أرجو من فضيلتكم توضيح معنى " الحرام لغيره ", هل يعني – مثلًا – إذا أحدهم أكل الطعام بشماله يحرم ذلك الطعام عليه لكون الأكل بالشمال حرامًا؟. الحمد لله أولًا: أ. يقسَّم الحرام عند الأصوليين والفقهاء تقسيمات كثيرة، ومما يفيدنا هنا ذكره: تقسيم الحرام باعتبار الذوات، ويدخل تحته: الحرام لذاته، وهو ما حُرِّم لمفسدة خالصة، كالزنا، أو راجحة، كشرب الخمر. الحرام لغيره، وهو ما أذِنَ به الشارعُ، ومُنِع باعتبار آخر كالبيع والشراء بعد النداء للجمعة لما في مزاولته تفويت الجمعة، وخطبة الرجل على خطبة أخيه لما فيه من إيغار الصدور، فهذه الأمور إما في ذاتها مطلوبة، أو مباحة، ولكن اقترن بها ما يصيِّرها حرامًا. ب. والفرقُ بين الحرام لغيره والحرام لذاته: 1. ما معنى بيت الله الحرام - موضوع. الحرام لذاته: الخلل في نفسه، والحرام لغيره: الخلل لوصف عارض طرأ عليه، لولاه كان جائزًا. الحرام لذاته: مشتمل على مفسدة ملازمة له، والحرام لغيره: متصف بمفسدة عارضة. الحرام لذاته: متعلق باعتبار واحد وهو التحريم، والحرام لغيره: متعلق به اعتباران، متى انفصل أحدهما تخلف التحريم. الحرام لذاته: قبيحٌ بعينه، كالزنا، والحرام لغيره: قبحُه بتعلق شيء عارض، كوطء الزوجة في حيضها.
وعليه فهنا احتمالان لما هو المراد من الفقرة المذكورة: الاحتمال الاول: انَّ مراد الائمة (ع) من قولهم: "إنَّما الحرام ما حرَّمه الله في كتابه" "أو في القرآن" هو انَّ كلَّ شيءٍ أدُّعيت حرمتُه فكان مورداً للخلاف بين المسلمين فالمرجعُ فيه هو كتابُ الله تعالى، فانْ كان كتابُ الله قد حرَّمه فهو حرام وإلا فلا يصحُّ البناء على حرمتِه، فالحرامُ في موارد عدم التثبُّت من الحرمة هو خصوص ما حرَّمه اللهُ تعالى في كتابه، فالحصر هنا بالاضافة إلى الشيء الذي لم يُتثبَّت من حرمته. وهذا الاحتمال يتناسب مع معتبرة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرٍ (ع)، فالعامَّة كانت تدَّعى حرمة الحمُر الاهليَّة والإمام (ع) أفاد انَّه لم تثبت الحرمة عن النبيِّ (ص) وأمَّا نهيُه عنها في خيبر فكان لمصلحةٍ وقتية وحيثُ انَّ العامَّة يدَّعون غير ذلك فالمرجعُ في فصل هذا الخلاف هو كتابُ الله، فالحرامُ في كلِّ هذه الموارد هو ما حرَّمه اللهُ في كتابه. الاحتمال الثاني: انَّ مرادَهم (ع) من القول: "إنَّما الحرام هو ما حرَّمه الله في كتابه" هو انَّ الحرام من الأطعمة هو ما وردت حرمتُه في القرآن إمَّا بالتنصيص عليه بعنوانه أو لكونِه داخلاً تحت أحد العمومات كقوله تعالى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ﴾ أو كان واجداً لأحد مِلاكات الحرمة المُستنبَطة من مفاد الأيات.
بتصرّف. ↑ رواه ابن مفلح، في الآداب الشرعية، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:3/413، صحيح. ↑ جمال الدين الجوزي (1995)، مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن (الطبعة 1)، صفحة 359، جزء 1. بتصرّف. ^ أ ب سعيد حوَّى (1994)، الأساس في السنة وفقهها العبادات في الإسلام (الطبعة 1)، صفحة 2747، جزء 6. بتصرّف. ↑ "متى فرض الحج إلى بيت الله الحرام ؟" ، إسلام اون لاين ، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2021. بتصرّف.