عن مجاهد قال يعني "إذا قيل لهم لا تفعلوا كذا وكذا قالوا إنما نحن على الهدى مصلحون"، وعن ابن عباس "انهم يقولون إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب". 2- ومن صفاتهم أنهم مذبذبون: ( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ)، فلا هم مع المؤمنين ظاهراً وباطناً ولا هم مع الكافرين ظاهراً وباطناً، بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين، قال ابن كثير: وقال مجاهد: مذبذبين بين أصحاب محمد وبين اليهود. عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول. عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: « مثل المنافقين كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة والى هذه مرة ولا تدري أيهما تتبع ». 3- ومن صفاتهم أنهم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين: قال سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا).
المنافقون بقلم: علي أبو سمرة – يطا قال تعالى في كتابه العزيز: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ). إنه ما من شك في أن الحرب معلنة ومتأججة بين الإسلام والكفر منذ أن نزل الأمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجهر بدعوته، سواء أكانت هذه الحرب فكرية أم عسكرية، واستمرت هذه الحرب وستستمر ما دام هناك إسلام وكفر، وسيبقى سيف الإسلام مُصْلَتاً على الكفر بكل أشكاله حتى يُزهَق الباطل ويتقهقر. ولا يَغرنَّ المغرورين والمضبوعين بعضُ الجولات التي يبرز فيها الكفر وكأنه منتصر، فهي جولات لا تعمَّر، ولا تحسب في عمر التاريخ، وقد ينتج عنها صيانة لكيان الأمة في بعض الأوقات. من هو الصحابي الملقب ببحر الجود والكرم - تريند الساعة. إن الكفّار لا يألون جهداً في انقضاضهم على المسلمين، وقد حاولوا ذلك كثيراً في تاريخ الإسلام. وقد أخبرنا الله تعالى أنهم حال ظهورهم على المسلمين لا يحافظون على عهد ولا ميثاق، قال تعالى: ( كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً). فهم يستخدمون منتهى قدرتهم واستطاعتهم في القضاء على هذه الأمة.
لذلك، جهز الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين لفتح مكة، وبالرغم من معرفة أم حبيبة لهذا السر، إلا أنها لم تخبر أباها، وحافظت على سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر المسلمين. ففتح المسلمون مكة، ودخل العديد من المشركين في دين الله، وأسلم أبو سفيان، فتكاملت أفراح أم حبيبة وشكرت الله على هذا الفضل العظيم. وفي هذا الموقف إشارة إلى أنه يجب على المرأة المسلمة حفظ سر زوجها، وعدم البوح به حتى لأقرب الناس إليها، فهناك العديد من النساء اللاتي يشركن الأهل في حل المشاكل الزوجية، والكثير من هؤلاء النسوة يطلقن بسبب إفشائهن للسر وتدخل الأهل. من هي رملة بنت أبي سفيان - سطور. لذلك يجب على الزوجة الصالحة المحافظة على بيت الزوجية وعدم البوح بالأسرار. دورها في رواية الحديث الشريف: روت أم حبيبة {رضي الله عنها} عدة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم. بلغ مجموعها خمسة وستين حديثاً، وقد اتفق لها البخاري ومسلم على حديثين. فلأم حبيبة{ رضي الله عنها} حديث مشهور في تحريم الربيبة وأخت المرأة،" فعن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له هل لك في أختي بنت أبي سفيان فقال أفعل ماذا قلت تنكحها قال أو تحبين ذلك قلت لست لك بمخلية وأحب من شركني في الخير أختي قال فإنها لا تحل لي قلت فإني أخبرت أنك تخطب درة بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة قلت نعم قال لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن".
وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لهل: مثل ذلك ، وفي هذا إشارة إلى ما يجب على المسلمين أن يفعلوه قبل ساعة الموت، ألا وهو التسامح والمغفرة، كما فعلت أم حبيبة مع أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن أجمعين
وأما إسهامها في باب الرواية ، فقد روت عدداً من الأحاديث النبوية ، منها ما جاء في "الصحيحين": أنه لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث ، فمسحت عارضيها وذراعيها ، وقالت إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا). ولما أحسّت بقرب رحيلها دعت عائشة رضي الله عنها وقالت لها: " قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر ، فهل لك أن تحللينني من ذلك ؟ " ، فحلّلتها واستغفرت لها فقالت لها: " سررتِني سرّك الله " ، وأرسلت إلى أم سلمة رضي الله عنها بمثل ذلك ، ثم ماتت رضي الله عنها سنة أربع وأربعين للهجرة بالمدينة ، وقد بلغت من العمر اثنان وسبعون سنة ، فرضي الله عنها وأرضاها ، وجعل الجنة مأواها.
