٣٧ مرات الإستماع: 1250 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: يقول الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة الكريمة سورة البقرة: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [سورة البقرة:255]. اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، الله الذي لا يستحق العبادة سواه فله الإلهية وحده، وله العبودية عبودية الخلق، لا معبود بحق سواه، وهو الحي الذي له جميع معاني الحياة الكاملة بما يليق بجلاله وعظمته، وهو القيوم القائم بنفسه، المُقيم غيره، القائم على خلقه بآجلهم، وأرزاقهم، وأعمالهم، لا تأخذه سنة نُعاس مقدمات النوم، ولا يأخذه نوم.
♦ الآية: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: سورة آل عمران (18). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ شهد الله ﴾ بيَّن وأظهر بما نصب من الأدلَّة على توحيده ﴿ أنَّه لا إله إلاَّ هو والملائكة ﴾ أَيْ: وشهدت الملائكة بمعنى: أقرت بتوحيد الله ﴿ وأولو العلم ﴾ هم الأنبياء والعلماء من مؤمني أهل الكتاب والمسلمين ﴿ قائماً بالقسط ﴾ أَيْ: قائماً بالعدل يُجري التَّدبير على الاستقامة في جميع الأمور.
ورحمتي سبقت غضبى يا لها من مكتبة عظيمة النفع ونتمنى استمرارها أدعمنا بالتبرع بمبلغ بسيط لنتمكن من تغطية التكاليف والاستمرار أضف مراجعة على "ورحمتي سبقت غضبى" أضف اقتباس من "ورحمتي سبقت غضبى" المؤلف: هالة حمدى الأقتباس هو النقل الحرفي من المصدر ولا يزيد عن عشرة أسطر قيِّم "ورحمتي سبقت غضبى" بلّغ عن الكتاب البلاغ تفاصيل البلاغ
إن رحمتي غلبت غضبي ________________________________________ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي فتح الباري بشرح صحيح البخاري قوله: ( لما قضى الله الخلق) أي خلق الخلق كقوله تعالى ( فقضاهن سبع سماوات) أو المراد أوجد جنسه, وقضى يطلق بمعنى حكم وأتقن وفرغ وأمضى. قوله: ( كتب في كتابه) أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ, وقد تقدم في حديث عبادة بن الصامت قريبا " فقال للقلم اكتب " فجرى بما هو كائن " ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب اللفظ الذي قضاه, وهو كقوله تعالى ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي).
هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) قوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما. قوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم قال ابن عباس: لما نزل إن الله وملائكته يصلون على النبي قال المهاجرون والأنصار: هذا لك يا رسول الله خاصة ، وليس لنا فيه شيء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قلت: وهذه نعمة من الله تعالى على هذه الأمة من أكبر النعم ، ودليل على فضلها على سائر الأمم. وقد قال: كنتم خير أمة أخرجت للناس. والصلاة من الله على العبد هي رحمته له وبركته لديه. وصلاة الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم ، كما قال: ويستغفرون للذين آمنوا وسيأتي. وفي الحديث: أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام: أيصلي ربك جل وعز ؟ فأعظم ذلك ، فأوحى الله جل وعز: ( إن صلاتي بأن رحمتي سبقت غضبي) ذكره النحاس. وقال ابن عطية: وروت فرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: يا رسول الله ، كيف صلاة الله على عباده. قال: ( سبوح قدوس - رحمتي سبقت غضبي). رحمتي سبقت غضبي - موقع مقالات إسلام ويب. واختلف في تأويل هذا القول ، فقيل: إنه كلمة من كلام الله تعالى وهي صلاته على عباده.
