وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) وقوله: ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) يقول تعالى ذكره وإن هذا القسم الذي أقسمت لقسم لو تعلمون ما هو، وما قدره، قسم عظيم من المؤخر الذي معناه التقديم، وإنما هو: وأنه لقسم عظيم لو تعلمون عظمه.
وإما أن يكون جوابها مقدرا ، فيكون المعنى: أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم عظيم لو كان عندكم علم نافع ، لعظمتموه ، ولآمنتم بما أقسمنا عليه ، ولكنكم لم تعظموه ولم تؤمنوا لجهلكم ، ولانطماس بصائركم. البغوى: "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" ابن كثير: وقوله "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به عليه. القرطبى: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم وحكى الفراء عن ابن مسعود أن مواقع النجوم هو محكم القرآن. وقرأ حمزة والكسائي " بموقع " على التوحيد ، وهي قراءة عبد الله بن مسعود والنخعي والأعمش وابن محيصن ورويس عن يعقوب. الباقون على الجمع فمن أفرد فلأنه اسم جنس يؤدي الواحد فيه عن الجمع ، ومن جمع فلاختلاف أنواعه. «وإنه لقسم لو تعلمون عظيم» | صحيفة الاقتصادية. الطبرى: وقوله: ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) يقول تعالى ذكره وإن هذا القسم الذي أقسمت لقسم لو تعلمون ما هو، وما قدره، قسم عظيم من المؤخر الذي معناه التقديم، وإنما هو: وأنه لقسم عظيم لو تعلمون عظمه. ابن عاشور: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76(والفاء لتفريع القَسم على ما سبق من أدلة وقوع البعث فإن قوله: { قل إن الأولين والأخرين لمجموعون} [ الواقعة: 49 ، 50] ، إخبار بيوم البعث وإنذار لهم به وهم قد أنكروه ، ولأجل استحالته في نظرهم القاصر كذبوا القرآن وكذّبوا من جاء به ، ففرع على تحقيق وقوع البعث والإِنذار به تحقيق أن القرآن منزه عن النقائص وأنه تنزيل من الله وأن الذي جاء به مبلغ عن الله.
قال بعض العلماء: إن هذه النجوم والكواكب، التي تزيد على عدة بلايين نجم، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة، وما يمكن أن تحس به الأجهزة، دون أن تراه كلها تسبح فى الفلك الغامض ولا يوجد أى احتمال أن يقترب مجال مغناطيسى لنجم، من مجال نجم آخر، أو يصطدم بكوكب آخر. ما المقصود بمواقع النجوم , وأنه قسم لو تعلمون عظيم ؟ – نليون. ومن العلماء من يرى أن المراد بمواقع النجوم أوقات نزول القرآن نجما نجما، وطائفة من الآيات تلى طائفة أخرى، قال ابن كثير: واختلفوا في معنى قوله: بمواقع النجوم ـ فعن ابن عباس أنه يعني نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر، من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا بعد ذلك، وعن قتادة: مواقع النجوم ـ منازلها، وقال مجاهد: مطالعها ومشارقها، وعن الحسن: انتشارها يوم القيامة. ويبدو لنا أن تفسير النجوم هنا، بنجوم السماء هو الأرجح، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة. وعلى كل، فالقسم المذكور عظيم حقا فإنه إن أريد به نزول القرآن فعظمته واضحة، وإذا أريد النجوم المعروفة فهي عظيمة لما فيها من مظاهر عظمة الله الدالة على قدرته، ففي تفسير البيضاوي: إن الله تعالى عظم هذا القسم لما في المقسم له من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرِمة: إن القرآن نـزل جميعًا، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نـزل جميعًا في ليلة القدر. حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مجاهد ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) قال: هو مُحْكَم القرآن. حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها. حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) أي مساقطها. وقال آخرون: بل معنى ذلك: بمنازل النجوم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) قال: بمنازل النجوم.
اهـ. والله أعلم.