أما إبراهيم فقد أنجبه من السيدة مارية القبطية المصرية، وذلك يُعدُّ شرفًا لأهل مصر التي أوصي النبي صلى الله عليه وسلم بها خيرًا، وهي من الأمور التي تتابع على ذكرها وإثباتها أئمة المسلمين ومحدِّثوهم ومؤرخوهم عبر القرون سلفًا وخلفًا؛ انطلاقًا من الأدلة الشرعية الصحيحة والثابتة في ذلك، فضلًا عن ذِكر مصر في القرآن صراحة أكثر من 30 مرة، بشكل صريح، ومرات عديدة تلميحًا كما حقَّق ذلك كثير من العلماء منهم الإمام السيوطي في كتابه "حسن المحاضرة". ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوَّج بعد السيدة خديجة بالسيدة سودة بنت زمعة وكانت أرملة؛ لحاجة بناته الأربع إلى أمِّ بديلة ترعاهنَّ وتُبَصِّرهن بما تُبَصِّر به كل أم بناتها، ثم تزوَّج النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأرامل الشهداء الذين قُتِلُوا في جهاد المسلمين للمشركين، مثل حفصة بنت عمر بن الخطاب، والسيدة زينب بنت خزيمة، والسيدة أم سلمة هند بنت أمية لتطييب نفوسهن، ورعاية لأولادهن، فكان هذا تعويضًا من الله عزَّ وجلَّ لهنَّ. وأردف فضيلته: وكان زواجه من السيدة عائشة رضي الله عنها كان بوحي وكانت البِكر الوحيدة فيهن، حيث رأى في المنام أنه تزوجها، ورؤيا الأنبياء وحي، كما تزوج السيدة جويرية بنت الحارث رضى الله عنها؛ فأعتق- إكرامًا لها- مائةَ أهلِ بيتٍ من عائلتها بني المصطلق من الأسر والسبي.
[٤] أم حبيبة مع أبيها أبي سفيان في حادثة فتح مكَّة دخل أبو سفيان على ابنته أمُّ حبيبة -رضي الله عنها- مستشفعًا بها لزيادة الهدنة ووقت الصُّلح ، فأراد الجلوس مكان رسول الله -صلى الله علي وسلّم-، فمنعت أم حبيبة -رضي الله عنها- حدوث ذلك؛ فلم يكن قد أسلم بعد، فاستنكر أبو سفيان -رضي الله عنه- ذلك، فأجابته -رضي الله عنها- بأنَّه مشركٌ نجسٌ، ولا تحبُّ أن يجلس على فراش رسول الله -صلى الله علي وسلّم-، فكان هذا الموقف له وقعٌ شديدٌ على نفس أبي سفيان، ولم يكن يتصوَّره من ابنته، فقال لها: "وَاللهِ لَقَدْ أَصَابَكَ بَعْدِي يَا بُنَيَّة شَرٌّ ثُمَّ خَرَجَ خَجِلاً مُضَعْضَعَ النَّفْسِ مَكْلُومَ الْفُؤادِ". [٥] مواقف لوفاة أم حبيبة قيل في وفاتها - رضي الله عنها- إنَّها توفِّيت في سنة اثنتين وأربعين للهجرة، وقيل في سنة أربعٍ وأربعين للهجرة، في فترة خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-. [٦] كما قيل إنَّها توفِّيت قبل أخيها معاوية بسنةٍ؛ أي في عام تسع وخمسين للهجرة، [٧] وعندما حضرتها الوفاة -رضي الله عنها-، قالت لعائشة بنت أبي بكر وأم سلمة -رضي الله عنهما- بأن تسامحاها إن كان قد صدر منها شيء كان قد أزعجهما، فقالتا: "عفونا عنك"، فقالت: "رضيتا عني فرضي الله عنكما"، [٨] وقد تفرَّغت -رضي الله عنها- للعبادة بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.