ومع هذا؛ فإن رحمة الله السابقة أكثر من أن يحيط بها الوصف " انتهى من"شرح صحيح البخاري" (10 / 488 - 489). فالعباد سبقت إليهم رحمة الله تعالى الدينية والدنيوية؛ ولا يحلقهم غضبه سبحانه إلا إذا تمادوا في عدم شكر هذه الرحمة، ولم يتوبوا من هذا التمادي، فإن تابوا رفعت عنهم آثار الغضب. كما في قوله تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ، وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى طه /82. ولا يحل عليهم الغضب بسبب كفران النعم، إلا بعد سبق رحمة الإنذار والبيان. قال الله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا الإسراء/15. والمعنى الثاني: أن رحمته تعالى بخلقه، حتى العصاة والكفار منهم: أغلب من غضبه سبحانه عليهم. ويدل لهذا رواية الإمام مسلم (2751): إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي. إن رحمتي سبقت غضبي. قال الشيخ عبد الرحمن البراك: " السبق يراد به التقدم في الزمان، ويراد به الغلبة... والأظهر في سبق الرحمة المعنى الثاني، ويؤيده أن الحديث ورد بلفظ: ( إن رحمتي تغلب غضبي). والرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان: صفة ذاتية، وصفة فعلية.
يقولُ ابنُ بَطَّالٍ رحمهُ الله تعالى: وَلَولَا هَذَا التَّفَضُّلُ العَظِيمُ لمْ يَدْخِلْ أحَدٌ الجَنَّةَ؛ لِأنَّ السَّيِّئَاتِ مِنَ العِبَادِ أكْثرُ مِنَ الحَسَنَاتِ، فَلَطَفَ اللهُ بِعِبَادِهِ بِأنْ ضَاعَفَ لهمُ الحَسَنَاتِ، وَلَمْ يُضَاعِفْ عَلَيْهِمُ السَّيِّئاتِ.
ووَجه المُناسَبةِ بين بَدءِ الخَلقِ وسَبقِ الرَّحمةِ: أنَّ العِبادَ مَخلوقون للعِبادةِ شُكرًا للنِّعَمِ الفَائضةِ عَليهِم، ولا يَقدِرُ أحدٌ على أداءِ حقِّ الشُّكرِ، وبَعضُهُم يُقصِّرُ فيه؛ فسَبَقَت رَحمَتُه في حقِّ الشَّاكرِ بأن وفَّى جَزاءه. والمُرادُ بالعَرشِ: عَرشُ الرَّحمنِ الذي استَوى عليه جَلَّ جَلالُه، وهو أعلى المَخلوقاتِ وأكبَرُها وأعظَمُها، وَصَفَه اللهُ بأنَّه عَظيمٌ، وبأنَّه كَريمٌ؛ فوَصَفَه بالحُسنِ من جِهةِ الكَمِّيةِ، وبالحُسنِ من جِهةِ الكَيفيَّةِ. وفي الحديثِ: دَليلٌ على استواءِ اللهِ تَعالَى على عرشِه، وعُلُوِّه على خَلقِه. وفيه: بيان سَعَةِ رَحمةِ الله، وكَثرةِ فضلِه في حِلمِه قبلَ انتِقامِه، وعَفوِه قبلَ عُقوبَتِه. وفيه: إثباتُ صِفَتَيِ الرَّحمةِ والغَضَبِ لله سُبحانَه وتَعالَى، من غَيرِ تَشبيهٍ ولا تَمثيلٍ ولا تعطيلٍ. الدرر السنية. وفيه: إثباتُ تَفاضُلِ صِفاتِ اللهِ تَعالَى؛ فقد وَصَف رَحمَتَه بأنَّها تَغلِبُ وتَسبِقُ غَضَبَه، وهذا يَدُلُّ على فَضلِ رَحمَتِه على غَضَبِه من جِهةِ سَبقِها وغَلَبَتِها.
وقال الطيبي في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب وأنها تنالهم من غير استحقاق وأن الغضب لا ينالهم إلا باستحقاق, فالرحمة تشمل الشخص جنينا ورضيعا وفطيما وناشئا قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة, ولا يلحقه الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق معه ذلك. نفعنا الله واياكم بهذا الحديث